رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طبيب يروي كواليس «عزل بلطيم»: نسعى لرفع الروح المعنوية للمرضى

عزل بلطيم
عزل بلطيم

"الحياة بها مواقف قاسية تجعلني أشد قوة وأكثر ثباتا".. بهذه الكلمات الحكيمة بدأ الدكتور محمد نصر الزيات، متخصص الباطنة والجهاز الهضمي والكبد بمستشفى كفر الشيخ العام والذي تم نقله مؤخرا للعمل بمستشفى الحجر ببلطيم، حديثه عن فترة عمله التي قضاها داخل المستشفى والتي كانت تجربة جديدة له ولزملائه، مرجعا قوة تحمله وثباته في هذه المهمة إلى القوة التي استمدها من خدمته في الجيش المصري لمدة 3 سنوات طوال فترة تجنيده كظابط بالقوات المسلحة.

ويروي الطبيب، خلال حديثه لـ "الدستور"، عن كواليس رحلته لمستشفى العزل ببلطيم وكيف تعامل مع الوضع قائلا: أبلغوني أنني سأكون ضمن الفريق الطبي المشارك في مستشفى العزل ببلطيم ووقتها شعرت بالقلق لما يتردد عن خطورة الفيروس وقلة المعلومات الواردة بشأنه، ولكنني استجمعت قوتي ورفضت الاعتذار وهممت بالذهاب فعلا، دون إخبار أهلي بمهمة عملي لكي لا يقلقوا بشأني وتركتهم وذهبت برفقة 20 طبيبًا آخر ضمن الطاقم الذي أرسلته مديرية الشئون الصحية للمستشفى.

ويستكمل الطبيب الحديث عن رحلته: عند وصولي للمستشفى فوجئت بنظافتها وتصميمها الإنشائي المتميز، وعزمت أنا وزملائي في وضع نظام خاص لاستقبال الحالات التي سوف تأتي وكذلك تخصيص أماكن معينة المرضى لكي لا ينتقل الفيروس لأحد من العاملين، فضلا عن تكثيف عمليات التعقيم بصفة مستمرة داخل المستشفى، وبدأنا على الفور باستقبال عشرات الحالات من مستشفيات العزل الأخرى، وكان العلاج طبقا لبروتوكول وزارة الصحة المصرية، وبدأنا رحلة العلاج المرضي بكافة السبل الممكنة فكنا لا نعرف المستحيل، وأصبح كل طبيب مسئول عن عدد معين من المرضى، وأنا شخصيا كنت مسئولا عن 30 مريض.

وتابع: كنت أحفظ أسماء المرضى المسئولين مني، وكان هذا يسعدهم للغاية، كما كنت أعمل على دعمهم نفسيا قدر الإمكان وخاصة الأطفال، حيث استقبلت الطفلة "أروى" ذات الـ 9 سنوات وهي من قريتي "شباس عمير"، وحزنت عندما علمت أنها موجودة بالمستشفى، وكنت أحاول أن أرفع معنوياتها فكنت أداعبها باستمرار هي وباقي الأطفال الموجودين بالمستشفي وأحضر لهم "الشيكولاته" والحلوى بصفة مستمرة، لافتا أن حالة "أروى" حاليا مستقرة وتتحسن.

وعن أصعب المواقف التي حدثت له بالمستشفى، فقال: لحظة استقبال خالتي المسنة ذات ال 62 عاما لإصابتها بالفيروس وبكيت بشدة لحظة استقبالها، ولكن لم أظهر ذلك وبديت أكثر ثباتا وحاولت إنقاذها، ولكنها توفيت بين يدي لإصابتها بعدد من الأمراض المزمنة مما أضعف مناعتها في محاربة الفيروس، فقمت بالصلاة عليها بفناء المستشفى والعاملين أيضا، وسلمناها لذوينا وعجزت عن حضور دفنتها نظرا لعملي بالمستشفى، مرجعا عدد الوفيات التي شهدتها المستشفى إلى أن جميعهم جاءوا للمستشفى حالتهم متأخرة، فضلا عن إصابتهم بأمراض مزمنة مع تقدمهم في السن، وهو ما أفشل عملية إنقاذهم.

ومن المواقف الصعبة التي مر بها أيضا يقول الدكتور محمد الزيات: أخي إبراهيم يعمل في الإسعاف، وكانت مهمته نقل المرضى إلى المستشفى وكنت أراه يوميا، ولكنني كنت أعجز عن احتضانه أو حتى لمسه، وكنت أكتفى بمشاهدته فقط والاطمئنان عليه نظرا لظروف عملنا.