رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قلب الجحيم.. شهادات خاصة لـ«الدستور» من ضحايا السيول في السودان

جريدة الدستور


مأساة حقيقية، عاشتها السودان خلال الأيام الأخيرة؛ بعدما تعرضت لأعنف سيول وأمطار في تاريخها، نتج عنها ضحايا كثيرون من المنازل والأطفال، الذين تشردوا جراء تلك الموجه العنيفة من الأمطار، إضافة إلى غرق الشوارع والطرقات.

الضحايا بحسب ما أُعلن عنه، تجاوز الـ90 شخصًا، توفى منهم 40 مواطنًا سودانيًا، وأصيب آخرون. «الدستور» تواصلت مع عدد من شهود العيان والضحايا، «طاهر جون»، من سكان الخرطوم، قال أن ضحايا سيول وأمطار هذا العام، تجاوز عددهم الأربعين مواطنًا، وهم أفراد رعية، مضيفًا: «قدر المواطن في بلادنا إن لم يمت بماء السيل مات بنار الحرب».
وبنبرة حانقة، قال إن الكارثة ليست هي الأمطار والسيول، بل إدارة السلطات لمخاطر السيول والأمطار بشكل غير لائق، فهناك كارثة طبيعية، ومنها السيول والأمطار، وهناك كارثة من صنع الإنسان، ومنها العجز والفشل.

"قرى بأكملها في مجرى السيل، شوارع المدائن وأنفاقها وميادينها تحتفظ بمياه الأمطار لحين التبخر أو التسرب إلى جدران المنازل لسوء تخطيطها، فتتفاجأ القرى والمدائن بالسيول القادمة من بعد آلاف الأميال، وتتمزق الشوارع كما الأوراق وتنهار الجسور"، حسبما أوضح"جون" حديثه.

«الطيب بدوي»، من سكان الخرطوم، يقول: «أهلنا في القرى منذ شهر مارس الماضي، يقومون بمسح بيوتهم بالقمامة التي خلفها موسم الخريف، ويسندون التروس حتى لا تذهب مياه الأمطار سدى، كما ينظفون المجاري، وهنا في العاصمة الخرطوم، وباقي المدن حدث ولا حرج يزيلون الأوساخ من المجاري ويتركونها فوق المجرى لترجع مع أول قطرة مطر».

وتابع: «في مدينة حلة كوكو كمثال هناك مصرف ضخم، ولكن بسبب سوء السلوك للبعض وعدم الاهتمام بنظافته من قبل المحليات لا يُصرف بصورة جيدة».

فيما استغاث عمر فرح، مواطن سوداني، باجتياح سيول شديدة مدينة الجيلي شمال الخرطوم، تحديدًا في ريف بحري، حيث سقطت الكثير من المنازل في أحياء الجيلي، ويعاني المواطنون من نقص الغذاء والدواء والمأوى، مطالبًا المنظمات الدولية والطوعية بتقديم يد العون والمساعدة.

ودعا "فرح"، في حديثه مع "الدستور"، إلى توفير الخيام والغذاء والدواء، واصفًا ما تمر به البلاد ب"الموقف الصعب"، متخوفًا من سقوط ضحايا آخرين.
وقال نور الله الجمعاوي، يقطن مدينة الخرطوم، إن أكثر المناطق التي تعرضت لهطول السيول والأمطار منطقة النيل الأبيض في الناحية الجنوبية بالسودان، وهدم ما يقرب من ٨٠ منزلًا، في منطقة الروات وعدد من القرى المجاورة، موضحًا أن معظم ولاية السودان تعرضت لهدم منازل نتيجة السيول.

وتابع الجمعاوي، أن الدعم المقدم لأهالي السودان يكاد لا يذكر نسبة الظروف التي تمر بها بلدهم، مؤكدًا أن أكتر الولايات تضرر هي النيل الابيض، وأن مياه الفيضانات غطت قرابة العديد من الفدادين الزراعية، الأمر الذي تسبب بخسائر كبيرة للمزارعين.

وأشار، إلى أن المياه أصبحت تخرج من خارج جدران المنازل من شدتها، والمتعلقات الشخصية تطفو مياه السيول والأمطار، وتقتلع الزرع من جذوره.

"مدينة الجيلي في السودان السيول غطتها بأكملها"، يقولها فائز أبوبكر، مواطن سوداني، في حديثه لـ"الدستور" معبرًا عن حزنه الشديد؛ ما بدر في السودان، وأن المياة أصبحت تخرج من داخل حوائط المنازل من شدتها كالشلال.

وأضاف: «يجب عمل تحويلة فورية الأن وإلا ستغرق السودان بأكملها، وتهدم وأدت الفيضانات وسط السودان الناجمة عن هطول الأمطار إلى انهيار عدد من المنازل، وتأثرت قرى بالفيضانات، وتشرد كثير من الأسر طالبيين المساعدة في إيجاد مأوى أمن لهم».

وتابع أبوبكر، أن السودانيين وخاصة سكان جيلي يعانوا سكانها من نقص الغذاء والدواء والمأوى، متمنيين من المنظمات الدولية والطوعية بتقديم يد العون والمساعدة لهم، توفير الخيام والغذاء والدواء.

ولم تكن «مايس محجوب»، مواطنة سودانية، تعلم مصير ما ينتظر أصدقائها وعائلاتهم في مدينة جيلي، إذ فقدت أحد أقرانها أثناء سقوط السيول على منزلها وتهدمه بأكمله من شدة السيول، ولم يتبق من عائلتها سوى ابن أخيها الأكبر لكنه أصيب بكدمات شديدة في جميع أجزاء جسده.

وتابعت محجوب أنها قامت بحملة على السوشيال ميديا هي وأصدقائها قالوا فيها: "استغاثة مدينة الجيلي شمال الخرطوم ريف بحري تغرق، وسقوط الكثير من المنازل في أحياء الجيلي، يعاني المواطنون من نقص الغذاء والدواء والمأوى، نهيب بالمنظمات الدولية والطوعية بتقديم يد العون والمساعدة"، طالبيين توفير الخيام والغذاء والدواء.

وأوضحت، أن الضحايا لقوا مصرعهم جراء انهيار منازلهم أو جرفتهم السيول، وذلك في 16 ولاية، وأن هناك نقصًا في الإيواء وحاجة للخيام والمواد الغذائية، ومياه الشرب النقية والخدمات العلاجية والإسعافية، مطالبيين بسرعة التدخل في الكارثة وإنقاذ أهالي السودان.

ولم تكن كارثة سقوط السيول والأمطار المرة الأولى التي تحدث في السودان، ويلقى الضحايا مصرعهم، بل تكررت تلك الأزمة في السودان، وذكرت وزارة الصحة السودانية أعلنت مصرع 46 شخصا، وإصابة 97، وإنهيار 9500 منزل بشكل كامل، في الفترة من 14 يونيو الماضي إلى 16 اغسطس الجاري، جراء السيول التي ضربت عدة ولايات في السودان.