رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكايات مصرية.. أنصتوا يرحمكم الله


يتميز الإنسان الناجح بصفات كثيرة، يعتبر "الإنصات" أهمها. هذه الصفة - من وجهة نظري- نفتقدها كثيرا في مجتمعنا، خاصة مع قادة الأعمال.

الإنصات والاستماع للآخرين هو المدخل الأساسي للتواصل والتفاهم مع الناس المحيطة بينا، فمهارة الإنصات هي المقدرة على استقبال الرسالة وتفسيرها بدقة في عملية التواصل، وهي المفتاح الأساسي في عملية التواصل الفعال بين الناس.

وللإنصات فوائد كثيرة نستخلص منها الأهم، وهي القدرة على فهم الآخرين، وعدم التسرع في اتخاذ القرارات، وفتح قنوات للتفاهم، ويؤكد احترام الآخر، ومن هنا يأتى النجاح، فالطبيب الناجح يستمع جيدا للمريض فيكون تشخصيه سليما، وتبنى مساحة من الثقة بينهما، هي الأهم في استكمال رحلة العلاج التى يسلم المريض فيها نفسة لطبيبه.

والمدير الناجح هو من يمتلك القدرة على الاستماع للعاملين معه، فيشعرهم بأهميتهم ويمد جسور المساحة الإنسانية بينه وبينهم، فينشئ بيئة عمل سليمة، والقاضي العادل هو من يمتلك القدرة على الاستماع لأقوال المتهمين ومرافعات المحامين، فيكون حكمه عدل.

والأب المتفهم هو من يعطي لأبنائه مساحة من الوقت للاستماع إليهم، فيكون الأب والصديق والأخ لهم، يحميهم من أي مخاطر قد يتعرضون لها من أصدقاء السوء أو أشرار المجتمع، وكذلك الأم التي تبني علاقة صداقة مع أبنائها، فتكون الأقرب لابنتها وكاتمة أسرارها، وكذلك باقى أطفالها.

والزوج الفاضل هو من يستمع بتركيز لزوجته فيشعرها بقيمتها ويقدر أفكارها، ويشاركها مسؤوليتها، والعكس أيضا في الزوجة التي تنصت لحكايات زوجها بعد عودته من العمل، ويومياته مع زملائة والمواقف التي مر بها، وتمنحه الفرصة ليخرج ما يشغلة على سبيل "الفضفضة".

وتبرز صفات المعلم الناجح في قدرته على التواصل مع تلاميذه، فيسهل عليه توصيل رسالته، ومن أهم صفات رجل المخابرات أنه يستمع أكثر مما يتكلم، ويعرف الدبلوماسي "الشاطر" بأنه يتحدث قليلا ويستمع كثيرا ويطلق عليه "الرجل الغامض بسلامته".

وفي الحياة عموما يعرف محبى الطرب بالسميعة، وهم من ينصتون لسماع مطربيهم فيستمتعون أكثر وهم يفسرون الكلمات والجمل ويتخيلونها مع من يحبون ويعشقون فيكون إحساسهم بالاغنية أضعاف من يستمع للأغاني بنظرية "التيك أواى".

وعن القرآن الكريم قال الله تعالى "إِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ". صدق الله العظيم.

أما أسوأ مظاهر عدم الإنصات فهى المقاطعة أثناء الحديث، وهي آفة مجتمعية منتشرة بشكل مستفز تفسد أى نقاش، وينطبق على أصحابها قول الإمام علي بن أبي طالب: لو خاطبني ألف عالم لغلبتهم ولو خاطبني جاهل واحد لغلبني، ويقع القائد غير المنصت في خطأ التسرع في اتخاذ القرارات والذي يتخذه لعدم تركيزه مع المتحدثين إلية، وعدم قدرته على فهم لغة جسدهم، وهى واحدة من أهم اللغات التي تساعد على التواصل والتفاعل. أنصتوا يرحمكم الله.