رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زيارة الرئيس لكينيا والعودة لإفريقيا


حسناً فعل الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارته لكينيا السبت الماضى، فعلى الرغم من أن الزيارة كانت مدتها قصيرة وسريعة، حيث كانت لمدة ساعات، إلا أنها «زيارة فاصلة» وتأتى فى إطار «استراتيجية» عودة مصر لعمقها فى دول منابع النيل وإفريقيا.. كما أنها أكدت وبما لايدع مجالاً للشك أن السياسة الخارجية المصرية تجاه إفريقيا بصفة عامة وكينيا بصفة خاصة تقوم على مبدأ «الشراكة» وليس «الصراع» من خلال تأكيد الرئيس السيسى خلال الزيارة على أن «النيل يجمعنا».



ولكينيا أهمية خاصة فى دول المنابع وفى التاريخ الإفريقى، حيث تحولت من مستعمرة كانت تخطط بريطانيا أن تحولها إلى مستوطنة للعنصر «الأبيض»، إلى دولة سطرت اسمها بحروف من نور فى سجل حركات التحرر الإفريقى، قدم أبناؤها الكثير من التضحيات حتى حصلت على استقلالها فى 12 ديسمبر من عام 1963.

وتتميز كينيا بموقع مهم وحيوى فى منطقة شرق إفريقيا وتمتد حدودها من جنوب الصومال وإثيوبيا حتى تلتقى بحدودها الشمالية مع جنوب السودان، ويمكن أن تكون نقطة انطلاق لمصر فى دول منابع النيل وإفريقيا.

ومما لاشك فيه أن مصر لعبت دورًا كبيرًا فى دعم حركات التحرر الوطنى فى القارة الإفريقية عامة وفى دول منابع النيل بصفة خاصة، ذلك فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، لكن مع نهاية سبعينيات القرن الماضى بدأ التواجد المصرى فى إفريقيا عمومًا وفى دول منابع النيل خصوصًا فى الاختفاء، مع الوقت بدأ التواجد المصرى يقل فى دول منابع النيل لدرجة عدم رؤيته من الأساس، فى المقابل تواجدت دول أخرى فى منطقة منابع النيل ساحبة البساط من تحت أقدام الدور المصرى، ومهددة مصر فى أهم وأثمن مورد بالنسبة لها ألا وهو «مياه النيل»... وعندما زار كاتب هذه السطور أوغندا مع تصاعد أزمة المياه بين مصر ودول منابع النيل، كان التواجد المصرى فى هذا البلد المهم بالنسبة لمصر ضعيفًا جدًا، ولا يتعدى وجود نحو 200 مصرى وهم مبعوثون من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، فضلاً عن وجود 30 مهندسًا من شركة المقاولون العرب بالإضافة إلى 3 أطباء وممرضة!!... والمحزن أن مصر كانت متواجدة وبشكل مؤثر فى دول منابع النيل خلال الفترات التاريخية المختلفة وخاصة فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذى وضع خطة شاملة لتحرير دول المنابع من براثن الاستعمار الأوروبى، لكن مع تولى الرئيس الراحل محمد أنور السادات مقاليد الحكم فى مصر بدأ الدور المصرى فى دول منابع النيل فى التراجع، كانت البداية إغلاقه مكتب الشئون الإفريقية برئاسة الجمهورية، هذا المكتب كان حلقة الوصل بين مصر ودول منابع النيل وخاصة من الناحية المعرفية، رغم أن الميزانية السنوية التى كانت مخصصة لهذا المكتب لم تتعد مبلغ 130 ألف جنيه حينها!!... ثم تلا ذلك إفراغ شركة النصر للتصدير والاستيراد من مضمونها، وأصبحت هيئة بيروقراطية بامتياز بعد أن كانت تعد أداة مهمة من أدوات السياسة الخارجية المصرية فى إفريقيا ونجحت فى إقامة مشروعات اقتصادية مهمة فى دول القارة.

وإلى الآن مازال التواجد المصرى فى دول منابع النيل ضعيفاً وغير مؤثر، فى حين أن التواجد الإسرائيلى والصينى لا تخطئه العين.