رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحية لنساء مصر فى ذكرى يناير «3»


تصدت المرأة لدستور 2012 الذى وضعه الإخوان والسلفيون. لم يقتصر كفاح النساء فقط فى المدن، ولكنها تحركت فى كل المحافظات والقرى والكفور والنجوع والأحياء الشعبية والعشوائيات. وأصبحت المرأة المصرية لها القدرة على تحويل الكلام إلى أفعال جماهيرية كبيرة ومسيرات كبيرة كان لها التأثير فى إسقاط نظام الإخوان الفاشى الدموى القمعى التابع فى 30 يونيو 2013. وخرجت المرأة من كل أنحاء مصر أرستقراطية كانت أو شعبية فى المدن والقرى والعشوائيات.



خرجت النساء لتضمد الجراح وتدافع عن حقوق الشهداء والمصابين وتطالب بمزيد من الحريات وحق التعبير السلمى، وتطالب بمحاسبة كل من تلوثت يداه بدماء الشهداء وكل من حض على الفتنة والكراهية، كل من أحرق ودمر الوطن، خرجت المرأة المصرية فى تظاهرات 26 يوليو من الأحياء الشعبية لترفض المعونة الأمريكية. خرجت المرأة لتطالب بحق الصحة والتعليم والوظيفة لأبنائها الذين تخرجوا من التعليم المتوسط والعالى ومازالوا يجلسون فى المنزل بلا عمل.

خرجت المرأة المصرية ضد غلاء الأسعار وغلاء المعيشة، خرجت لتطالب برفع المرتبات والمعاشات. خرجت المرأة المصرية ضد الإرهاب، بل وتصدت مع الشباب والرجال دون خوف للإرهابيين.

خرجت أمهات الشهداء ليطالبن بحقوق فلذات أكبادهن، ولم يكن الطلب التعويض بالمال، ولكن بالقصاص العادل والمحاكمات السريعة والعدالة الناجزة، كان الطلب تحقيق أهداف الثورة التى دفع أولادهن أرواحهم ثمنا لها، وهى العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية وإنهاء التبعية واستقلال الإرادة الوطنية.

لعبت المرأة المصرية دورا مهمًا فى وضع دستور ثورتى 25 يناير- 30 يونيو وذهبت المرأة بالمئات إلى لجان الاستماع التى شكلتها لجنة الخمسين لكتابة الدستور. لم تتكلم المرأة عن حقوقها فقط بل تكلمت عن كل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للرجل والمرأة والطفل، أى للأسرة المصرية، ومن مجموع هذه الأسر يتكون الوطن. تكلمت المرأة عن الحق فى الصحة والتعليم والسكن والعمل. عن أجور عادلة وعن عدالة ضريبية بفرض الضرائب التصاعدية، وعن حرية الفكر والفنون والإبداع، وعن بناء دولة القانون والمواطنة واللا تمييز. كما طالبت بالتمييز الإيجابى لصالح النساء فى المجالس المنتخبة.

كان لذلك أثره فى دخول، ولأول مرة فى تاريخ البرلمان المصرى، 89 امرأة بنسبة 15% من البرلمان الحالى. هذه النسبة التى لم تزد طوال عمر البرلمان المصرى عن 2%. وكان أيضا من أثر ذلك أن تكون نسبة المرأة فى المجالس المحلية 25%.

ولكن مازال المشوار طويلا فى التطبيق الفعلى لإشراك المرأة فى مراكز صنع القرار ووظائف الإدارة العليا شاملة المحافظين والوزراء. ومازالت المرأة المصرية تناضل من أجل وضع رؤية واضحة وقوانين لمكافحة العنف ضد المرأة، وتغليظ العقوبات ضد من يمارس هذا العنف، ومحاربة عادة الختان، والتى تمثل اعتداءً صارخا على جسد المرأة. ومازالت تناضل من أجل وضع قوانين للأحوال الشخصية تعطى كل الحقوق للأب والأم والطفل معا للحفاظ على الأسر المصرية وعلى الأطفال الذين هم أجيال المستقبل.

ومازال أمام المجتمع الكثير من أجل تغيير الفكر الرجعى الظلامى المعادى للمرأة، والذى سيطر على كثير من العقول، بل وتردد داخل أروقة مجلس النواب فى الفترة الأخيرة، ومن أمثلتها التدخل فى لبس المرأة، اقتراح أحد النواب بإجراء كشوف العذرية على فتيات الجامعة، بل وتقديم مشروع قانون للأحوال الشخصية يرجعنا عشرات السنين للوراء ويحرم مصر من طاقة نصف مواردها البشرية، أى المرأة.

نأمل فى عام 2017، عام المرأة المصرية، بتغيير نظرة المجتمع للمرأة، ولكنها لن تتغير فقط بمواد الدستور والقوانين، بل تتغير بتغيير الثقافة المجتمعية من خلال مؤسسات الدولة فى الثقافة والإعلام والفنون والخطاب الدينى الوسطى المتسامح، وتغيير المناهج التعليمية الحالية ووضع مناهج تهدف إلى تنمية المعرفة والقدرات والمهارات والانتماء. مناهج ترسى استخدام المنهج العلمى فى التفكير بدلا من الحفظ والتلقين، مع إشاعة ثقافة التسامح والمواطنة وعدم التمييز.