هل يجتمع مؤتمر قمة عمّان؟
ها هو موعد اجتماع القادة العرب من ملوك ورؤساء وأمراء فى عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية عمان يقترب وفقًا للتحضيرات التى أعلن عنها والاجتماعات التى عقدت للتحضير لها ووفقا للتعديلات التى أدخلت على ميثاق جامعة الدول العربية والتى هدفت إلى إضافة قدر أكبر من الجدية لجامعة الدول العربية. ويتابع المهتمون بالشأن العربى، خاصة من المؤمنين بحتمية العمل العربى المشترك، التحضيرات، ويأمل بعضهم بأن يحدث اختراق يؤدى إلى تغير جوهرى فى السلوك والأوضاع العربية.
من الطبيعى أن تكون التوقعات على قدر التحضيرات، فالواقع يقول بأن النتائج تكون على قدر التحضيرات، ولما كانت التحضيرات لم تسفر عن تغيرات فى الأوضاع، فإننا لا نتوقع مثل هذا الاختراق، ونتصور أن ما سيصدر عن الاجتماع سواء من قرارات أو بيانات هو تكرار لما صدر من قرارات سابقة مع التحفظ على وصف ما صدر أو يصدر أو قد يصدر عن الاجتماع بأنه قرارات.
يمكن القول بأن هذا الاجتماع يعتبر الاجتماع الأول لرؤساء الدول العربية بعد اجتماعهم فى شرم الشيخ فى نهاية مارس 2015، حيث إن اجتماعًا عقد فى موريتانيا بعد اعتذار المملكة المغربية عن عدم استضافة اجتماع الملوك والرؤساء والأمراء العرب الذى كان مقررا انعقاده فيها العام الماضى. ويمكن القول بأن الاجتماع المزمع عقده فى عمان ينعقد فى ظروف فشل العمل العربى المشترك وفشل فى الحفاظ على وحدة الدول العربية وفشل فى حل الخلافات العربية. وهو فى نفس الوقت يجرى أقرب ما يكون إلى فلسطين والقدس، حيث يجرى على ضفاف البحر الميت وعلى مرأى من فلسطين.
بالنسبة للعمل العربى المشترك فإن أبرز ما يلوح لنا هو فشل الدول العربية فى إنشاء القوة العربية المشتركة التى سبق أن اقترحت ووافق اجتماع قمة شرم الشيخ فى مارس 2015 عليها، ولكن هذا القرار تعطل نتيجة لطلب من المملكة العربية السعودية أيدته دول الخليج العربية لتأجيل الاجتماع لمزيد من الدراسة، وأن الطلب لم يحدد موعدًا جديدًا للاجتماع، وظل الأمر كذلك إلى الآن. وهكذا يمكن القول بأن الدول العربية تجاهلت القرار الخاص بالقوة العربية المشتركة، بينما اتجهت دول عربية إلى إشراك قوى أجنبية فى نظامها الأمنى ومنحت دولًا أجنبية قواعد عسكرية فيها، وأصبحت علاقتها بحلف شمال الأطلنطى أقوى من علاقتها باتفاقية الدفاع العربى المشترك. وعلى الجانب الاقتصادى فإن قرارات الجامعة السابقة حول السوق العربية المشتركة والوحدة الاقتصادية ومنطقة التجارة الحرة العربية تنعى من أصدرها. وعن القضايا الحالية نجد غياب العمل العربى والتسليم بالتدخل الأجنبى فى معالجة القضايا، حيث تجتمع الدول الأجنبية من أجل البحث عن حل للقضايا العربية فى غياب كل الأطراف العربية، خاصة فى سوريا والعراق وليبيا. وأخيرًا فشلت جامعة الدول العربية فى معالجة الموقف فى اليمن وفشلت العملية التى أيدتها جامعة الدول العربية فى اليمن فى تحقيق السلام والأمن والاستقرار هناك رغم التفاوت فى القوة. وفشلت مصر والسودان فى اتخاذ موقف مشترك إزاء إثيوبيا.
الأزمة الكبرى هى فى الفشل فى المحافظة على وحدة الدولة العربية القطرية، وأخطرها الانقسام الفلسطينى الذى يستغله العدو الصهيونى بالتذرع بأنه لا يعرف الجانب الذى يتفاوض معه، وإلى جانب الانقسام الداخلى فى فلسطين، هناك انقسام طائفى فى العراق وهناك انقسام وتشرذم فى ليبيا، وهناك الحرب الضروس فى سوريا والتى غذتها وتغذيها قوى عربية وأجنبية، بينما تحقق، فعلا، انقسام فى السودان، وقبله حدث الفشل فى الصومال.
هكذا تشير ظروف الاجتماع إلى الأزمات القطرية مما أدى إلى انكفاء الدول العربية على نفسها، وغياب القيادة العربية نتيجة لما يحيط بمصر من أزمات بعضها اقتصادى وبعضها أمنى، مما أغرى آخرين بإمكان احتلال مقعد القيادة فى غياب صاحبه منذ أن قرر حل مشكلته بعيدا عن الالتزام العربى، وفى نفس الوقت هناك أزمات مكتومة بين مصر وكل من السعودية والسودان، بينما لم تعد القضية الفلسطينية القضية المركزية نتيجة تعرض الكيان للخطر.
لا نتوقع قرارات من الاجتماع، فالقرار هو تعبير عن إرادة تغيير الواقع بالتزام من صاحب القرار، أما البيانات فتعبر عن رغبة، وقد تكون إقرارا بالعجز. والقرار الذى يتكرر هو شهادة بفشله، ويبدو أن أحدا لا يملك إرادة.
هل سيلغى المؤتمر أم سيستمر؟ عدم الاجتماع يقر الواقع، ولكنه قد يغلق الطريق أمام إعادة الاجتماع العربى على هذا المستوى مستقبلا، بينما الاجتماع لن يأتى بجديد وقد يغرى على استمرار الأسلوب الجارى. وأظن أن إبقاء الباب مفتوحًا مع محاولة الضغط الشعبى أفضل للمستقبل!