النفاق الثقافي لـ«عبد الناصر».. في مذكرات «بدوي» و«كلمات» طه حسين
في مذكراته كشف الفيلسوف عبد الرحمن بدوي، عن واقعة من وقائع النفاق للمثقفين في عهد الراحل جمال عبد الناصر عندما اقترح أحد أعضاء المجلس الأعلى للفنون والآداب، في ذلك الوقت، منح «عبد الناصر» جائزة الدولة التقديرية، وهو الاقتراح الذي لم يتم باعتبار أن عبد الناصر نفسه مانح الجائزة.
ويشير طه حسين، عميد الأدب العربي إلى واقعة أخرى في مقال له بكتابه «كلمات» وهي أن الفقهاء المتخصصين في الفقه الحديث رأوا أن الفقه الإسلامي يستطيع أن يلائم الحضارة الحديثة بما فيها من أحداث وحياة الناس ومشكلاتهم، ولكنهم أحسوا بزيادة تأثير التشريع الغربي الحديث، مع أن الفقه الإسلامي جدير بأن يدرس على المناهج العلمية الحديثة.
ونسي الشرق هذا الفقه، فكان له الغرب أشد نسيانا، ومن ثم هموا لإنشاء معهدا للفقه المقارن في مصر، لكن الظروف لم تساعدهم، ولم تهيئ لهم ما أرادوه حتى اجتمع مؤتمر للفقه الشرقي بباريس، وألقيت فيه محاضرات عن الفقه الإسلامي، ودارت مناقشات حول هذه المحاضرات.
هنالك استكشف بعض الفقهاء الغربيين أن الفقه الإسلامي جدير بأن يدرس، وأن يكون مصدرًا من مصادر التشريع الحديث، وتمنوا أن ينظم عرض هذا الفقه في معجم مما يسمونه عندهم دوائر المعارف أو الموسوعات في بلادنا.
وحمَل بعض الفقهاء السوريين، ممن شهدوا المؤتمر، على عاتقهم إذاعة هذه الفكرة حتى أقنعوا الحكومة السورية، فاستصدرت مرسومًا بإنشاء المعجم، وكان هذا قبل الوحدة، أما بعد الوحدة ضم الرئيس جمال عبد الناصر فقيهًا مصريًا هو «زكي عبد البر»، وكان هدف المعجم شمول كل آراء الفقهاء المسلمين في كل الأحكام، وأن يكون واضحًا يفهمه كل مثقف وليس فقط رجال الدين.
وأكد طه حسين أن اللجنة أعلنت، بعدما رأت تشجيع الرئيس عبد الناصر ودعمه هو ووزير الأوقاف، أن تسمي هذا المعجم وكل ملخص للتراث الإسلامي يتمنى أن يتم «موسوعة جمال عبد الناصر للفقه الإسلامي».