رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الطاروطى: 3 جنيهات أول أجر تقاضيته من التلاوة.. ونبحث عن الموهوبين

الشيخ عبدالفتاح الطاروطى
الشيخ عبدالفتاح الطاروطى

قال الشيخ عبدالفتاح الطاروطى إن أغلب عباقرة قراءة القرآن الكريم غيّبهم الموت ما دفع إذاعة القرآن الكريم لإرسال لجان للمحافظات للبحث عن المواهب الجديدة، مشيرًا إلى أنه أنشأ «معهد الطاروطى للقراء والمبتهلين» من أجل العناية بالنشء والارتقاء بمستواهم.
وأشار «الطاروطى»، فى حواره مع «الدستور»، إلى أن أكثر من ٢٠ قارئًا إذاعيًا دشنوا حملة لتوعية المواطنين بخطورة فيروس كورونا، وطرق الوقاية، مضيفًا: «لسنا أقل من نجوم الرياضة والفن الذين يدشنون حملات».

■ بداية.. كيف بدأت مسيرتك فى قراءة القرآن؟
- التحقت بإذاعة القرآن الكريم عام ١٩٩٣، وأعتبر نفسى من الرعيل الثالث من القراء المصريين، وفى مبنى الإذاعة التقيت نجوم الرعيل الثانى من القراء المصريين العباقرة، وعلى رأسهم الدكتور أحمد نعينع والشيخ محمود الحصان والشيخ محمد الليثى والشيخ أنور الشحات.
وأما عن الرعيل الأول فكان يضم الشيخ محمود خليل الحصرى والشيخ محمود البنا والشيخ عبدالباسط عبدالصمد.
حينها كانت الإذاعة لا تعتمد إلا القراء المتميزين، لأنها كانت مليئة بالعباقرة ولا تحتاج للمزيد، ولكن الآن اختلف الأمر، وبدأت الإذاعة ترسل لجانًا للمحافظات للبحث عن المواهب الجديدة، لأن أغلب العباقرة غيبهم الموت.
كانت علاقتى بقراء الرعيل الثانى وطيدة جدًا، فبيننا محبة صافية، وكانوا يزوروننى فى المنزل، وأقرب صديقين إلى قلبى هما الشيخ الشحات أنور والشيخ محمد الليثى، وكل منهما أعتبره أبًا بالنسبة لى.
قراء الرعيلين الثانى والثالث هم أصدقائى وأحبتى، والقراء الشباب أبنائى، وأحرص حاليًا على تبنى الكثير من المواهب، وذلك بإنشاء معهد الطاروطى للقراء والمبتهلين، من أجل العناية بالنشء والارتقاء بمستواهم ولتستمر دولة التلاوة قائمة بقوة على أساس من العلم والمعرفة والدراسة المتخصصة على يد خبراء فى فن التجويد وفن الدراسة الصوتية والأخلاقيات والسلوكيات، ونقدم فى المعهد محاضرات طبية خاصة بالأنف والحنجرة والصدر.
■ ماذا عن ذكرياتك مع الشيخين أنور والليثى؟
- عندما كانت سنى ١٤ عامًا كنت أقرأ القرآن إلى جوار الشيخ محمد الليثى فى عزاء، وبعد انتهاء العزاء عرض علىّ توصيلى لمنزلى بسيارته، وهذا الموقف ترك أثرًا كبيرًا فى نفسى، وأصبحت العلاقة بيننا روحية وطيدة وأسرية.
وفى عام ١٩٨٣ عندما كنت طالبًا فى الفرقة الأولى بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، قرأت فى عزاء مع الشيخ الشحات أنور، وأصبح فضيلته أكثر الناس حرصًا على تتبع أخبارى، فعندما كنت أمام لجنة القراء فى اختبارات الإذاعة كان هو يجلس فى مكتب التخطيط الدينى، وسمع تلاوتى عبر التليفون من «استوديو ٤١»، وعندما قررت اللجنة إعطائى مهلة لمدة شهر غضب بشدة، ورفض القرار لأنه كان متوقعًا أن أنجح من أول امتحان.
الشيخ أنور هو القارئ الوحيد الذى هنأنى بنجاحى فى اختبارات الإذاعة ثم ارتقائى للبرنامج العام وقراءة قرآن الفجر والجمعة، واستفدت منه كثيرًا.
آخر مرة زار بيتى فيها لم يكن المرض اشتد عليه بعد، قضى معى يومًا كاملًا، من الحادية عشرة صباحًا حتى التاسعة مساء، وقال إن زيارة الأصدقاء تخفف من الألم.
■ امتدت شهرتك إلى العديد من الدول.. كيف كان يستقبلك الجمهور حول العالم؟
- أول سفر خارج مصر كان إلى الولايات المتحدة الأمريكية، عام ١٩٩٧، وأسلم على يدى خلال هذه الزيارة ١٠ مواطنين أمريكيين عندما سمعوا القرآن، وفى زيارتى الثانية لأمريكا عام ٢٠٠٠ أسلمت على يدى ٥ نساء، وفى ٢٠٠٣ سافرت إلى جنوب إفريقيا وأسلم شخص على يدى، ثم سافرت إلى الهند لأشارك فى أكبر مؤتمر إسلامى رأيته، شهد حضور مليونى شخص، وأسلم على يدى فى هذا اليوم ٥٠ شخصًا، وكان معى من مصر الشيخ صالح على حسن، وكانت رحلة ممتعة فى مومباى.
وعندما سافرت إلى باكستان منحتنى جامعة باكستان دكتوراه فخرية، كتكريم لى، وفى سلطنة بروناى كرمنى السلطان حسن بعد أن استقبلنى استقبالًا رائعًا، وعندما جاء وزير الأوقاف فى سلطنة بروناى إلى مصر أصر على مقابلتى وطلب منّى إعداد تصور لكيفية النهوض بالقراء فى بروناى، لأننى أعطيت لهم محاضرات عندما كنت فى بلدهم فى فن تلاوة القرآن، وتسبب ذلك فى حصول طلابهم على المركز الثانى للذكور والمركز الثالث للإناث فى مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم.
■ كم كان أول أجر لك نظير قراءة القرآن؟
- كان أول أجر تقاضيته من تلاوة القرآن الكريم ثلاثة جنيهات، فى عزاء بمدينتى طاروط، فى سن الـ١٢ عامًا، وشعرت بسعادة كبيرة، وبعد مرور ٤ سنوات حصلت على ١٠ جنيهات فى عزاء آخر، ولم أصدق حينها أن كل هذه الأموال لى، فوقفت أنتظر صاحب العزاء بالخارج لمدة نصف الساعة، وحينما جاء قلت له إنه أخطأ فى حساب أجرى لأن هذا كثير، فقال لى أنت تستحق، وساعدتنى هذه الأموال على الحياة والدراسة.
■ هل قرأت فى الإذاعة قبل الاعتماد؟
- لا.. لم أقرأ فى الإذاعة إلا بعد الاعتماد، وكانت سنى حينها ٢٨ سنة، ولكن كتبت عنى الصحف فى سن العاشرة عندما حصلت على المركز الأول فى حفظ القرآن الكريم.
■ هل الشهرة تساعد القارئ على تدبر القرآن؟
- لا.. فمع وجود سماعات صاخبة وكاميرات ومشجعين وإضاءة كثيفة وازدحام يتحول الأمر إلى قراءة روتينية، ولكن التدبر يحتاج إلى صفاء ذهنى وروحى.
■ أينسى القرّاء الكبار مثلنا؟
- نعم بالتأكيد، ما سمى الإنسان إنسانًا إلا لكثرة نسيانه، وقال الله تعالى: «وما كان ربك نسيًا» فما دون الله ينسى، وقال النبى، صلى الله عليه وسلم: «تعاهدوا القرآن فوالذى نفسى بيده لهو أشد تفلتًا من الأبل فى عقلها»، فلا بد من المراجعة لأن هناك تشابهًا فى الآيات كثير جدًا يمكن أن يخرج الإنسان عن القراءة السليمة.
■ كيف يتعامل أهل القرآن مع وباء كورونا؟
- دشن أكثر من ٢٠ قارئًا إذاعيًا حملة لتوعية المواطنين بخطورة فيروس كورونا، وطرق الوقاية، فلسنا أقل من نجوم الرياضة والفن الذين يدشنون حملات.
ويقدم القراء رسالة توعوية مدعومة فى نهايتها بآية قرآنية، ما كان له الأثر البالغ فى نفوس الناس، فأهل القرآن يقدمون رسالة وهم ليسوا أقل من غيرهم فى توعية المجتمع.
■ كيف تقضى يومك فى رمضان خلال العزل؟
- كنت أعتقد أن هذا الشهر سيكون صعبًا للغاية، خاصة أنه مسبوق بالإقامة الجبرية بسبب وباء كورونا، ولكن استطعنا تحويل الحجر إلى نعمة، إذ إننى أتلو القرآن وأسجل فى منزلى، وأختم يوميًا جزءًا من القرآن فى صلاة التراويح.
وكلفنى وزير الأوقاف، هذا العام، بإقامة صلاة التراويح بمسجد عمرو بن العاص، وجرى بث الصلاة عبر إذاعة القرآن، وفى الحقيقة سعيد بتلك الظروف التى خدمتنى لتحقيق ذلك، فكان من الصعب فى الأيام العادية التفرغ لذلك.
كما أستغل هذه الفترة فى تفريغ جميع شرائط الفيديو التى جرى تسجيلها فى جميع دول العالم الإسلامى لعرضها على قناتى على «يوتيوب»، وهى ترجع لعام ٢٠٠٤ ولم تبث إلى الآن، أى منذ حوالى ١٦ عامًا.