البحث عن الهوية المصرية
الكتاب الثامن.. المرجع الأساسى فى تكوين مصر
فى العام ١٩٥٧ صدر كتاب «تكوين مصر» لمحمد شفيق غربال، وهو كتاب، كما يرى فى تقديمه الدكتور كمال مغيث، فريد فى بابه، ليس مجرد بحث أو دراسة علمية سعى مؤلفها من خلالها للحصول على إحدى الدرجات العملية، وإنما جاء استجابة ثقافية ووطنية ملحة بعد قيام ثورة ١٩٥٢، ومعاركها فى مواجهة الاحتلال البريطانى وسعيها للتنمية المستقلة ببناء السد العالى، وهو ما اعترضت عليه قوى الإمبريالية العالمية، مما اضطر جمال عبدالناصر، قائد الثورة وزعيمها، إلى تأميم قناة السويس لتدبير نفقات إقامة السد العالى، مما أدى إلى العدوان الثلاثى على مصر، وهو ما شحذ همة المصريين جميعًا للوقوف فى مواجهة ذلك العدوان الثلاثى، وخرجت مصر من تلك المعارك منتصرة لتبدأ عهدًا جديدًا فى تاريخها الطويل والعميق. كان منطقيًا أن يطرح السؤال: ما هى مصر؟ وكيف تكونت عبر العصور؟
هنا تقدم شفيق غربال وقدم إجابة عن هذا السؤال الشائك والعصيب عبر عدد من الأحاديث والمحاضرات فى الإذاعة المصرية، ثم طبعها فى كتاب لا تزال تبحث عنه الأجيال المتعاقبة.
من بين ما ستجده فى هذا الكتاب تفنيد جرىء لمقولة هيرودوت الشهيرة «مصر هبة النيل»، فصحيح أن للنيل على مصر فضلًا عظيمًا، ولكن الإنسان المصرى هو الذى نظم واجتهد وأقام الجسور والسدود وشق القنوات ومهّد الأرض لكى يفعل النيل فعله المؤثر، وعليه فالأولى أن نقول إن مصر هبة المصريين.
يدلنا هذا إلى المنهج الذى اتبعه شفيق غربال فى كتابه، فهو لا يستسلم للمقولات الراسخة التى تناقلها الباحثون والدارسون عن مصر، بل ينتقد ويعيد صياغة المعانى من جديد، وقد تكون هذه هى أهمية كتابه الكبرى.