رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثروت الخرباوى لا يرد على عبدالمنعم فؤاد


قرأت مقالاً كتبه قلم شخص يُدعى عبدالمنعم فؤاد، وكان هذا القلم قد كتب هذا المقال عنى بصفة شخصية، فتعجبت كيف لقلم هذا الشخص أن يعرفنى؟ فمبلغ علمى أن الأقلام لا تقرأ، ولكنها فقط تكتب! وقد تملكنى العجب من استطاعة هذا القلم نشر هذا المقال فى جريدة «الدستور» الغراء، ثم علمت أن قلمه نشر المقال ذاته فى مواقع أخرى، وقد تضمن مقاله هجومًا شديدًا على قلمى! فوقع فى روعى أن الأمر لا يعدو إلا أن يكون «غيرة أقلام» ولكننى أخذتُ أشحذ ذاكرتى لكى أتذكر من هو هذا الشخص صاحب هذا القلم؟ فأعيتنى الذاكرة، فعدت إلى الباحث الإلكترونى لكى يرشدنى عنه، خاصة أن هذا الباحث الإلكترونى من الممكن أن يدلك على الغث والثمين، وبعد جهد مضن عرفت هذا الشخص المجهول، إلا أننى للأسف الشديد لم أستطع التعرف على قلمه!.


أما ذلك الشخص المجهول فهو واحد من الذين يعملون فى الأزهر الشريف، ويقال، والعهدة على الراوى، إنه حصل على الدكتوراه فى العقيدة والفلسفة الإسلامية، ثم يقال، والعهدة على من روى، إنه حصل منذ عامين أو أكثر على درجة الأستاذية، ثم يقال ـ والعهدة على من قال ـ إنه أصبح عميداً لإحدى كليات الأزهر، ولله فى أزهره شئون، ثم زاد الغلاة فقالوا إنه حصل مؤخراً على عضوية هيئة تحرير مجلة «الأزهر» العريقة تحت رئاسة الكبير الدكتور حمدى زقزوق، ولكننى بالرغم ذلك على يقين من أن للأزهر ربا يحميه، ثم كان أن تعجبت كيف لرجل وصل إلى تلك المناصب، وهذه الدرجات، وهو من المجهولين تماماً أمام الرأى العام؟ فلم يسبق له أن قدَّم فكرًا، أو عِلمًا، ولم تكن له سابقة فى اجتهادات تنير الطريق أمامنا، وترد على دعاوى المتطرفين وانتحال المنتحلين ومغالاة الإرهابيين وتعسف المتعسفين، ومع ذلك قلت فى نفسى: فليكن، هو حر، فكل رجل له شأنه، وكل شأن وله رجال، وهذا رجل لا شأن له، ولأن كل إنسان حر فى شأنه، لذلك لا شأن لنا به.

ولكن لفت نظرى أمران، الأمر الأول هو قلم هذا الرجل، والأمر الثانى هو لسانه، ورغم احترامى الكبير لشخصه، فهو كما يبدو على قدر كبير من الاحترام، لذلك ليس لى إلا أن أبجله، إلا أن قلمه على خلاف ذلك، فلم يحدث أن تعلم من الأدب النبوى قيمة الخلق الرفيع، ولم يصل إلى علم هذا القلم أن المسلم ليس بسباب ولا لعان ولا فاحش، فأخذ هذا القلمُ عبر سنوات مضت يكيل الاتهامات، ويسخر، ويقذف، والحق أنه كان نشيطاً جداً فى هذا الأمر.. حتى إن أحداً لا يمكن أن يباريه فى هذا المجال، وكيف لأحدٍ أن يبارى قلما؟! ثم كان أسفى على لسان هذا الرجل، ورغم أن هذا الرجل شديد الاحترام وله منا كل التوقير، إلا أن لسانه كقلمه، أو كما يقول المثل المصرى العامى: «لسانه متبرى منه» فإذا بنا أمام قلم لا يُبارى، ولسان «متبرى» منه.

ولكن عن أى شىء كتب هذا القلم؟ لا عليك، ولا تشغل بالك، فقد كتب عن الأزهر، ومناهج الأزهر، وشيخ الأزهر الجليل، لم يكتب عنهم لكى يضع لنا منظومة فكرية وفقهية يسير عليها الأزهر، ولكن كتب عنهم لكى ينال من قلمى، ألم أقل لكم إنها غيرة أقلام؟! فكان أن أخذ يكيل الاتهامات لقلمى، فقال لفظاً إن قلمى جاهل جهل مركب، وإن ثقافة قلمى ثقافة غريبة عن قيمنا وعادات بلادنا، مع أن أحدًا لم يضبط قلمى وهو يرقص فى الطريق العام، ولم يُضبط متلبسا بنفاق شيخ الأزهر بسماجة وسخافة وبلادة، ولم يحدث أن حمل قلمى ما كتبه وذهب به إلى مدير مكتب شيخ الأزهر الجليل لكى يُطلِع الشيخ عليه فينال المنح والبركات، الحقيقة إن قلمى غلبان غلباً أزلياً ولا علاقة له بالثقافات الغريبة، أى نعم أعترف أن قلمى على إلمام ببعض الفلسفات، وأحيانا يسعى إلى أن يحصل على تنوع معرفى ولكن لكى يكتب ولو مجرد كلمة تنير الطريق وتدفع بلادنا إلى تعمير الأرض واللحاق بركب الحضارة الإنسانية..وما ذلك إلا لأن قلمى علم أن الله سبحانه قال فى كتابه الكريم: «هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها».. ولكن للأسف تركنا تعمير الأرض للأمم الأخرى واكتفينا بالفرجة عليهم واستهلاك منتجاتهم الحضارية دون حول منا ولا قوة ولا إبداع.

ومن مفتريات قلم الدكتور الموقر المحترم عبدالمنعم فؤاد ما زعمه فى مقاله من أن قلمى تناول الأزهر كعبة العلم! باتهامات ما يقولها مستشرق أو منصر غربى، رغم أن كل ما كتبه قلمى هو دعوة الأزهر لتجديد مناهجه وتقويمها، وهذه دعوة اشترك فيها مع قلمى كل رموز مصر، ثم استرسل قلم الدكتور المحترم فقال إن شيطانًا يصِّور لى أشياء، وإن قلمى يتخبط وسيطر عليه الغباء الفكرى، ثم دخل إلى منطقة شائكة وقال إن شيخ الأزهر الجليل لا يخاف من الإخوان، وإننى أنا الذى أخاف من الإخوان!! ولماذا أخاف منهم؟ لأننى كنت أجلس على موائدهم، هههههه أضحكتنى يا قلم، والحقيقة أننى لم أجد شيئا له أهمية فى هذه التفاهات والسخافات التى كتبها هذا القلم تستحق الرد، فهى غثاء ورطرطة كلام، ولكن مسألة الإخوان هذه هى التى جعلت قلمى يفكر، لماذا يهاجم قلم الدكتور عبدالمنعم قلمى المسكين؟.

ثم عرفت الأمر، نعم عرفته، فأنا خصم للإخوان وأفكارهم فى حين أن قلم ذلك الدكتور المحترم الموقر إخوانى حتى المداد، ولذلك حق لى أن أحذره خشية من مغبة هذا الأمر: يا دكتور إحذر فقلمك إخوانى، قلمك يا دكتور له علاقة قوية بالإخوان ويجب أن تتخلص منه قبل أن يوردك موارد التهلكة، ودليل ذلك هو أن قلمك فى زمن الإخوان كان يتغزل فيهم وفى دستورهم، وكان يدعو الشعب للتصويت بالموافقة على هذا الدستور المشبوه، وزاد الطين بلَة أن لسانك اشترك مع قلمك فى هذه المؤامرة، فقال فى لقاء متلفز «إن الذين وضعوا دستور الإخوان هم أصحاب الوجوه المتوضئة» والمأساة يا دكتور أن لسانك حوَّل مسألة قانونية ودستورية إلى مسألة دينية، وبدلا من أن يكون الدستور بمثابة عقد اجتماعى تحوَّل على لسانك إلى عقد دينى لم يكتبه إلا المتوضئون، وهذه دغدغة لمشاعر البسطاء كان ينبغى أن يبتعد عنها لسانك، فما هكذا تورد الإبل يا لسان المحترم عبدالمنعم.

كما أن قلمك يا دكتور دعا إلى انتخاب الإخوان، ووصف المعارضين للإخوان بأنهم من العلمانيين الحاقدين الكارهين للشريعة، ثم كتب قلمك فى يناير 2013: «إن جماعة الإخوان وحزبها رافعون لواء الأخلاق والشريعة وأنا ـ أى قلمك ـ أنصر دوماً من يقول إنه ينصر الشرع والحق» ولا تؤاخذنى يا دكتور فقلمك عند هذه النقطة أحمق وغبى، لأن مدرسة كل من يريد استلاب عقول الناس هى دغدغة مشاعرهم بالشريعة، والحمد لله أن قلمك لم يعش فترة نابليون عندما حاول احتلال مصر، إذ إنه وقتها زعم أنه أسلم ويريد الانتصار للشريعة! ولو كان قلمك حيًا وقتها لناصر دوماً الحاج نابليون، كما أنه لو كان على قيد الحياة وقت الحرب العالمية الثانية لناصر دوما الحاج محمد هتلر الذى ادعى أنه أسلم ويريد الانتصار للشريعة! كان يجب يا دكتور أن تُخبر قلمك بهذا التاريخ حتى لا يتورط فى الدفاع دوما عن الأفاقين والعملاء الذين يستخدمون إسم الإسلام ليمسخوا عقول الصبية الصغار.

أما قبل ثورة يونيو المجيدة إذا بقلمك يا دكتور يخرج من جرابه ويكتب لمحمد مرسى، رئيس عصابة الإخوان فى حكم مصر، مطالبا إياه بفرض حالة الطوارئ فى البلاد ويبدو أنه كان قد امتلأ بمداد النفاق فقال لمرسى: «نشعر كل يوم بأن حكمتك ارتفع مستواها إلى أعلى الدرجات، لدرجة أن البعض رأى أن هذا ليس حكمة، بل ضعفا، وما ذاك إلا لما نراه من تخطيط واضح لدمار مصر من شرذمة قليلة معلومة لك وللشعب كله، بل تصرح فى القنوات الإعلامية، ولم يكفهم هذا، بل أعلنوا مجلسًا رئاسياً للبلاد، وهذا يعنى الانقلاب».

وعندما أراد قلمك أن يثبت عضويته فى تنظيم الإخوان إذا به يستدير لحزب النور ويهاجمه، ولم يضع قلمك فى حسبانه أن شيوخ السلفيين كانوا يستضيفونك فى قنواتهم، (الحافظ) وغيرها، فكتب فى فبراير 2013: «أخشى عليك يا نور من أهل الظلام» ثم استطرد: «أحترم حزب النور، وأقدر مواقفه السابقة تجاه الدين والوطن وهوية البلاد، لكن لا أدرى لماذا بدأت تساورنى شكوك حول الحزب والدكتور مخيون ونادر بكار هذه الأيام بعد محاولة مخيون اليوم الخروج من جلسة الحوار دون احترام وجود رئيس الدولة ودون احترام للحاضرين» يا لهذا القلم، ويا لهفواته، إن أخشى ما أخشاه يا دكتور أن يحمل قلمك هذه المقالة التى كتبها قلمى ثم يذهب بها للشيخ الجليل شيخ الأزهر ويذرف عنده من مآقى أنبوبته المداد السخين، مدعياً أنه يتحمل من أجل الشيخ ما لا يتحمله قلم، فيحصل له المراد من رب العباد ويضع شيخ الأزهر قلمك فى جيبه الصغير ليستخدمه وقتما يشاء، ولكننى أقول لقلمك إن لشيخ الأزهر فراسة، أليس هو شيخ الأزهر؟!.

ولذلك يعرف أن قلمك مثل الدبة التى تقتل صاحبها وهى تدافع عنه، وسيكون مآل قلمك أن الشيخ سيرميه فى صفيحة القمامة التى يضعها فى مكتبه تحت قدميه، ودمت بالخير يا دكتور عبدالمنعم، أيها الرجل الحيى المحترم الخلوق الذى لا تخرج العيبة منه أبدا، وإن خرجت من قلمه ولسانه، ولكن الرجل غير قلمه، ولسانه مضغة، ولكنه ليس هو، وفى الختام أخبرك أننى لم أكتب هذا المقال، ولم أفكر أبدا فى الرد عليك، لأنك لا تهمنى ولا تشغل بالى، ولكن شيطان قلمى الذى تعرفه هو الذى صمم على أن يرد على قلمك.