رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"تعاون مثمر".. كيف ساهمت شركات ألمانية في تميز قطاع الكهرباء بمصر؟

جريدة الدستور

اتجهت أنظار مصر في عام 2014 إلى تحسين قدرات الطاقة وإنشاء مزيد من محطات إنتاج الكهرباء لتوفير احتياجات السكان البالغ عددهم نحو ما يزيد عن 100 مليون نسمة، واكتفائها الذاتي من الطاقة الكهربائية، فضلًا عن توصيل أكبر قدر ممكن من التيار الكهربائي للمناطق الأكثر احتياجًا، الأمر الذي أحدث طفرة هائلة صعدت مصر من خلالها لأعلى التصنيفات العالمية.

وتستعرض "الدستور" من خلال هذه السطور حجم الجهود لتميز قطاع الكهرباء خلال السنوات الأخيرة، وكيف استطاعت مصر تبديل أزمات الكهرباء بجانب حجم المحطات الكهربائية التي تم إنشاؤها السنوات الأخيرة؟

عقب أزمة انقطاع التيار الكهربائي الحادة التي شهدتها مصر في صيف 2014، وبدأت الدولة تتجه نحو التعاقد مع شركات ألمانية وكان أقربهم شركة «سيمنز» والتي وقعا عقدًا منفردًا في يونيو 2015، من خلال إنشاء 3 محطات توليد كهرباء، في (ببنى سويف - والعاصمة الإدارية الجديدة - البرلس)، بقدرة 14 ألف ميجا وات، وقيمة 6 مليارات يورو، وذلك في أثناء انعقاد المؤتمر الاقتصادي في مارس من عام 2015 الماضي، ليكون بمثابة أكبر عقد لتركيب محطات كهرباء، فضلًا عن كونه أسرع عقد لتنفيذ مثل هذا الكم الضخم من محطات الكهرباء في 3 سنوات فقط، وهو رقم قياسي عالمي.

وشمل التعاقد بين وزارة الكهرباء والطاقة بمصر وشركة «سيمنز» الألمانية، تركيب 36 وحدة، قدرة الوحدة الواحدة 400 ميجاوات، بإجمالي قدرات 14400 ميجاوات من المحطات الثلاث، على أن تتكون كل محطة من 12 وحدة منها 8 بالغاز و4 بنظام الدورة المركبة، حيث يتم تشغيلها من عوادم حرق الغاز للتوربينات التي تعمل بالوحدات الغازية.

وقال عماد غالي المدير التنفيذى لشركة سيمنز بمصر، أثناء إنشاء ثلاث محطات، إن تلك المشاريع ستزيد مساهمتها بشكل حيوي في توفير إمدادات طاقة تتسم بالاستدامة بما ينعكس إيجابيًا على اقتصاد مصر، فضلًا عن توفير نحو 1،3 مليار دولار سنويًا نتيجة التوفير فى استهلاك الوقود، وتوسيع أكبر قدر ممكن في المجالات والصناعات، وتبادل الاستثمارات في المناطق المختلفة.

وانتهت شركة «سيمنز» بالتعاون مع 700 شركة مصرية وشركات أخرى متوسطة وصغيرة من أوروبا وألمانيا، من إنشاء المرحلة الأولى في 2017 ونجحت في إضافة 4 آلاف و400 ميجاوات من القدرات الكهربائية للشبكة الوطنية، بل وتجاوزت الشركة هذا الرقم بنحو 400 ميجاوات كقدرات إضافية من الطاقة، بعدما تم ربط 4800 ميجاوات بالفعل بالشبكة القومية، بحسب المدير التنفيذي للشركة.

وبلغت تكلفة إنشاء تلك المحطات نحو 6 مليارات يورو، وافتتحها الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى جانب مشروعات أخرى في قطاع الكهرباء. وأوضح رئيس هيئة الرقابة الإدارية، محمد عرفان، آنذاك أن المحطات الجديدة ستوفر للبلاد فائضا بنسبة 25% من الكهرباء سيستخدم لتلبية الاحتياجات المستقبلية، كما سيوجه جزء منه للتصدير.

إلى جانب هذا، قال رئيس هيئة الرقابة الإدارية، خلال افتتاح محطات سمينز، إنه تم اكتمال 14 مشروعًا عملاقًا بتكلفة 155 مليار جنيه تمثل فى مجموعها أطراف المنظومة الحاكمة لقطاع الكهرباء فى مصر، مؤكدًا أن مشروعات إنتاج الطاقة الكهربائية تتضمن 6 محطات لتوليد الكهرباء بإجمالي 15 ألفًا و370 ميجاوات تمثل 28% من إجمالي القدرات الكهربائية المركبة بالشبكة حاليًا.

وبحسب تقرير صادر في يونيو الماضي، بلغ إجمالى إنتاج مصر من الكهرباء 149.7 ميجا وات ساعة، وذلك خلال الفترة من يناير - أكتوبر 2018، فى حين سجلت الكميات المستخدمة 120.2 ميجا وات، وهو ما ساهم فى تحقيق فائض إنتاج بلغ 29.5 ميجا وات.

وأفاد التقرير، بأنَّ يوليو 2018 سجل أعلى نسبة فى إنتاج الكهرباء خلال الفترة من يناير – أكتوبر 2018، وبلغ حجم الكهرباء المولدة فى هذا الشهر 19.9 ميجا وات ساعة، وفى المقابل، سجل شهر يناير 2018 أقل الأشهر إنتاجًا بـ 13.3 ميجا وات، وعلى مستوى الاستهلاك، سجل شهر يونيو 2018 أكثر الأشهر استهلاكا للكهرباء بـ 15 ميجا وات، فى حين جاءت أقل كميات الكهرباء المستخدمة خلال شهر فبراير بـ 11.6 ميجا وات.

وتشير الأرقام العالمية، إلى أن الفائض من إنتاج محطات الكهرباء والمعروف «بالاحتياطي الدائر» يقدر بـ15% من حجم الكهرباء، وحجم الفائض في دول متقدمة «ألمانيا وفرنسا وأمريكا» يقدر بـ15% فائضًا فى الشبكة الكهربائية لتحقيق التوازن والاستمرارية، بينما مصر لديها فائض قدر حسب الأرقام سالفة الذكر بـ35%.

وأوضحت وزارة التخطيط، في تقارير معلوماتية أصدرتها أغسطس الماضي، أن الاستثمارات الكلية المُستهدفة لقطاع الكهرباء خلال عام 192020 بلغت نحو 111.9 مليار جنيه، بنسبة 9.6٪ من الاستثمارات الإجمالية، موضحة أن الخطة تستهدف زيادة إنتاج القطاع بالأسعار الجارية خلال عام 192020 إلى نحو 171.4 مليار جنيه مقابل نحو 146.4 مليار جنيه خلال عام 182019 بنسبة نمو 17%، فضلًا عن زيادة الإنتاج بالأسعار الثابتة إلى حوالى 110 مليار جنيه خلال عام 192020 مقابل 105.3 مليار جنيه فى العام السابق وبنسبة نمو 4.5٪.

وأضافت وزارة التخطيط، أن الطاقة الكهربائية تعد الركيزة الأساسية لإحداث التنمية الشاملة فى شتى مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية، كما تعتبر مسألة حاسمة لترسيخ استقرار الاقتصاد الكلى، وتعزيز موارد البلاد من النقد الأجنبي.

وتعتمد الاستراتيجية المتكاملة لقطاع الكهرباء والطاقة حتى عام 2027 على عِدَة محاور أهمها الاستخدام الأمثل لمصادر الطاقة المتاحة وتنويع مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية مع ترشيد الطاقة وتحسين كفاءتها، توسيع دائرة الربط الكهربائى على كافة المحاور، بما يحقق التنمية المستدامة، المساهمة فى حماية البيئة من التلوث، الحفاظ على حق الأجيال القادمة فى الحصول على الطاقة وتشجيع التصنيع المحلى للمعدات والمهمات الكهربائية.

وفيما يتعلق بثمار السياسات المُطبقة خلال الأعوام القليلة الماضية فتتمثل فى القضاء على أزمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائى وتحقيق احتياطى آمن من الطاقة الكهربائية، وتأهيل شركات مصرية لتنفيذ مشروعات عملاقة لتوليد الطاقة الكهربائية وإتاحة الفرصة لها للعمل بالخارج، مع تدريب العمالة المصرية على تنفيذ المشروعات العملاقة وتطوير برامج ترشيد وتحسين استخدام الطاقة الكهربائية.