رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التعدى على المعلمين عرض مستمر.. و«التعليم»: تدخل صارم لحل الأزمة

التعدي على المعلمين
التعدي على المعلمين

منذ عدة أيام داخل أروقة مدرسة الشيشيني الابتدائية بقرية ميت الليت هاشم محافظة الغربية، التابعة لإدارة شرق المحلة التعليمية، سادت حالة من الذعر بين التلاميذ والعاملين بالمدرسة، بعدما قام ولي أمر طالب بالمدرسة يدعى (م س ر) وأحد أقاربه بالحضور للمدرسة، وتعدوا بالضرب على أحد معلمي التربية الرياضية بالمدرسة ليترتب على هذا الاعتداء إصابته بجرح قطعي بالوجه.

تم نقل المصاب للمستشفى وتمكنت إدارة المدرسة من احتجاز المتهمين والاتصال بالشرطة، للقبض عليهما، ليتحرك المهندس ناصر حسن وكيل وزارة التعليم بالغربية، ويقوم بتشكيل لجنة من الشئون القانونية، بإدارة شرق المحلة التعليمية للتحقيق في الواقعة، ومعه الدكتور هاني مجاهد مدير إدارة شرق المحلة التعليمية للمدرسة، ولجنة من الشئون القانونية للمدرسة.

"الدستور" فتحت ملف الاعتداء على المعلمين في المدارس من قِبل بعض الأهالي في خرق صارخ لحقوق المعلمين ولوزارة التربية والتعليم التي تحاول جاهدة ضبط المنظومة التعليمية خلال السنوات الأخيرة، للارتقاء بالتعليم في مصر.

أربعة يتعدون على معلم

حالة تعد صارخة أخرى شهدتها مدرسة جلال الدين الإبتدائية سبتمبر الماضي، بعدما حضر أربعة أشخاص من بينهم ولي أمر طالب بالمدرسة، للاعتداء على أحد الطلاب الذي كان قد تشاجر وضرب نجله في اليوم السابق، ليدافع مدرس الرياضيات كامل الشناوي عن الطالب -وفقا لما ذكره بعض الحضور بالمدرسة آنذاك- ليصاب في رأسه بعد أن ضربه أحدهم بقطعة زجاج.

لم يكن أمام مدير المدرسة حل سوى غلق باب الغرفة واحتجازهم لمنع الموقف من التطوّر للأسوأ، ولكن حضر شخصان للمدرسة بحوزتهما سلاح أبيض وأثارا الذعر لدى جميع الطلاب والعاملين بالمدرسة، وتمكنت مباحث قسم ثالث المحلة من القبض على المتهمين وعلى رأسهم ولي الأمر وإحالتهم للتحقيق.


مدرسة بالمرج: ضاع حقي

حالة ثالثة توضح أزمة الاعتداء على المعلمين في مصر، لإحدى مدرسات اللغة العربية بمنطقة المرج "س.أ" التي تحكي لـ"الدستور" أنها تعرضت للتعنيف من قِبل ولي أمر طالبة كانت قد عاقبتها بالتعنيف الكلامي بسبب كثرة مشاجراتها مع زميلاتها، لتأتي والدتها في اليوم التالي وقامت بالاعتداء الكلامي عليها في البداية ونعتها بأبشع الألفاظ، قبل أن يتدخل المعلمون محاولين إنقاذ الموقف دون تطوّره، غير أن الأم كانت مصرّة على الاعتداء عليها.

فور الانتهاء من تلك المشاجرة، حاولت المعلمة عمل محضر لكي تحفظ حقها، غير أن تدخل بعض الأهالي وأولياء الأمور الآخرين وبعض المعلمين، حال دون حدوث ذلك، معلّلين ذلك بأنه طالما لم يصل الأمر للاعتداء بشكل كبير وواضح وأسفر عن إصابتها فلا يوجد مبرر للمحضر، ليضيع حقها وتفقد المعلمة هيبتها أمام التلاميذ من تلك الواقعة.


خبير تعليمي: يجب منع الأزمة من منبع الإدارات المدرسية

تواصلت الدستور مع الخبير التعليمي الدكتور فاروق فهمي، والذي أكد، أنه لكي يتم منع تلك المشكلة لابد منع دخول أولياء الأمور داخل المدارس، وهذا الأمر لن يتم إلا بقرارات إدارات المدارس القوية، مضيفًا أنه لابد من أن تضع وزارة التربية والتعليم قوانين تُغلّظ الاعتداء على المعلمين وتحميهم أثناء تأدية خدمتهم داخل المدارس، وأن يتم تطبيق القوانين بشكل واضح في هذا الشأن.

واستطرد فهمي أن خطورة هذه المشكلة لا تتمثل فقط في الاعتداء على موظف لفظيًا أو جسديًا أثناء تأديته خدمته، بل يترتب عليها هزّ صورة المعلم أمام الطلاب، وبالتالي ينبغي لأجهزة الإعلام جميعًا أن تُعلي شأن المعلم داخل المجتمع، فهو المسئول عن تربية الأجيال، وهو من يكون القدوة ومصدر الثقة في حياة الطلاب وعلى وجه الخصوص الصغار منهم، من بعد الأباء والأمهات، مختتمًا حديثه بأنه يجب على لجنة التعليم بمجلس الشعب أن تعالج المشكلة من جميع جوانبها.


حجازي: إجراءات قاسية للتصدي للظاهرة

استنكر الدكتور رضا حجازي نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، في تصريحات سابقة خلال الحفل الذي نظمته نقابة المعلمين الفرعية بجنوب القاهرة، وقائع التطاول على المعلمين أو الانتقاص من كرامتهم من خلال التعدي عليهم سواءً من الطلاب أو أولياء الأمور، معلنًا إجراءات جديدة للتصدي لمثل تلك الحالات، عن طريق تعديل لائحة الانضباط المدرسية.

فيما أكد "حجازي" خلال حديثه مع لجنة التعليم في البرلمان في إحدى الاجتماعات الخاصة بتطوير التعليم أنّ هناك حالة من التسيّب في بعض المدارس واستهانة بالمعلمين، لافتًا إلى أنه جار تعديل لائحة الانضباط بالمدارس لتوقيع الجزاءات المناسبة على الطلاب المشاغبين، موضحًا أنّ الأمر وصل في بعض المدارس إلى الاعتداء على المعلمين بالضرب، وهو ما يعد سلوكًا مرفوضًا للغاية.

خبيرة تربوية: الأسرة عليها عبء كبير لتغيير نظرة الأبناء للمعلمين

في الوقت الذي أكدت فيه الدكتورة سعاد علي الخبيرة التربوية أنّه لكي يتم منع تلك الظاهرة يجب الاعتناء بالطالب المصري، منذ البداية وتربيته أن المعلم بمثابة الأب الثاني الذي يجب احترامه وتقديره، وفي حال عدم انصياع الطالب لتلك الفكرة والنبتة يجب التدخل لتعديل سلوكه لكي يكون عنصرًا فعالًا يقدّر دور أستاذه في تربيته وتعليمه.

وتابعت "سعاد" خلال حديثها مع "الدستور" أنّ الأسرة عليها عبء كبير لتغيير تلك النظرة السلبية للمعلمين، ففي حال رؤية الطالب لمعلمه وهو يتم إهانته بالضرب أو بالسب، فستتغير فكرته ناحية احترام معلمه، فكم من معلم تمت إهانته أمام طلابه وظلّ بعدها مكسورًا أمامهم لا يستطيع رفع رأسه، منوهة أنّ هناك معلمين كثيرين أصيبوا بأزمات نفسية نتيجة تلك الاعتداءات وتغيّر نظرة طلابهم أمامهم من الاحترام والتقدير لعدم الاهتمام بحديثهم وضرب تعليماتهم عرض الحائط.


لجنة التعليم: اعتداء الطلاب على المعلمين أصبح مبالغًا فيه

النائب فايز بركات عضو لجنة التعليم بالبرلمان أكد في بيان أصدره أنّ هناك أهمية ملحة الآن لتغيير لائحة الانضباط في المدارس، لتوقيع الجزاءات المناسبة على الطلاب المشاغبين، على خلفية وقائع الاعتداء على المعلمين في بعض المدارس خلال الفترة الماضية.

وتابع بركات، أنّ اللوائح ستسهم في ضبط سلوك الطلاب، فعندما تتم معاقبة الطالب على فعل خارج سيكون عبرة أمام جميع زملائه حتى لا يقلدونه، خاصة وأن اعتداء الطلاب على المعلمين أصبح مبالغًا فيه، ووصل في بعض الأحيان إلى الضرب، منوهًا أنَّ أبرز أسباب ظاهرة الشغب بالفصول وتكرار التعدي على المعلمين هي قلة العدل في معاملة الطالب في المدرسة وعدم الدقة في توزيع الطلاب على الفصول حسب الفروق الفردية وحسب سلوكياتهم.