رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حسين حمودة: رأيت الله فى نجيب محفوظ.. والقرآن زاد روحى وجمالى

حسين حمودة
حسين حمودة

الله فى حياة الناقد الأدبى الدكتور حسين حمودة هو الخير اللانهائى المطلق، الذى كان ولا يزال على يقين من انتصاره على كل شرّ.
هذه الصورة عند أستاذ الأدب بجامعة القاهرة دعمها وقوف الله معه دائمًا فى «كل الهزائم الصغيرة والكبيرة».
ثم إنه رأى «صورة» الله فى صحبة أستاذه الخالد نجيب محفوظ، عبر مساعدته الفقراء، وحرصه على فعل الخير، دون أن ينتظر مقابلًا لذلك.
عن هذا وغيره يتحدث الدكتور حسين حمودة فى حواره مع «الدستور» ضمن سلسلة «الله فى حياتهم».

■ ماذا يمثل الله فى حياة حسين حمودة؟
- الله فيما تصورته، وفيما ما زلت أتصوره، هو القدرة والرحمة والعدل، هو الحضور الكلىّ الذى أرى بعض تجلياته فى الكائنات الصغيرة والكبيرة، وفى الطبيعة على هذه الأرض، وفى الكون الرحيب الذى تصلنى معلومات بسيطة لكن مذهلة عنه، وهو أيضًا الحضور الذى أوقن أنه يرانى ويرى ما بداخلى، ما أفكر فيه وما أحلم به وما أتمناه وما أتألم منه أيضًا، وهو، مع هذا كله، الخير اللانهائى المطلق الذى كنت وما زلت وسوف أظل متأكدًا من انتصاره على كل شرّ.
■ هل كان عائقًا أمامك فى حياتك أم قوة دفع؟
- كان قوة دفع دائمًا، ليس هذا فحسب، بل كان أيضًا قوة قادرة على أن تتجدد إلى ما لا نهاية، ومع كل هزائمى الكبيرة والصغيرة كنت أشعر به يدفع بى إلى عدم الاستسلام، ومع كل انتصار كبير أو صغير كنت أصغى إلى فضيلة «التواضع» التى تصورت أنه يراها جزءًا من الفضائل. وفى كل الحالات كنت وما زلت أدرك أن طاقتى المحدودة تتجدد وتمتد بفضل قدرته غير المحدودة.
■ من هو أول شخص رأيت الله من خلاله؟
- الأستاذ الراحل نجيب محفوظ، كان يقوم بأعمال خيّرة كثيرة مع الحرص على ألا يعلن عنها ودون السعى إلى الحصول على أى مكاسب من ورائها، ساعد كثيرين أعرفهم، وبجانب هذا كان يبث روح الأمل والتفاؤل فى كل من حوله.. كان روحًا نقية طيبة تسعى فوق هذه الأرض.
■ ما أول تصور تكوَّن عندك عن الله؟
- أول تصور تكوّن عندى فى الطفولة أنه فوق أو وراء السحب التى كنت أطيل تأملها، وأنه قادر على أن يرى من خلالها، قادر على أن يرانى ويرى الناس والكائنات والأرض كلها. القدرة على رؤية ما وراء الحجب كانت معلمًا من معالم الله فى تصوراتى الأولى عنه، وأظنها لا تزال جزءًا من تصوراتى حتى الآن، وإن أخذت هذه التصورات أشكالًا أخرى تتجاوز رؤية الطفولة.
■ متى بدأت معرفتك الدينية؟
- بدأت منذ سنوات الدراسة الابتدائية، كنت أواظب على الذهاب لمسجد «الإمام الشافعى»، وكنت أحلّق مع قراءة الشيخ عبدالباسط عبدالصمد القرآن فى صلوات يوم الجمعة، وقد كان يأتى للمسجد كثيرًا فى صلوات الجمعة، وفى الأيام الأخرى كنت أذهب لهذا المسجد للمذاكرة، وكنت مأخوذًا بروح لطيفة تشدنى إليه. وفيما بعد، مع رحلة المعرفة والاكتشاف، انجذبت إلى سير الأخيار، ليس فى الدين الإسلامى فقط، وإنما فى الدين المسيحى أيضًا. وبدأت فى تكوين صورة أكبر عن الدين وعن الدعوة للقيم والفضائل، ولعل هذه الصورة قريبة من تصورات بعض المتصوفة.
■ من شيوخك المفضلون؟
- ليس هناك شيخ محدد.. ولكنى ترددت منذ وقت مبكر على أضرحة ومساجد بعض أهل التصوف الواقعة على سفح جبل «المقطم»، ومنهم عمر بن الفارض وابن عطاء الله السكندرى. وفى زمن لاحق قرأت أشعار ابن الفارض وفتنت بها، ونصوص الحكم الجميلة لابن عطاء الله السكندرى وفتنت بها أيضًا. أتصور أن هؤلاء كانوا شيوخًا غير مباشرين لى.
■ ماذا عن التصوف فى حياتك؟
- التصوف فى حياتى هو امتداد مرتبط بالتعرف على مسيرات هؤلاء الذين أشرت إلى بعضهم وستنضم إليهم أسماء أخرى، منها ابن عربى والنفرى بوجه خاص. لكن هناك جانبًا آخر ارتبط بكثرة ترددى على «الموالد» فى أنحاء القاهرة، وسماع المداحين والمنشدين، وكنت أحيانًا أسجل مدائحهم وإنشادهم، ثم فى فترة أخرى كنت حريصًا على اقتناء شرائط «كاسيت» ثم «سيديهات» لهم، وأخيرًا أصبحت أسمعهم على مواقع عدة فى شبكة الإنترنت. هذه التجربة كانت حاضرة فى حياتى كلها مع قراءة نصوص لبعض المتصوفة، أتصور أنها من أبدع وأجمل ما وصلت إليه الروح الإنسانية والخيال والإبداع الإنسانى أيضًا.
■ ما شكل العلاقة بالأولياء؟
- علاقتى بالأولياء هى نفسها علاقتى بالمتصوفة.. كنت زائرًا مواظبًا لمزاراتهم.. الآن باعدت السبل بينى وبين هذه المزارات، لكننى ما زلت أحيا بعض اللحظات المستعادة معها بكل ما فى هذه اللحظات من سكينة وعبق جميل.
■ ماذا يمثل القرآن لك.. ومتى بدأت معرفتك به؟
- يمثل لى زادًا روحيًّا وجماليًّا معًا.. وقد بدأت معرفتى به مع الذهاب إلى «كتّاب» حفظت فيه بعض سور من القرآن.. لم أفهم الكثير من الآيات، لكنى أعتقد أننى قد فهمت المعنى العام الذى تشير إليه. وكنت شغوفًا بما فى آيات القرآن من جمال، خاصة عند قراءة هذه الآيات بصوت.
■ ما ذكرياتك مع شهر رمضان؟
- ذكريات رمضان لا تمحى من ذاكرتى.. أنا واحد من جيل وزمن كان رمضان فيهما مرتبطًا بالفوانيس التى كانت تضاء بالشمع.. وفى ذلك الزمن كان رمضان مقترنًا بالفرح واللعب الجماعى لساعات بعد الإفطار، وسماع صوت المدفع الذى كان ينطلق من أعلى قلعة صلاح الدين ويصل لأغلب أركان القاهرة، وطبعًا بالحلويات متعددة الألوان.. أتصور أن جزءًا من هذه الملامح قد اختفى، وإن بقيت أجزاء أخرى كلها موصولة بالفرح والجماعية والابتهاج.. حتى مع الظروف الراهنة.