رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أنوار رمضان


ما إن يطل علينا شهر رمضان الكريم حتى تصحبه أنواره البهية.. وتمتلئ الروح بعبير أنواره الساطعة ويبتهج القلب وتسعد العين بمناخ الفرحة التى تملأ شوارع مصر وحواريها.. ويهل علينا شهر رمضان الكريم بأنوار متلألأة مبكرًا وبأيام تبشر بالخير والشعور بالاستقرار يملأ كل بيت، حيث سبقته عدة مناسبات وأحداث تؤكد ذلك وتعكس إرادة شعبنا فى الاستقرار والأمان ورفض أى نوع من أنواع ومحاولات تكدير حياتنا اليومية.. وهنا يتوقف عليك كمواطن أن تختار موقعك فى الشهر الكريم وأمامك أحد خيارين فى رأيى.

أولهما: أن تكون مصريًا وسطيًا معتدلًا واعيًا لدينك وتعاليمه السمحة.. مستنيرًا تحرص على سماته المميزة له فى مصر أم الدنيا، فتحرص على الصوم والصلاة والزكاة والمودة والرحمة فى تعاملاتك اليومية كما تحرص أيضًا على لمة الأسرة ولقاء الأهل والأحباب والصحبة الحلوة الراقية.. وثانيهما: أن تكون ممن يغالون فى التطرف والاستماع إلى الفتاوى التى يبثها شيوخ التشدد والانغلاق على النفس وكراهية الآخر وتحريم كل شىء.. أنا شخصيًا أنتمى للإسلام السمح الوسطى المعتدل وإلى من يدعون إلى الفكر المستنير والمودة والرحمة ولمة العيلة والصوم والصلاة والزكاة وفى نفس الوقت لقاء الناس والأحباب خلال الشهر الكريم.
ولقد أثبت الشعب المصرى أن غالبيته ينتمون إلى الفئة الأولى الوسطيين المعتدلين الذين يرفضون التطرف ويسعون إلى الاستقرار والعمل ونبذ الكراهية والعنف.. وهناك شواهد لهذا الاتجاه الوسطى وعودته إلينا والحمد لله خلال الأحداث والمناسبات العديدة التى عشناها مؤخرًا معًا.. فقد خرج المصريون بالملايين التى وصلت إلى ٢٧ مليون مصرى فى أكبر خروج فى تاريخهم للموافقة على التعديلات الدستورية فى الاستفتاء الأخير، وملأوا الشوارع بالأغانى الوطنية والشعبية والرقص تأكيدًا على فرحتهم بمصر الاستقرار والبناء والتقدم، مما يعكس رغبة كل المصريين فى الاستقرار واستمرار الرئيس عبدالفتاح السيسى ليكمل خطوات التقدم والتنمية والمشروعات القومية الكبرى، والتى أحدثها ربط سيناء ببقية الأراضى المصرية من خلال أنفاق قناة السويس التى تسهل حركة التجارة والنقل.. وخرجت الأسر المصرية بالملايين تحتفل بشم النسيم وبعيد القيامة المجيد ودقت أجراس الكنائس لتجلجل جميع أنحاء الوطن، وملأت مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت التهانى التى توحد المسلم والمسيحى معًا، فالمسلم يهنئ المسيحى والمسيحى يهنئ المسلم، وليعلم أعداء الوطن ومدمنو الفتن والتطرف والمتآمرين أننا مصممون على الحفاظ على نسيج مصر الموحد والفريد من نوعه.. ثم تلا ذلك عيد العمال الذى عبر عن تقدير المصريين لهذا العيد الذى يعلن أهمية العمل والعمال فى استمرار الإنتاج والبناء والتنمية والمشروعات الكبرى وتداخل هذا مع عيد تحرير سيناء الغالية على قلوبنا جميعًا، والتى نريد أن تمتد إليها بأقصى سرعة يد العمران والبناء، ولعل المشروعات الجديدة التى تربطها ببقية الأراضى المصرية تسهل تعميرها والسكن فيها قريبًا جدًا.
أما رمضان الذى نحبه ونشتاق إلى رؤية هلاله كل عام فله خصوصيته الروحانية فى مصر، فأيامه كلها بركة ففيه نؤدى فريضة الصوم ونحرص على التقرب إلى الله والصلاة والزكاة وفيه أجمل أشكال التكافل الاجتماعى، حيث يتم إهداء الشنط الرمضانية للأكثر احتياجًا.. رمضان هو اللمة والصحبة والعزوة والونس.. هو صوت عبدالمطلب الذى يغنى لنا رمضان جانا.. وفرحنا به.. ومحمد قنديل بأغنيته الرمضانية الشهيرة «والله بعودة يا رمضان» يشدو بصوته الحنون.. هو أنوار الفوانيس التى تملأ شوارعنا وحوارينا بكل الأشكال والأحجام.. هو مفارش الخيامية وتزيين بيوتنا بملامحه الخاصة جدًا.. هو العادات المصرية العريقة فى موائد الرحمن التى بدأت تعود مع عودة الاستقرار. هو شباب مثل الزهور يقفون لتوزيع التمر فى الشوارع للصائمين الذين ما زالوا فى طريق عودتهم لبيوتهم.. رمضان هو أكلات تميز المصريين الفول المدمس والزبادى والخروب والكركديه والفتة والقطايف والكنافة والبسبوسة وغيرها من أكلات زمان التى تنتقل إلينا جيلًا بعد جيل.. هو فرحة الأولاد والبنات بالفوانيس ولحظة مدفع الإفطار وسط الأحباب. رمضان فى مصر لا يشبه رمضان فى أى بلد آخر، فما أن يبدأ حتى ينتهى كلمح البصر، لأن مصر حافلة بأماكن التجمع والترفيه والكافيهات والمطاعم من كل نوع، خاصة فى المناطق الشعبية، مثل: خان الخليلى والسيدة زينب ومقاهينا التى تظل سهرانة مع الناس حتى نسمات الصباح الأولى. رمضان هو أيضًا المسلسلات والدراما التى تلتف حولها الأسر فى البيوت، ولكن أتمنى أن تكون الاختيارات لموضوعات الدراما هذا العام أفضل من الأعوام السابقة لتناسب كل أفراد الأسرة ولا تهبط بالسلوكيات والأخلاق، وأن تحمل معها المتعة والرسالة التى ترتقى بالذوق والفكر والأخلاقيات والسلوكيات.. وكل سنة وكل أهل مصر الطيبين بخير وفى استقرار وأمان إن شاء الله.