رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماسبيرو.. ظالم أم مظلوم؟


فى ستينيات القرن الماضى كانت بداية «التليفزيون المصرى» والذى تطور مع مرور الأيام ليشكل حالة فريدة من القبول والرفض.. من التأثير إلى عدم التأثير إلى صياغة الشخصية وتشكيل الوعى إلى الاختفاء من المشهد... إنه «ماسبيرو» الذى يحمل بين جنباته كل المتناقضات.

فمع بدايات «التليفزيون» الأولى لعب دورًا مؤثرًا فى صياغة العقل المصرى ولا أكون مبالغاً إذا قلت و«الوعى العربى» أيضاً ، كما ترك بصمات واضحة فى مجال إنتاج «الدراما التليفزيونية» التى مازالت ملامح أبطالها محفورة فى عقول وقلوب المصريين والعرب على حد سواء.



وحتى تسعينيات القرن الماضى كان التليفزيون مقتصراً على القناتين الأولى والثانية، ومع الوقت أضيفت «القنوات الإقليمية» ثم «القنوات المتخصصة»، ومع بدء بث هذه «القنوات الجديدة» ظن البعض أنها خطوة جديدة لضخ الدم فى «شرايين» الإعلام المصرى.. ولكن مع مرور الوقت كانت هذه «القنوات المستحدثة» بمثابة المسمار فى «نعش ماسبيرو».

ومثلت هذه «القنوات الجديدة» عبئًا كبيرًا على «ميزانية ماسبيرو» وتضخم عدد العاملين فى التليفزيون ليصل إلى أكثر من 40 ألف موظف، وهو رقم ينذر بالخطر الشديد على مستقبل «المبنى التاريخى».

وللأسف الشديد سيطرت «الشللية» على ماسبيرو، وفقدت شاشاته فى السنوات الخمس الأخيرة بريقها، واتجه المشاهد المصرى إلى «الفضائيات» التى نجحت فى جذب الجمهور الأكبر من «ماسبيرو».

وبالطبع هناك من يحاول أن يقدم برامج متميزة فى «التليفزيون المصرى» ولكنها تبقى «محاولات فردية».

ومن سردنا السابق لأوضاع «ماسبيرو » فإننى أعتقد اعتقادًا جازمًا أن «التليفزيون المصرى» ضحية ومظلوم نتيجه سياسات خاطئة تراكمت على مدار الـ20 عاماً الماضية لتصنع حالة تبدو «صعبة الإصلاح».. ولكنها ليست مستحيلة، ومن وجهة نظرى المتواضعة فإن النهوض بماسبيرو لن يتحقق سوى باتخاذ عدة إجراءات سريعة وحاسمة ومنها دمج قنواته الكثيرة فى ثلاث أو أربع قنوات على أقصى تقدير لإنتاج برامج على درجة عالية من الجودة وبما يمكنها من منافسة «الفضائيات»، وأعتقد أن من يعملون فى ماسبيرو يستطيعون إنتاج هذه البرامج فى «تليفزيون الدولة» خاصة أن أغلب من قادوا الفضائيات الخاصة إلى النجاح هم «أبناء ماسبيرو»، كما أن وجود «تليفزيون» يعبر عن الدولة مهم جدًا فى هذه «المرحلة الفارقة» فى تاريخ مصر، خاصة أن «الفضائيات الخاصة» قد تحجم عن عرض بعض القضايا بحكم «نمط الملكية»، وبالتالى فمن المهم أن تتضافر كل الجهود لإنقاذ «ماسبيرو» قبل فوات الأوان.