رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حُرمة المال العام .. وأجر صيانته


أنعم الله علينا بالمال العام لتستقيم به شئون حياتنا ومعاشنا , فهو أحد ركني زينة الحياة الدنيا , كما ذكر الله تعالي :

( المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربك ثواباً وخيرٌ أملاً ) . فالمال عصب الحياة الإنسانية , به يؤدي الإنسان رسالته .

ومن هنا تحدث القرآن عن قيمة المال وأهميته فوصفه بأنه خيرٌ جُبلَ الإنسان علي حبه , كما أخبر ربنا سبحانه قائلاً ( وإنه لحب الخير لشديد ) .. ولله دَر القائل :

بالعلم والمال يبني الناسُ مُلكَهم .. ولم يُبني مُلك علي جهل وإقلال .

ولما للمال من أهمية إلا أن الإسلام جعلهُ وسيلةً لا غاية , وسيلة للبر وصلة الأرحام وسيلة للصلاح والإصلاح , وسيلة لدعم قضايا الوطن , المال وسيلة إذا استُخدم في الصلاح كان نعمة , قال النبي صل الله عليه وسلم :

( نعم المال الصالح للرجل الصالح ) .           

أما إذا استُخدم المال في الفساد والإفساد كان وبالاً وشقاءً وتعاسةً علي صاحبه كما حذرنا النبي صل الله عليه وسلم :

(تَعس عبدُ الدينار , وعبدُ الدرهم , وعبدُ الخميصة , تعسَ وانتكس , وإذا شيك فلا انتقش ) . أي إذا أصابته الشوكة فلا أخرجت منه بالمنقاش .

وبناءً عليه لا يجوز للإنسان أن يجعل المال غاية في شئون حياته . والمال إما أن يكون عام أو خاص , فالمال العام هو ما تملكه الشعوب من الأعيان والمنافع مما لا يقع تحت ملكية فردية , والمال العام ركيزة الأمم به تُدير شئونها , وتُقيم مُؤسساتها , وتُحفظ أرضها , وتُقدم خدماتها , وتنشر الخير والأمن والاستقرار في جنباتها .

ولقد حذر القرآن من إهدار المال العام فقال سبحانه وتعالي :

( ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم تُوفي كل نفس ما كسبت وهم لا يُظلمون ) .

وقد وعد الله تعالي أن من أهدر المال العام بأي وسيلة كانت , وأمر بحفظه وصيانته من الفساد حتي يُؤدي المال دوره باعتباره قيمةً لا غني عنها في حفظ نظام الحياة الإنسانية , فمن خالف ذلك فهو داخل في وعيد الله سبحانه وتعالي إذ قال :

( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارةً عن تراض منكم  ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً , ومن يفعل ذلك عُدواناً وظلماً فسوف نُصليه ناراً وكان ذلك علي الله يسيراً ).

فالمال العام أمانه عند كل فرد من أفراد المجتمع سواء أكان مسئولاً عنه أم مُستخدماً له , يجب عليه أن يحافظ علي تلك الأمانة وأن يرعاها وأن يردها كاملة غير ناقصة .. قال تعالي :

( إن الله يأمركم أن تُؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعاً بَصيراً ) .. فعلينا أن نحافظ علي المال العام ونتصدي لكل ألوان التخريب أو الإفساد , وأكد الشرع أن المساس به يُعد جريمة شرعية وخيانة وطنية .