الكتاب الرابع.. هل أتاك خبر السندباد المصرى؟
يقول حسين فوزى صاحب كتاب «سندباد مصرى» الصادر فى العام ١٩٦١: «كتابى صور من ملحمة هذا الشعب الذى أفخر بأننى واحد من آحاده، لست مؤرخًا، لا بالفكر ولا بالمهنة، وإن كنت غير مجرد تمامًا من الإحساس بالتاريخ، اعتمدت فى كتابته على الخلجات الروحية التى أشرت إليها، وعلى ما طالعت من كتب الأولين والآخرين فى تاريخ بلادى، وعلى القليل الذى عشته من ذلك التاريخ بلحمى ودمى وتفكيرى».
فى صفحات غير قليلة استعار حسين فوزى نصوص المؤرخين المصريين فى القرون الوسطى، وفى القرنين الماضيين، وبخاصة نصوص ابن إياس فيما يتصل بالغزو العثمانى، ونصوص الجبرتى فيما يتعلق بالمماليك والفرنسيين ومحمد على، ولم تخرج بعض الفصول الأولى من الكتاب عن مجرد ترتيب الوقائع ترتيبًا دراميًا، مع إحداث بعض تعديلات طفيفة جدًا فى نصوص تلك الحوليات العظيمة. وتراه يعقد اتفاقًا مع القارئ عندما يقول: «كتابى أدبى محض، أحاسب عليه فى حدود الأدب والفن، إلا أن واجبى نحو حقائق التاريخ اقتضتنى أن أذيله بمجمل لتاريخ مصر، أرجو أن يلقى عليه القارئ نظرة سريعة قبل البدء بمطالعة الكتاب، على أن يعود إليه كلما دعاه إلى ذلك داعٍ، كما أن واجبى نحو الأمانة فى النقل، وأرجع الفضل لذويه مع تجنب الهوامش، فرض علىّ أن أضع ثبتًا بالكتب التى طالعتها إعدادًا للكتاب».
وحتى تكون مطمئنًا وأنت تقرأ ما خطه السندباد المصرى، اسمعه وهو يقول لك: «لقد قدرت أن حرية التأليف الأدبى لا تلزمنى بمطالعة كل ما كتب فى تاريخ مصر، ولو كنت مؤرخًا لكان من أوليات واجبى أن أدرسها عن بكرة أبيها، ولعل القارئ غير المختص لا يتصور ما وراء هذه الدراسة من جهد قد يستنفد العمر كله، فالببليوغرافيا الكاملة لتاريخ مصر وحضاراتها فى اللغات الحية والميتة، قد يضيق بها مجلد فى حجم هذا الكتاب، والمؤرخ يعرف حدوده، فهو ممنوع بحكم الدقة العلمية من أن يحاول مثل هذه المحاولة، أما الأديب وقد يقتنع القارئ بحجته أو لا يقتنع، ما دمت أتحمل وحدى وزر عملى، فقد نتفق كاملًا بحرية الفن والأدب، وكل ما أرجوه ألا أكون أسأت كثيرًا إلى الحرية التى يمنحها الفكر المطلق». الآن يمكنك أن تقرأ وأنت مطمئن، وإذا كنت قرأت هذا الكتاب، أعتقد أنك فى حاجة إلى قراءته مرة أخرى.