رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مع نهاية عام 2018 «1»


مع نهاية عام ٢٠١٨ تتكدس أمام أعيننا صور لأحداث ومناسبات ومواقف مرت أمامنا وأخرى مررنا بها وانتشار ظواهر نتمنى نهايتها والقضاء عليها واستمرار أزمات على الشعوب والحكومات وضع حد لها بمناقشتها ووضع الخطط لحلها.
مع نهاية عام ٢٠١٨ لا بد من مراجعة القوانين التى صدرت مخالفة للدستور المصرى الذى يذخر بحقوق اقتصادية واجتماعية للشعب وينص فى باب الواجبات العامة والحريات على حرية الفكر والعقيدة والتعبير والإبداع وينص على عدم التمييز بين المواطنين لأى سبب، وأن التمييز جريمة يعاقب عليها القانون وينص على التزام الدولة بالمواثيق والاتفاقيات الدولية التى وقّعت عليها وعلى رأسها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر عام ١٩٤٨ والذى ينص فى مواده على حق الإنسان منذ ولادته فى الغذاء والصحة والتعليم والسكن والعمل والمياه النظيفة وأجر عادل يحفظ كرامته وحقه فى إنشاء منظماته النقابية للدفاع عن مصالحه وحقه فى الحياة الآمنة والمشاركة فى الحياة العامة، وحقه فى التعبير عن رأيه بكل الوسائل السلمية.. مع نهاية عام ٢٠١٨ يتكدس فى أدراج مجلس النواب عدد من مشروعات القوانين التى تقدم بها عدد من النواب والنائبات ومنها قانون عادل للأسرة المصرية لمعالجة القصور فى قانون الأحوال الشخصية الصادر منذ عام ١٩٢٥ ونسير عليه حتى هذه اللحظة، رغم ما طرأ على المجتمع والعصر الذى نعيشه من متغيرات! وأيضا قوانين خاصة بالعمالة غير المنتظمة (وهى تُشكل أكثر من ٥٠٪ من العاملين وقانون خاص بالعاملات فى المنازل وقوانين خاصة بالعمل والمرأة ولم تتم مناقشتها رغم أهميتها لاستقرار المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية. وهذا يتطلب أوسع حوار مجتمعى بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى من أحزاب ونقابات وروابط ومراكز ثقافية وجمعيات أهلية قبل إصدار القوانين.
مع نهاية عام ٢٠١٨ تصدمنا الإحصاءات من المؤسسات الدولية ومن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء حول العنف ضد المرأة، وتأتى مصر والسودان على رأس الدول فى ختان الإناث، والذى يضر الفتيات، صحيا ونفسيا وجنسيا، ويعتبر أحد أشكال العنف ضد المرأة، بجانب الاعتداء على المرأة بالضرب والتحرش والاغتصاب. وتتصدر مصر الدول فى قضايا التحرش الجنسى وأيضا نعانى من زواج القاصرات وتسرب الفتيات من التعليم وحرمان المرأة من الميراث، مع ارتفاع نسب الطلاق، مما يؤدى إلى مزيد من تفكك المجتمع وزيادة عدد (أطفال الشوارع) بجانب أن نسبة البطالة فى الإناث تصل إلى ٣ أضعاف نسبتها فى الرجال، بالرغم من خروج المرأة للعمل لمساعدة الرجل لتلبية الاحتياجات الضرورية فى ظل الغلاء وقلة الأجور وضعف القوى الشرائية، هذا بجانب إعالة المرأة ثلث الأسر المصرية.
مع نهاية عام ٢٠١٨ تنفجر فى وجوهنا للمرة الثانية قضية رفض مجلس الدولة تعيين المرأة قاضية فى مجلس الدولة برفض تسليم الملف الخاص بوظيفة معاون مساعد للمتقدمات من الإناث من خريجى دفعة ٢٠١٧، فى تمييز صارخ ضد المرأة كما حدث من قبل مع دفعة ٢٠١٤ عندما تقدمن لسحب ملف نفس الوظيفة وما زالت قضيتهن تُنظر أمام المحكمة الإدارية العليا، وهذا يتم بالمخالفة للدستور والمعاهدات والمواثيق الدولية. ولقد نصت المادة ١١ فى دستورنا المصرى على أن «تكفل الدولة للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها».
مع نهاية عام ٢٠١٨ تقول تقارير مؤسسات الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة إن تضييق الفجوة بين المرأة والرجل يساعد على تقدم وتنمية وبناء الدول. كما أن وصول المرأة لموقع صنع القرار يقلل من الفساد. وبالرغم من ذلك نجد اتساع الفجوة بين الجنسين فى كل المجالات، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، فى الكثير من بلدان العالم.
مع نهاية عام ٢٠١٨ تزداد معاناة المرأة وخاصة فى البلدان العربية التى تشتعل فيها الحروب (وذلك بتشجيع وتحريض ومشاركة الدول الرأسمالية المتوحشة المعسكرة) تزداد معاناة المرأة من التدمير والقتل والتشرد والنزوح واللجوء هربا من الحروب كما تعانى السيدات والفتيات فى الأماكن التى تسيطر عليها الجماعات الأصولية المتطرفة (داعش) من القتل والاغتصاب وبيع النساء فى سوق الرقيق.
مع نهاية عام ٢٠١٨ يقول الممثل الإقليمى لصندوق الأمم المتحدة للطفولة والأمومة (اليونيسف) إن ٣٠٪ من أطفال مصر يعانون من الفقر متعدد الأبعاد، أى أن ٣ أطفال من كل ١٠ أطفال فى مصر يعانون من أشكال متعددة من الفقر فى المناطق الريفية وخاصة الصعيد. ومن المعروف أن الفقر متعدد الأبعاد مرتبط بالحرمان من عدة عوامل رئيسية هى (التغذية والتعليم والرعاية الصحية والحماية والصرف الصحى والسكن والحصول على المعلومات والحصول على المياه النقية) ويقول المسئول الإقليمى لليونيسف إن فقر الأطفال يرجع إلى التعرض للعنف الجسدى وسوء التغذية وعدم الحصول على الخدمات الصحية. براعم وزهور الحاضر، فلذات أكبادنا يتعرضون فى معظم دول العالم للمجاعات والأمراض، هذا غير معاناة الأطفال فى المناطق التى تشتعل فيها الحروب، معاناة شديدة نتيجة فقدان أهاليهم وتدمير منازلهم، مما تكون نتيجته التشريد والنزوح واللجوء مع حرمانهم من التعليم وتعرض الآلاف للقتل بل الخطف من قبل التنظيمات المتطرفة الإرهابية واستخدامهم فى القتال وكدروع بشرية، بجانب تعرض أبنائنا وبناتنا من الأطفال فى الأراضى الفلسطينية من قبل الكيان الصهيونى للقتل والاعتقال والتعذيب فى سجون الاحتلال وحرمانهم من الوصول لمدارسهم.
مع نهاية عام ٢٠١٨ نجد استمرار ظاهرة الهجرة غير المشروعة للشباب والأطفال بل كبار السن (عبر مراكب الموت غرقا فى البحار) بحثًا عن العمل فى ظل عدم توفر فرص العمل وفى ظل المعاناة من الفقر والبطالة.. كل هذا الظلم والتمييز والمعاناة تتعرض له البشرية فى العقد الثانى من الألفية الثالثة لتعود البشرية إلى التخلف والظلام وإلى بؤس الحياة. وللحديث بقية.