حكاية صورة: عطيات الأبنودي مع "خان" و"الطيب"
قال الناقد السينمائي أمير العمري، في مهرجان فالنسيا السينمائي عام 1987 قابلت المخرجة اللامعة التي رحلت مؤخرا عن عالمنا، عطيات الأبنودي، صاحبة الاتجاه الخاص في السينما التسجيلية.
وتابع: "وكانت في تلك السنة رئيسة لجنة التحكيم للأفلام التسجيلية والقصيرة في المهرجان، وكان المخرج الكبير الراحل محمد خان مشاركا بفيلمه البديع "أحلام هند وكاميليا". وكان مهرجان فالنسيا في تلك الفترة يهتم اهتماما كبيرا بالسينما العربية، وقد خصص في إحدى دوراته بانوراما كاملة للسينما المصرية عرض خلالها 30 فيلما، كما خصص احتفالية بالسينما الفلسطينية. ولكن كل هذا الاهتمام انتهى بعد نجاح الحزب اليميني في الوصول للبلدية وإقصاء مدير المهرجان الاشتراكي، ثم تدهور الحال بالمهرجان إلى أن توقف تماما منذ سنوات".
وأشار "العمري" إلى أن عطيات الأبنودي دخلت مجال السينما كهاوية من خلال "جمعية الفيلم" التي أنتجت فيلمها الأول "حصان الطين" الذي صوره أستاذنا أحمد الحضري. ورغم الإمكانيات المتواضعة جدا التي صنع بها هذا الفيلم إلا أنه مضى ليحصد عشرات الجوائز في مهرجانات السينما العالمية التي لا تعرض لغير المحترفين.
وأضاف أن "عطيات" حصلت على منحة لدراسة السينما في أرقى معهد في بريطانيا، أي "مدرسة الفيلم القومية" التي تعتبر اختبارات الالتحاق بها من أصعب وأعقد الاختبارات. لافتًا إلى أن "حصان الطين" كان جواز المرور لـ"عطيات" التي تفوقت وعادت إلى مصر لكي تتخصص في إخراج الأفلام التسجيلية عن الواقع المصري ومشاكله المزمنة، وتعرضت خلال ذلك لعشرات العراقيل التي وضعتها في طريقها القوى المعادية للسينما والمناهضة أساسا لدور الفيلم في كشف سلبيات الواقع.
وقال "العمري": "أما محمد خان فقد عرفته منذ أن ذهبت عام 1983 لحضور تصوير فيلم (خرج ولم يعد) في ريف محافظة القليوبية بالقرب من بنها، حيث كان صديقي القديم مجدي أحمد علي يعمل مساعدا للإخراج مع خان. وكنا نلتقي في المهرجانات وكذلك في مصر حينما كنت أقوم بزيارتها بين وقت وآخر. وكان من حسن الطالع أنه في تلك السنة، 1987، عندما أعلنت نتائج مهرجان فالنسيا في المدينة الإسبانية الرائعة في قلب مقاطعة كتالونيا، فوجئنا بفوز الأفلام العربية الثلاثة بالجوائز الرئيسية: الذهبية والفضية والبرونزية. وفاز فيلم محمد خان "أحلام هند وكاميليا" بالجائزة الفضية. وكانت هذه الصورة التي تجمعني مع كليهما وأيضا مع المخرج الراحل عاطف الطيب، وكان بالفعل من أطيب من عرفتهم من السينمائيين وأكثرهم حبا لعمله".
وأضاف: "جاء عاطف الطيب في تلك السنة أيضا إلى فالنسيا لكي يشارك بفيلمه الذي أعتبره من أهم أفلامه وأكثرها تجاهلا من جانب النقاد وهو فيلم "قلب الليل" الذي أبدع فيه نور الشريف. وربما لأن الفيلم يدور خارج دائرة الاهتمامات السياسية النقدية المعتادة في أفلام عاطف الطيب، وكونه يطرح موضوعا فكريا وفلسفيا، لم يلق اهتماما كبيرا، لكني كنت من المعجبين به، وفي تلك السنة أجريت حوارا طويلا مع عاطف الطيب. وكان الحوار مليئا بالكثير عن أسلوبه وطريقته في العمل وعلاقته بالسيناريو وبالممثلين، وكيف ينظر إلى أفلامه بعد أن يصنعها".