رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الجازولي".. إمام الصوفية الأكبر في مصر

الإمام جابر الجازولي
الإمام جابر الجازولي

يعتبر الإمام جابر الجازولي، الذى تحتفل الطرق الصوفية فى مصر، بمولده هذه الأيام من كبار شيوخ وأقطاب الصوفية الكبار فى مصر، ومن أكثر شيوخ التصوف الذين نشروا الدين الإسلامى فى جميع أنحاء العالم، حيث سخر طريقة الصوفية الجازولية، لخدمة الدين الإسلامى، وشهدت المنهج الصوفى فى عهده، انتشارًا كبيرًا على يديه، حتى أصبحت الجازولية من أكبر وأكثر الطرق إنتشارات فى إفريقا أوروبا وأسيا.

وولد الإمام الجازولي، في 25 أكتوبر 1913م ـ 13 ذي القعدة 1331، وأسمته والدته جابر عندما رأت في الرؤيا سيدي جابر الأنصاري المدفون بالإسكندرية يقول لها في بطنك جابر، وظهرت على الجازولى" منذ صباه، علامات "الولاية" وحمل مشاعل الهداية والدعوة للتصوف الإسلامي في عصر كثرت فيه التيارات الفكرية، وازدحمت فيه الساحة بالدخلاء والمبتدعين، فأخذ علي عاتقه ببساطة الأسلوب وصدق التوجه ونقاء السريرة وطهارة اليد والعفة مسئولية الدعوة إلي حب الله محبة خالصة بعيدة عن العلل والأوهام، حتى أنشأ الطريقة الجازولية في 24 أكتوبر 1950.

ويقول أتباع الجازولى إنه استمد في دعوته من الحضرة المحمدية جوهر الدعوة الإسلامية، ( ألا لا إيمان لمن لا محبة له )، ودعا إلي التصوف تحت شعار أن التصوف هو ممارسة الإسلام كدين وقال رضي الله عنه ( إننا ندعو إلي التصوف الذي يري الحياة جمالا وكمالا وعملا )، وهكذا رأي محبو التصوف في الإمام جابر الجازولي رضي الله عنه ما كانوا ينتظرونه من أئمة التصوف من بصيرة نافذة ورؤيا ثاقبة وفكر مستنير، فأضحي قنديلًا وضميرًا للتصوف في طور عاصف من أطوار تاريخه.

شمائله وصفاته
يقول أتباع الجازولية فى مصر عن الإمام الجازولى كان مؤسس الطريقة الجازولية الإمام جابر حسين أحمد الجازولي رضي الله عنه، ذو شمائل وصفات تأسر القلب والروح معا، فكأن يتميز بالسماحة ولين الجانب، وكان يتصف بالجود الذي بلغ مداه، يرتدي ثوب المهابة والوقار وتظهر عليه علامات الخشوع لله، يجمع في صفاته بين جمال الروح وكمال العقل، وكان ذو أدب جم، لا يخاطب أحبابه إلا بكلمة أخ، يحنو علي الصغير ويوقر الكبير، ويحترم العالم ورجل الدين ويتواضع للجميع.

ويضيف "أتباع الجازولية" لم يكن إمامنا القطب الغوث الفرد الجامع سيدي جابر الجازولي مجرد مربي روحي، بل كان أب وأخ وصديق لكل مريديه وأحبابه، فلم يكن يغادر مجلسه حتى يستمع إلي حاجة كل منهم ويناقشهم في أمور دنياهم ودينهم، ويعاونهم علي اختيار ما يصلح لهم من أمور الدنيا والدين، وساند رضي الله عنه الضعيف، ووقف بجانب المحتاج وواسي اليتيم، ومسح دمعة الحزين، وشجع التفوقين في دراستهم.وحفز العاملين لما ينفع الوطن والدين.

ويؤكد "أتباع الجازولية" كان في سفره من أجل نشر دعوة الطريقة الجازولية إلي حب الله كان قليل النوم، قليل الطعام، كثير العبادة والذكر والسهر، لا يأكل طعاما قبل أن تأكل أحبابه، ولا يشرب إذا عطش أحبابه ولا ينام في سفره إلا إذا اطمأن علي أماكن مبيت أحبابه، كان يعطي ولا يأخذ مؤمنا وموقنا بحديث جده سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم ( اليد العليا خير من اليد السفلي ).

كان " الجازولى"عاشقا للحكمة مولعا بها، دمث الخلق وكريم الطباع، يزيده التواضع رفعة، وكان لبق الحديث يديره بمهارة فائقة، يشرح مفاهيم التصوف شرح الخبير بأصوله وفروعه في بيان فياض، وقوة وحجة حتى إنه ليرغم مستمعيه علي الإنصات التام، ويجتذب قلوب جلسائه نحو بيانه، وحديثه حتى امتد تأثيره إلي جميع المستويات الفكرية والثقافية.

دور الإمام الجازولى في الدعوة الصوفية
وصفه كثير من المتابعين للتصوف بأنه صاحب العبقرية ( عبقرية الدنيا وعبقرية الآخرة ) فكانت مقوماته في دعوته للتصوف ليست الكلمة فحسب، بل زاد عليها دفاعا عمليا بأن أوجد علي الساحة الصوفية فئة جديدة تطبق المفاهيم الصوفية الإسلامية بطريقة لايمكن أن ينكرها عقل أو يرفضها ذوق، فقدم للتصوف طريقته الجازولية التي أصبحت مفخرة للتصوف ووسام يضعه التصوف علي صدره فإذا نظرت إلي أبناء طريقته في حضرا تهم أو مسيراتهم تجدهم وحدة واحدة في الملبس والحركة والذوق الصوفي الرفيع وإذا استمعت إلي إنشادهم كأنك تستمع إلي أصوات ملائكية بألحان سماوية.

وكان الإمام جابر الجازولي يؤكد أنه لا حقيقة بدون شريعة ولا شريعة بدون حقيقة، وأن تقوي الله هي الأقوى في الوصول إليه وأكد أن كل علم من علوم الدنيا يحتاج إلي علم التصوف كما قال ( أن التاجر في متجره والصانع في مصنعه والطالب في مدرسته، الكل يعمل وهو يعلم اليقين أن الله يسمعه، كما يعلم أن الله هو الرزاق وواهب الحياة.

وكان يؤكد علي الصحبة والأخوة، فكان يقول ( أن الولاية ليست أن تطير في الهواء أو تمشي علي الماء ولكن الولاية أن توجد لك أخا في الله ) وقال في حكمته ( وألف إن رأيت واصحبه وإن لم يكن بك نسيب )،
ولأنه يعلم أن التصوف ليس مجرد فلسفة تتوارثها الأجيال بل هو أخلاق وسلوك وبوتقة تنصهر فيها هذه الفلسفة حتى تظهر في قالب عملي لذلك لم يتفرغ لكتابة الكتب ولكنه كتب بعض الرسائل والحكم التي يستعين بها مريده في طريقهم وسلوكهم إلي الله، وكذلك بعض القصائد التي تبين حال الشيخ ومقامه في صورة سهلة تعين السالك علي معرفة أحوال القوم، وقد كانت كلماته رضي الله عنه ولازالت مصابيح هدي لمن أراد سلوك التصوف

فلسفته في التربية الصوفية
كان الإمام الجازولي رضي الله عنه وأرضاه يري" أن التصوف ليس زهدا في الحياة وهروبا منها كما يفهم البعض ولكنه فلسفة حياة يثريها وينميها "

يقول في إحدى رسائله (لقد أطلق الإسلام الجانب الروحي في كل حياة الإنسان في عمله وعبادته، فالتصوف هو الأريج المنبعث من الزهرة الإسلامية المتفتحة اليانعة، لذا كان التصوف هو الطريق إلي السلام وهو الطريق إلي الحب هو الطريق إلي الله " وقال أيضا: وتصوف طريقتنا الجازولية تصوف روحي خالص يراقب الله في كل شئ ويخشاه فالتاجر في متجره والصانع في مصنعه الكل يعمل وهو يعلم علم اليقين أن الله يسمعه ويراه كما يعلم أن الله هو الرزاق وواهب الحياة.

وكان " الجازولى" يعلم أحبابه أن الكرامة ليست أن تطير في الهواء أو أن تمشي علي الماء ولكن الولاية أن توجد لك أخا في الله فقد كان يسعى لتحقيق المعاني السامية للأخوة الإسلامية الصادقة.

وفاته
توفى الإمام الجازولى فى الثامن من أكتوبر 1992، وعاش من العمر 79 عامًا قضاها داعيًا إلى الله حتى اختير إلى جواره، وترك كنوزا من المعارف الربانية، وآدابا صوفية في صورة أتباع الطريقة الصوفية.