محمد الباز يكتب.. لماذا لا يستقيل شيخ الأزهر؟
لو كنتُ مكان الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، لتقدمت باستقالتى فورًا، وطلبت إعفائى من منصبى، حتى أريح وأستريح.
لم تكن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى للشيخ فى حفل عيد الشرطة أمس الأول: «إنت تعبتنى يا فضيلة الإمام»، من عفو الخاطر، ولا وليدة موقف عابر، بل كانت ترجمة واضحة لأزمات ممتدة منذ ٣٠ يونيو، وهى الفترة التى لم يكن فيها الطيب مستقرًا ولا هادئًا، وعندما ترصد وجهه فى المناسبات العامة تجده غاضبًا وحزينًا ومحتقنا، وكأن صدره يضيق بما هو فيه.
والسؤال: لماذا كل هذا العناء الذى يبدو عليك يا مولانا شيخ الأزهر؟ فإذا كنت تضيق بمسئولياتك، فلا أهون من التخلى عنها، وإذا كنت ترى أن النظام الذى تنتمى له لا يسلك السلوك القويم الذى تراه أنت، فما أسهل أن تتجنبه، وتسلك الطريق الذى تختاره وترتاح له وفيه.
كان الشيخ فى حرج بالغ بعد عتاب الرئيس العلنى له، أو هكذا يجب أن يكون، وليس مقبولًا ولا منطقيًا أن يخبرنى أحد بأنه لم يشعر بحرج، بدليل ابتسامته التى استقبل بها العتاب.
يمكن للدكتور الطيب أن يعفى نفسه من الحرج، أن يعود إلى خلوته وهدوئه وصفاء نفسه، ساحته بالأقصر أولى به، يمكنه أن يتفرغ لكتاباته وأبحاثه واجتهاداته التى ستكون فى هذه الحالة ملزمة له ولمن يقتنع بآرائه، دون أن يفرضها علينا بحكم منصبه كإمام أكبر.
إننى أربأ بشيخ الأزهر أن يجد نفسه فى صراع سياسى أكبر منه، وساعتها ستزل قدمه، ولن يجد وقتها مَن يغيثه أو ينصره.
لقد صبرت عليه القيادة السياسية، تغاضت عن مواقفه التى وضعت الجميع فى حرج، ليس أقلها البيان الذى أصدره يوم فض اعتصامى رابعة والنهضة، وكشف به ظهر الجميع، أكرمته وانحازت له فى معارك صغيرة افتعلها مع وزير الأوقاف، ربما اعتقادًا منها أن الإمام الأكبر يمكن أن يكون رقمًا إيجابيًا فى معادلة الإصلاح الدينى، لكنه لم يقدم شيئا له قيمة.
لا أشك فى أن الدكتور الطيب فقيه ومجتهد كبير، لكنه ـ وللأسف الشديد ـ يؤدى عمله فى مشيخة الأزهر بروح الموظف وليس بروح العالم، يجتهد فقط للحفاظ على مكانه، يقاوم مَن يعتقد أنهم يمثلون خطرًا عليه، لذلك لم يقدم شيئًا له قيمة فى معركتنا مع الإرهاب، أو المعركة الكبرى فى تجديد الخطاب الدينى.
لكل هذا ولغيره.. فالأكرم أن يستقيل شيخ الأزهر، لعله بذلك يُريح ويستريح.
لماذا كل هذا العناء الذى يبدو عليك يا مولانا شيخ الأزهر؟ إذا كنت تضيق بمسئولياتك فلا أهون من التخلى عنها.