رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«وقفة الرجالة».. حكايات خاصة عن تبرع المصريين لصالح معهد الأورام

جريدة الدستور

في كل حادث إرهابي، يطول مباني أو مؤسسات حكومية وربما أفراد، تجد المصريين يقفون بجانب بعضهم البعض، أحيانًا بالدعاء للضحايا والمصابين، وأوقات أخرى من خلال التبرعات والتي لا تطلب منهم إجباريًا، لكنهم يقومون بها من تلقاء أنفسهم تضامنًا مع ذلك الحادث الذي عادة ما يكون مفجعًا.

ذلك ما حدث في حادث تفجير معهد الأورام، الذي استهدف عبر سيارة ملاكي مفخخة بالقرب منه، أودت بحياه 29 شخصًا وإصابة آخرون، بعدما اصطدمت الملاكي بسيارتين "ميكروباض"، ونقل الضحايا من أطفال المعهد إلى مستشفيات حكومية بها وحدات خاصة بالأورام.

في أقل من 24 ساعة، استطاع المعهد الوقوف على قدميه مرة أخرى، حيث رُفعت الشّدة المعدنية، على واجهاته؛ لتغطي جميع جنباته التي تحتاج إلى ترميم، بعدما طاله التفجير الإرهابي.

فلم يشارك في الترميم فقط شركة "المقاولون العرب" التي عملت على بناؤه في اليوم التالي للتفجير، ولكن مصريين كثيرين حاولوا المساهمة في ترميم المعهد مرة أخرى، من خلال تخصيص مبالغ مالية من مشاريعهم الخاصة لصالح ترميم معهد الأورام. «الدستور» رصدت حكايات هؤلاء.

بمجرد أن علّمت «عبير مطر» 25 عامًا، لديها مشروع عربة طعام بمنطقة حلوان، حادث معهد الأورام، كانت أول المتبرعين لصالح ترميم معهد الأورام، بعدما انتشر رقم حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي بقوة من أجل التبرع له.

تعمل الفتاه على عربة طعام صيني في منطقة حلوان، تتحصل على مبلغ مالي مُرضيّ شهريًا، فقامت بالتبرع بنصف الملبغ الشهري لصالح ترميم المعهد، وكتبت على صفحتها المخصصة لبيع الطعام أولان لاين، أنها ستزيد من سعر كل وجبة 5 جنيهات سيتم التبرع بها لصالح المعهد.

تقول: «كان لازم كلنا نتبرع لصالح ترميم المعهد، عشان يشتغل مرة تانية والأطفال يرجعوا مكانهم، ويستكملوا رحلة العلاج بدون توقف، أو تأثير من الحادث الإرهابي، فخصصت جزء من دخل العربة لصالح ترميم المعهد.

دفعت «عبير» تلك التبرعات عن طريقة خدمة "فوري" على الحساب الخاص بالمعهد، وقامت بتصوير الفاتورة الخاصة به، حتى تعطي مصداقية لكل زبائنها ومتابعي الصفحة أن تبرعاتهم وصلت بالفعل لصالح المعهد وليس مكانا آخر.

«سهر سامح» 45 عامًا، ربة منزل، ورغم ذلك لم يمنعها عدم عملها من محاولة جمع التبرعات، كونها عضوة في أحد الأندية الشهيرة في مصر، والذي استغلت الأعضاء الموجودين به من أجل جمع تبرعات لصالح ترميم المعهد القومي للأورام.

تقول: «كان عندنا بطولة في رياضة الصيد، تاني يوم من الحادث، وكان ابني مشترك في البطولة، وده معناه أن فيه سيدات ورجال وأطفال كتير هيجوا، ففكرت نستغل ده بالإعلان عن جمع تبرعات لصالح معهد الأورام».

وكتبت السيدة على المجموعة الخاصة بالبطولة بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: «أنا عارفة أنه خارج إطار الجروب، ولكنه فعلًا يستحق، أنا سعيدة أن الفلوس اللي اتجمعت في بطولة الصيد وهو مبلغ كبير، ناس جمعت مع بعضها وناس ساهمت مباشرة».

وأضافت: «وفيه ناس من بطولات تانية، اتبرعوا بمبالغ محترمة، وتم توجيه ما تم تجميعه بنية صادقة للمساهمة في ترميم المعهد القومي للأورام، فلوسكم راحت لمستحقيها وأنا وصلت الأمانة، وأتمنى أن يتم تجميع مبلغ أكبر لصالح المعهد في بطولة الاسكواش».

لم يقف الأمر إلى حد التبرع في رياضة الصيد فقط، ولكن بحسب السيدة فأنهم كانوا بمثابة قدوة لباقي الفرق الرياضية، مشيرة إلى أن نفس الفكرة تكررت في كثير من الفرق الرياضية داخل النادي، بعمل مجموعات للتبرع لصالح المعهد القومي للأورام بكشل متتابع.

وعلى صعيد الشخصيات العامة والاعتبارية، فأعلنت «نهلة بسام» مؤسس مبادرة Book It Forward لبيع الكتب المستعملة والتبرع بثمنها لصالح المؤسسات الخيرية، تغيير وجهة إيرادات شهري يوليو وأغسطس إلى المعهد القومي للأورام، وتعهدت لمتابعيها بشحن الكتب سريعًا خلال أسبوع، ليصل التبرع لمصابي معهد الأورام القومي في أسرع وقت.

أما محمد عبدالله نصر صاحب محل سمك، فقرر التبرع بإيراد يوم من محل "سمكاوي" الذي يملكه لصالح ترميم القومي للأورام، بعد تأثره بصور المرضى، وأضاف: "أقدم شيء إيجابي وملموس قدر استطاعتي".

كما دعا رواد المواقع غيرهم للتبرع تحت شعار ادعم معهد الأورام، وأبرز من دعوا إلى الأمر كان الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة السابق، والدكتور هاني الناظر استشاري الأمراض الجلدية ورئيس المركز القومي للبحوث سابقًا.

بدورها، بدأت مؤسسة مرسال استقبال مرضى المعهد ومرافقيهم بعد الانفجار مباشرة، ودعت عبر "فيس بوك" للمساهمة في إنقاذهم، ووفقا لشيماء سامي مسئول العلاقات العامة بالمؤسسة، تم استقبال "مريض" كان موجودا بالمعهد و6 مرافقين.