رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«طيور سوداء».. حقيقة الغربان التي تهدد أهالي مدينة الطور

جريدة الدستور

أصوات مزعجة ملأت أرجاء البيت والساعة لم تتعد السادسة صباحًا، استيقظت "نانسي" مفزوعة على الصوت، رغم أنها أصبحت تسمعه يوميًا، إلا أنه من شدته وارتفاعه بات يزعج جميع السكان في المنطقة التي أصبح الغربان يتقاسمون هدوءها مع سكانها.

يعاني أهالي محافظة جنوب سيناء من انتشار الغربان في معظم المناطق، الأمر الذي يسبب إزعاج دائم لهم، وفزع للأطفال تحديدًا لا سيما مع منتصف الليل.
 "الدستور" تواصلت مع بعض سكان مدن جنوب سيناء، وأحد الخبراء المتخصصين لبحث خطورة تواجد الغربان في المدن السكنية وكيفية التقليل من مخاطرها.

من جانبها، وزارة الزراعة قررت وضع طعام مسموم فى مناطق وجود الغربان للقضاء عليها، بعد محاولات استمرت سنوات لتقليل أعدادها في مدن جنوب سيناء دون جدوي، إلا أن ذلك الحل وجد اعتراضًا من بعض جمعيات الرفق بالحيوان.

سكان: نخشي النزول في الشوارع من الغربان
نانسي من سكان مدينة الطور، قالت نستيقظ صباح كل يوم على صوت الغربان الذي أصبح بعض السكان يخشون النزول من منازلهم، فى الوقت الذي يرتفع فيه أصواتهم خوفًا على أنفسهم وأطفالهم، موضحة أن وزارة الزراعة قامت بوضع سموم للغربان في الشوارع، خوفًا على الأطفال الذين يتواجدون في الشوارع لساعات طويلة، خاصة أننا في وقت إجازة مدرسية ويتجه أغلب الأطفال للعب في الشوارع.

وتابعت السم يظل في التربة لحوالي 40 يومًا كما نسمع دائمًا، ومعنى ذلك أن نزول الشارع طوال هذه المدة سنكون معرضين لهذا السم لأنه سيلتصق فى أحذيتنا ومن خلالها سينتقل إلى بيوتنا.

محمد صالح من سكان المدينة أيضًا، رأى أن مكافحة الغربان بالطرق التي تستخدمها وزارة الزراعة هي الأسلوب الوحيد للقضاء على الغربان ذات الفصائل الغريبة، موضحًا أن السم الذي تستخدمه الزراعة في قتل هذه الغربان أفضل من القنص لأنه كان سيتسبب في أضرار أكبر.

وقال إن الأزمة ليست في الغربان المحلية الموجودة بمدينة الطور نفسها، ولكن المشكلة في الفصائل الغازية التي تدمر النظام البيئي، موضحًا أن الغربان ذات الفصائل المختلفة والتي جاءت منذ عدة سنوات إلى مصر وعاشت بها تهاجم الزرع وبعض الطيور الأخري.

وأوضح أن هذه الغربان أجبرت فصائل أخرى من الطيور، على هجر مناطق تواجدها بعد أن هاجمتها هذه الغربان، ومع استمرار هذه الظاهرة من الممكن أن يحدث خلل.

أحمد عيسي باحث فى معهد بحوث النبات، قال إن الغربان منتشرة في المدينة بصورة ملفتة للانتباه ومنذ عدة سنوات، ورغم كل محاولات جهاز المدينة للحد من إنتشارها إلا أنها كلها باءت بالفشل.

وأضاف رغم أن وجود الغربان ضروري للتوازن البيئي، لكنها تسببت في أضرار أخري كثيرة للزراعة والمحاصيل المختلفة من خضر وفاكهة وزينة، متابعًا أعمل في معهد بحوث وقاية النباتات ولكن لا يوجد إمكانيات لدى المعهد لعمل دراسات حول هذه الظاهرة.

وأوضح أن الغربان لا تؤذي فقط الزرع، ولكنها تهاجم الكتاكيت والبط والأوز الصغير في المناطق الريفية، مشيرًا إلى أن كثير من المزارعين شكوا من انتشارها وأكلها لطيورهم فالغراب يدخل فى برج الحمام لاصطياده.

"أحضر حاليًا لرسالة دكتوراة متخصصة فى هذا المجال عن تقدير خسائر الطيور علي محاصيل مختلفة وبيولوجي علي الغراب البلدي في محافظة الاسماعيلية"، يقولها عيسى متمنيًا أن يكون لها دور في حصر الخسائر التي تسببت بها الطيور المختلفة وخاصة الغربان.


البحوث الزراعية: استخدام السموم للقضاء على الغربان مضرّ بالبشر
أحمد إبراهيم، الباحث في مركز البحوث الزراعية، قال إن للغربان بعض الأضرار ولها كذلك بعض الصفات العدائية، ولكنه يعد من الخطأ أن يتم القضاء عليها، واستخدام السموم من أجل ذلك، فهذه السموم قد يكون لها بالغ الأضرارعلى الجانب البشري وليس على الغربان وحدها.

أشار إلى أنه بالرغم من هذا، فأن الغربان لها بعض الأهمية فهي تتغذى على الديدان وكذلك الفئران، ضاربًا بذلك المثل بأحد السنوات التي تم فيها القضاء على الغربان؛ ما نتج عنه خروج ديدان الأرض إلى السطح وكثره عددها، وكذلك الزيادة لملحوظة في عدد الفئران، وكبر أحجامها مما يمثل بذلك وجود خلل بالنظام الطبيعي ويشكل خطر على الطبيعة.

خبير مركز البحوث الزراعية رأى ضرورة العمل على تقليل أخطار الغربان، بدلًا من محاربتها ومحاولة القضاء عليها باتباع الأساليب الصحية السليمة.

سبق وأصدر المهندس سمير النجار، وكيل وزارة الزراعة بجنوب سيناء، بيانًا مفاده قيام الوزارة بتشكيل غرفة عمليات للعمل على الحد من انتشار الغربان بمدينة الطور، من خلال إعداد طعوم سامة ووضعها بالقرب من المزارع المجاورة للمنازل، وبعض الشوارع للقضاء على هذه الغربان، كما وجه البيان أهالي طور سيناء بتوعية أبنائهم بعدم العبث في الطعوم باعتبارها سامة وقاتلة.