رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» ترصد رحلة التضامن في خفض معدل التجاوزات ضد الأيتام

جريدة الدستور

أبواب موصدة، وأصوات صراخ عالية، وأطفال يعاملون بوحشية، صورة دائمًا تجسدها السينما المصرية لما يحدث داخل دور الرعاية تحديدًا الخاصة بالأيتام، والتى أثبتت العشرات من الحوادث وقتها صدق هذه الصورة، إلا أن الوضع الآن اختلف كثيرًا.

انخفضت الانتهاكات داخل دور رعاية الأيتام إلى 20% فقط، بحسب علاء عبدالعاطي، معاون وزيرة التضامن الاجتماعي للرعاية الاجتماعية، والذي أكد أن نسبة الانتهاكات داخل دور الرعاية منذ 4 سنوات كانت تتجاوز 85%، وانخفضت في الوقت الراهن إلى 20%، بسبب التنوع في آليات الرقابة على دور الرعاية من خلال الرقابة الدورية من قبل الوزارة ومديريات التضامن الاجتماعي.

"الدستور" تتبعت رحلة وزارة التضامن في تشديد الرقابة على الدور، وتأهيل الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين بها، كما تحدثت مع بعض الشباب الذين قضوا سنوات طويلة في هذه الدور وكيف اختلف الوضع الآن عما كان يحدث سابقًا.

جيهان: وصلت الدار وعمري 4 سنوات وعشت بها 21 عامًا
جيهان 25 عامًا، تعمل مشرفة في إحدى دور رعاية بمحافظة الإسماعيلية، قالت: "رحلتي مع الدار بدأت وأنا عمري 4 سنوات، وما علمته من العاملين في الدار أنهم جاءوا بي من محطة القطار، وتعرضت داخل الدار لكل أنواع التعذيب.

توضح: "وأنا صغيرة كنت شقية وبقول ألفاظ خارجة لكنني لم أكن أفهم قبحها فلم أكن تخطيت السادسة، وقامت إحدى المشرفات في الدار بتجريدى من ملابسي كاملة، ودهن جسمى بالعسل وربطتني في عمود على سطح الدار ليقوم النحل بلدغي".

وأضافت فى حديثها مع "الدستور"، ذقت في هذه الدار كل أنواع التعذيب، لدرجة أنني في إحدى المرات هربت من الدار، ولكن أحد سائقي الدار وقتها، طاردنى في الشارع وكنت حافية القدمين، لم أشعر وقتها بالدماء التي سالت مني، بعد أن جرحتها قطع زجاج في الشارع، ولم أشعر بالسيارة التي كادت أن تصدمني؛ لأننى لم أكن أفكر حينها سوى في الخلاص من الدار، لكن الحارس أعادني إليها.

استطردت جيهان الوضع فى الدار الآن مختلف تمًاما عن الماضي، لأن مديرة الدار تتعامل معنا كأننا أبناؤها، وبعد عملي في الدار كمشرفة أتعامل مع الجميع بالصورة التي كنت أتمنى أن أعامل بها.

هبة: الأوضاع تحسنت كثيرًا فى دور الأيتام
هبة محمد، 25 عامًا، متطوعة في إحدى دور الأيتام، قالت إن المعاملة مع الأطفال اختلفت بشكل كبير في دور الأيتام، حتى إن كانت هناك تجاوزات تحدث بشكل فردي، لكن الوزارة تتصرف فيها بشكل عاجل.

وتابعت في إحدى الليالي جاءني اتصال من طفل في دار رعاية، يقول لي إن أحد الأطفال تم خطفه من الدار على يد مشرفة اختطفته إلى منزلها لتنتقم منه بعدما قدم شكوي ضدها إلى رئيس الدار.

أضافت: "قمت منتفضة بحثًا عن الطفل، الذي قامت مشرفة الدار بضربه وإهانته وتجريده من ملابسه وربطه معلقًا عاري الجسد، وصعدت القضية وأرسلت على كل صفحات الوزارة والجميعات التابعة لها قصة الطفل، وبالفعل استجابت الوزارة وشكلت لجنة وحولت القضية للتحقيق، وأوقفت المشرفة عن العمل لحين حكم المحكمة".

رحلة التضامن للسيطرة على دور الأيتام
في يونيو عام 2014، أصدرت وزارة التضامن، اللائحة النموذجية المنظمة للعمل بدور الأيتام، والتي تضمنت سبعة فصول، جاء فيها تحديد الفئات المستفيدة وتراخيص تلك المؤسسات، كان ذلك لحماية حقوق الأطفال المحرومين من الرعاية الأسرية من الجنسين، الذين لا تقل سنهم عن ست سنوات، ولا تزيد عن 18 سنة أو حتى سن الاستقرار بالعمل أو الزواج للإناث، ونشأوا في ظروف اجتماعية قاسية تحول دون رعايتهم في أسرهم الطبيعية.

ولعل أفضل ما جاء في تلك اللائحة هو العمل على تلبية كل الاحتياجات الصحية والغذائية والتعليمية والنفسية والاجتماعية للأطفال، فالعديد من شكاوى المقيمين كانت تتضمن انتهاكات تحمل أثرا نفسيا وبدنيا ينفرهم ويدفع البعض للهرب قبل بلوغ السن القانونية، لذا نجد منهم المشردين وأطفال الشوارع، ونصت على توفير كوادر وموارد بشرية مؤهلة (تربويًا ونفسيًا وأكاديميًا) للتعامل مع الأطفال.

في آخر إحصاء أصدرته وزارة التضامن قال علاء عبدالعاطي، معاون وزيرة التضامن الاجتماعي للرعاية الاجتماعية، إن هناك 448 دار أيتام على مستوى الجمهورية، بها 10 آلاف طفل.

جمعيات أهلية تتدخل لإنقاذ الأيتام من الإهمال
وخلال مشوار التضامن، تدخل الكثير من الجمعيات الأهلية لمساعدتها في حماية الأطفال داخل الدور، منها جمعية "وطنية" لتنمية وتطوير دور الأيتام، والتي عمدت إلى تقديم الدعم والرعاية لما يقرب من 150 دارًا من أصل 500، بـ13 محافظة على مستوى الجمهورية.

وتهدف لتوفير حياة كريمة للأيتام بدور الرعاية، منذ الصغر إلى أن يصير مواطنًا صالحًا في المجتمع، طبقا لمعايير الجودة العالمية التي تم تطبيقها في دور الأيتام داخل المجتمع المصري.

كما أطلقت الجمعية بالتعاون مع وزارة التضامن برنامج "حمايتهم مسئوليتنا"؛ يهدف إلى تمكين 60 مؤسسة إيوائية خلال عامين في القاهرة الكبرى وأربع محافظات، من وضع وتفعيل نظام داخلي لحماية أبنائها من جميع أنواع الإساءات لضمان صحة الطفل النفسية والبدنية.

وتم تنفيذ برنامج الحماية في أكثر من دار خلال عام 2018 منها، "بيوت آمنة لرعاية الفتيات" ضم 18 طفلة من سن 5 إلى 12 عامًا، وسبع مشرفات وأمهات بديلات بالإضافة إلى المشرفة وبعض من المتطوعات والكفلاء".

ودار "محمد عماد راغب" ضم 20 طفلًا من سن خمس إلى تسع سنوات، وثلاث مشرفات وأمًا بديلة إلى جانب الجد، ودار "بيت العيلة" ضم 25 طفلًا من تسع إلى 12 سنة وثلاث مشرفات وأما بديلة إلى جانب الجد.