كورونا لا يمنع الخير.. مواطنون يروون كيف تغلبوا على الأزمة لنيل ثواب إفطار صائم
سلوكيات إنسانية، وروحانيات تتجلي في شهر رمضان الكريم وخاصةً في مصر، أبرزها التنافس بين الناس على نيل ثواب إفطار صائم عن طريق إعداد المشروبات، أو تحضير الوجبات السريعة وتوزيعها قبل رفع أذان المغرب بدقائق معدودة، كل هذه طقوس مصرية لا يخلو شهر رمضان منها.
ولكن بعد جائحة فيروس كورونا المستجد الذي حل على مصر ومحافظاتها، ما جعل الحكومة تتخذ إجراءات وقائية صارمة، من أجل الحفاظ على حياة وسلامة المواطنين وللحد من انتشار الفيروس، هل ستتغير تلك الطقوس وهل سيستمر الناس في التنافس فيما بينهم على توزيع الوجبات والمشروبات وإعداد شنط رمضان أم سيمنعهم فيروس كورونا المستجد والخوف من انتقال العدوى من عمل الخير؟.
استعرضت "الدستور" في السطور التالية جانب من مواطنين لم يمنعهم فيروس كورونا من عمل الخير والحفاظ على عاداتهم في إطعام الصائمين والأسر المحتاجة، مؤكدين أنهم يأخذون التدابير اللازمة في الحفاظ على حياتهم وحياة غيرهم أثناء مرحلة الإعداد.
• الجمال: تطهير وتعقيم الأفراد قبل البدء في طهي الطعام
عمر الجمال، من أبناء الاسكندرية، اعتاد هو وزملائه على توزيع الطعام والمشروبات في الشهر الكريم، ولم يختلف الحال معه في هذا العام على إثر انتشار فيروس كورونا في أنحاء العالم بل وفي محافظات مصر، قائلًا: "كل سنة بنعمل اللي نقدر عليه، مهما كان بسيط ومهما كانت مقدرتنا أيه المهم إننا بنحاول نشارك بالخير للأسر المحتاجة في الشهر الكريم".
ويضيف الجمال: "السنة دي قررنا نتوسع في الخير اللي بنقدمه، وبدأ الموضوع بتبرع أحد الزملاء بمطبخ وجميع لوازمه التي سنحتاجها لطهي الطعام، وبدأ كل واحد يشارك بحاجة اللي قال هيشارك بالمجهود والطبخ واللي هيشارك بالفلوس وشراء الطعام.. وهكذا، والموضوع كان سهل واتيسر من عند ربنا".
أكد "الجمال"، أن الأشخاص الذين يقفون في المطبخ يعقمون أنفسهم قبل لمس أي شيء في الطعام أو أدوات المطبخ، ومن ثم يبدأون في تطهير الأدوات بالمنظفات والكلور مغسلها بالماء جيدًا، موضحًا أن لا أحد يدخل المطبخ أثناء طهي الطعام سوى الأشخاص المكلفين بتحضير الوجبات: " كل حاجة بتتعقم وتطهر قبل استخدامها عشان منأذيش حد؛ لأن غرضنا في الأول والآخر هو الخير".
وذكر "الجمال" أن توزيع الوجبات على الأسر المحتاجة يتم في اليوم نفسه قبل ميعاد الإفطار بوقت مناسب، مستطردًا أنهم يقصدون مناطق وأحياء مختلفة في كل يوم منذ بداية شهر رمضان، مؤكدًا أن المجموعة التي تقوم بالتوزيع ترتدي كمامات وقفازات، ويحافظون على وجود مسافات آمنة مع الناس عند طرق أبوابهم لإعطائهم الطعام.
• داليا: تطوعت صديقتنا بالمواد المطهرة لتعقيم أيدينا وشنط رمضان قبل توزيعها
داليا عمرو، من أبناء القاهرة، أكدت أن فيروس كورونا المستجد لم يؤثر على رغبتها هي وأفراد أسرتها وأصحابها في توزيع شنط رمضان هذا العام، موضحة أن الفيروس المستجد جعل الناس تأخذ احتياطاتها أكثر من ذي قبل ولكن لن يمنع النس من عمل الخير، معلقة "بقينا بنعقم كل حاجة بالكحول وبنطهر نفسنا باستمرار، ولازم نتعايش مع الفيروس ونأخذ حذرنا وكافة الإجراءات الوقائية المتاحة".
تواصل "عمرو": "قررنا السنة دي أننا نشترك أنا وصحابي ونشتري شنط رمضان جاهزة من تجار الجملة، على أن تكون الشنطة الواحدة بها طعام يكفي أغراض الأسرة، وابتعدنا عن تجهيز الطعام أو المشروبات في البيت منعًا للتلوث، فكرنا أن في الظروف اللي الكل خايف فيها من فيروس كورونا، أننا نوفر للأسر احتياجاتهم مغلفة وهم يقوموا بالطهي وعمل المشروبات بأيديهم، قولنا بالشكل دا يكون الوضع آممن وأنضف للجميع".
وأكدت "عمرو" أن إحدى صديقاتها في الفريق تطوعت بالمواد المطهرة من الكحول وغيره، لتطهير كافة شنط رمضان التي قاموا بشرائها من أجل توزيعها على الأسر الأكثر احتياجًا، موضحة أن المنطقة التي استهدفوها لتوزيع الشنط كانت الدرب الأحمر، وبعدما تأكدوا من تغطية احتياجات تلك المنطقة قام كل عضو في هذا الفريق بتوزيع شنط رمضان في منطقته: "ارتدينا القفازات عند توزيع الشنط على الناس، وكنا بنعقم أيدينا وكل لوازم الشنط بالكحول، وكذا حافظنا على مسافة كافية عند التوزيع".
• أبو الخير: بنوزع أنا وزوجتي الأنواع اللي بنشتريها في بيتنا
رمضان أبو الخير، ثلاثيني من الجيزة، يؤكد أنه منذ سنوات أصبحت عادة عنده هو وأصدقاءه أن يقوموا بتوزيع المشروبات والطعام في شهر رمضان من كل عام، موضحًا أن عدد المتطوعين للمشاركة في أعمال الخير كانت كبيرة كل عام، ولكن أثر فيروس كورونا اللعين على مظاهر شهر رمضان هذا العام، إذ اختلف الوضع هذا العام بعض الشيء، فقد اقتصر العمل عليه هو وزوجته واثنين من أصحابه فقط.
وذكر "أبو الخير" أن مشاركتهم بالخير أيضًا اختلفت هذا العام، فقد قرروا أن يساهموا في الشهر الكريم بتوزيع شنط رمضان فقط، وابتعدوا تمامًا عن تحضير الوجبات أو المشروبات السريعة، مضيفًا أنه يقوم بشراء لوازم شنط رمضان من أحد تجار الجملة حتى يستطيع أن يشترى أكبر كميات ممكنة ومن ثم يقوم بتوزيعها بالتساوي على جميع الشنط حتى لا يكون هناك أي اختلاف أو تمييز: "أنا بشتري أنا وزوجتي من نفس الأنواع والأسعار اللي بشتريها لبيتي".
ويضيف "أبو الخير": "في ناس بتحب تشارك معانا وطبعًا مش بنرفض، وبننزل سوا نبدأ نوزع على الناس اللي محتاجة فعلًا، بنكون واخدين كافة احتياطاتنا لما بننزل الشارع، ولما بنوصل للبيوت بنخبط على الباب وننتظر بعيدًا، ونعيد على الأسرة بحلول الشهر الكريم ونترك اللي فيه النصيب وبنمشي على طول".