رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رانيا هاشم تكتب: الإعلام بين صناعة الأزمات وحلها

جريدة الدستور

منذ أن وطئت قدماى كلية الإعلام.. أصبحت جملة معينة تتردد على مسامعى ألا وهى «الإعلام قوة»! فهو بالفعل قد يعظّم من شأن دول ويوطد علاقاتها ببعضها البعض.. وقد يُهدم دولًا ويوتر العلاقات بين دول كثيرة.
فلا شك أن الإعلام يلعب دورًا مهمًا فى تشكيل الرأى العام تجاه موضوع معين.. وقد يخلق الإعلام موضوعًا من لا شىء وفقًا لمهارة المقدم وهدفه الأساسى.
من هنا لا بد أولًا أن نعرف معنى الأزمة.. «هى اللحظة الحرجة التى تتطلب سرعة الحركة واتخاذ قرار سريع من خلال بث المعلومة» لأن غياب المعلومة عن حدث ما يخلق نوعًا من التكهن أو الإحساس بأن شيئًا ما يتم إخفاؤه وبالتالى تتصاعد الأزمة وتخرج عن السيطرة، لأن التأخر يخلق مجالًا للقيل والقال.. وبالتالى يصعب تصديق المعلومة بعد ذلك أو على الأقل نسبة تصديقها ستقل.
فمنذ عدة سنوات، وبصفة خاصة فى التسعينيات عاشت صحف ومجلات على المدرسة الغربية «التى تعيش على الأحداث المثيرة وغير المألوفة»، وكذلك على الأزمات، باعتبارها تشد القارئ وتثير فضوله.. وللأسف أصبح حال إعلامنا العربى هكذا.. وبالفعل حققت نجاحًا كبيرًا وشهرة واسعة وحجم مبيعات كبيرًا جدًا.. ومع نجاح هذه التجربة التى لم تراع اختلاف الجمهور المصرى عن الغربى فى تكوينه الثقافى.. أصبح الصحفيون الذين تدربوا فى هذه المدرسة نجومًا على شاشات التليفزيون.. سواء ضيوفًا أو مقدمى برامج.
وبالتالى يمارسون إعلامًا جديدًا «خارج النص»، إن صح التعبير يطلق عليه «الإعلام الشعبوى»، فأصبحت الأزمات هى الزاد الذى يعيش عليه الإعلام المصرى، باعتبارها تصنع جماهيرية للمقدم الذى يريد أن يصفق له الجمهور، وكذلك القناة التليفزيونية، على اعتبار أنه كلما زادت الإثارة زادت نسبة المشاهدة.. وبالتالى زاد إقبال المعلن عليها.. أما فى حالة وجود أخطاء فى المعلومة التى بطبيعة الحال تخلق بلبلة.. فلا بأس من الاعتذار أو حتى التعديل دون تنويه أو اعتذار.. اعتمادًا على أن القارئ أو المشاهد سريع النسيان.
لذا فمن يتابع ما تنشره أو تبثه بعض الفضائيات، يجد ارتباكًا فى المشهد الإعلامى، وبالتالى تصبح صناعة الأزمات زادًا يوميًا يصدر للمشاهد سواء بين الدول بعضها البعض أو بين مكونات المجتمع الواحد.. على سبيل المثال لا يمكن أن ننسى أن وسائل الإعلام خلقت حالة من الفزع من مرضى إنفلونزا الطيور والخنازير.
وأغلقت المدارس أبوابها خوفًا على أبنائها من هذا المجهول، الذى قيل إن له دورة ثانية وثالثة يتحور فيها للدرجة التى تم فيها حصر مبدئى لما قد يقع من ضحايا فى كل مرحلة بشكل مفزع، ليتضح لنا بعد ذلك أن هذه الأمراض رغم وجودها إلا أن تقديمها بهذا الشكل كان ظاهرة إعلامية فى المقام الأول، ثم اختفى الحديث عنها وكأن شيئًا لم يكن بعد أن حققت شركات العقاقير العالمية أهدافها وسوقت ما لديها من مخزون.
كذلك التعامل الإعلامى مع أزمة «مرض جنون البقر» التى جعلت الناس تصاب بهستيريا نتيجة نقص المعلومات الدقيقة بالمرض، ما أدى لتصاعد الأزمة، حيث أدى تداول وسائل الإعلام لكلمة أبقار وكلمة جنون، إلى جعل الناس يعتقدون أنهم من الممكن أن يصابوا بالجنون إذا تناولوا أى نوع من اللحوم.
إن الطريقة الشعبوية للإعلام، إن جاز التعبير، هى مدرسة من صناعة هواة الإعلان والانتشار على حساب المادة الإعلامية التى تقدم، فهى مدرسة تلعب على مشاعر الجماهير فى كل الحالات، سواء كانوا على صواب أو خطأ، وهنا يفقد الإعلام دوره التنويرى والإرشادى فى التركيز على الأزمات التى أخطرها هو تعظيم الحالات الفردية وتقديمها على أنها ظاهرة، بالإضافة إلى إشاعة حالة من الإحباط العام!.
من هنا فإدارة الأزمات تتطلب أن يكون هناك مسئول هو المصدر الرئيسى للمعلومة وعلى صلة بكل وسائل الإعلام لتنقطع بالتالى المصادر التى تجتهد فيما لا تعلم، وأن تمتلك الوسيلة الإعلامية شجاعة الاعتذار عن الخطأ إن حدث، بما يضفى لها مصداقية.. وبما يجعل أحيانًا الأزمة فرصة للتصحيح إذا تم تجاوزها بشكل سليم.
من هنا فمهارة مخاطبة الجماهير أمر حتمى من خلال تقديم كل أشكال الإعلام التى ترضى جميع الأذواق وتستطيع من خلالها جذب المشاهد للوسيلة الإعلامية من جهة ومن ثم نقل المعلومة له من جهة أخرى.. وأخيرًا لا بد أن نضع فى الاعتبار أنه فى التعامل مع الأزمات.. ليس المهم ما حدث.. لكن الأهم ما يعتقد الناس أنه حدث بالفعل.. بمعنى أن يتم التعامل مع ما يتصوره الناس وليس مع ما نتصوره نحن.. وأن يضع المسئول نفسه مكان الجمهور حتى يستطيع أن يتفهم مشاعره ويتعاطف معه.. ويحل الأزمة قبل أن تتفاقم ويصعب السيطرة عليها.

دوري ابطال اوروبا

365Scores.comمزود من

الدوري السعودي

365Scores.comمزود من

الدوري الانجليزي

365Scores.comمزود من

الدوري الاسباني

365Scores.comمزود من