رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مياه النيل.. أزمة تبحث عن حل «4 3-»


فى الجزء الثانى من مقالنا تحدثنا عن تطور «أزمة مياه النيل» ورفض دول المنابع للاتفاقيات التى تنظم حصول مصر على حصتها من مياه النيل، وفى هذا الجزء نعرض لموقف القانون الدولى من هذه الاتفاقيات ودور إسرائيل فى الأزمة.
يقف القانون الدولى فى صف مصر والسودان، لأن الاتفاقيات التى وقعتها مصر مع الدول الأوروبية التى كانت تحتل دول منابع النيل لا تسقط بزوال الاستعمار البريطانى أو الإيطالى أو البلجيكى عن هذه الدول.... كما أن المنطق أيضًا يساند مصر، فمصر هى الدولة الوحيدة من دول حوض النيل التى تعتمد على نهر النيل بصورة شبه كاملة، فى حين أن دول الحوض الأخرى تتعدد فيها مصادر المياه وتتميز بوفرة مياهها.

ولكن ماذا عن «دور إسرائيل» فى «أزمة مياه النيل».. بدأت علاقة إسرائيل بإفريقيا مبكرًا وذلك منذ مؤتمر بازل السويسرية والذى عقد عام 1897.
وقد سعت إسرائيل منذ قيامها عام 1948 لتوطيد علاقاتها مع الدول الإفريقية بصفة عامة ودول منابع النيل خاصة، لتحقيق عدة أهداف أهمها:
التواجد فى منطقة منابع النيل التى تمثل الحلم بالنسبة لإسرائيل... من الفرات إلى النيل، فضلًا عن تطويق مصر من الجنوب بهدف الضغط عليها بأهم مورد بها وهو نهر النيل.
حاجة إسرائيل إلى الكتلة التصويتية الكبيرة للدول الإفريقية فى المنظمات الدولية، لكى تقف فى صفها وتصوت على ما ترغب فى تمريره من قرارات.
وتقوم الاستراتيجية الإسرائيلية الحالية فى دول حوض النيل على عدة محاور أبرزها المحور الاقتصادى، فالمنتجات الإسرائيلية تغزو أسواق دول منابع النيل وخاصة أسواق إثيوبيا وأوغندا وكينيا، وإلى جانب النشاط الاقتصادى تتواجد إسرائيل فى دول المنابع من خلال الدعم العسكرى والأمنى لدول المنابع، فمثلًا قامت إسرائيل بتدريب القوات المسلحة الكونغولية وتسليحها من خلال إرسالها لوحدات عسكرية كاملة إلى الكونغو الديمقراطية، كما شاركت فى عملية إعادة بناء قوات الشرطة بها.
كما قامت بتدريب أفراد الشرطة التنزانية على يد خبراء إسرائيليين، كذلك قامت إسرائيل بتوقيع عدة اتفاقيات عسكرية مع دول المنابع.
ولم يكن غريباً أن يتهم تقرير أصدرته المخابرات الفرنسية فى عام 1996، إسرائيل بأنها تتحمل الجانب الأكبر من تدهور الأوضاع فى منطقة منابع النيل.
وكذلك تنشط إسرائيل فى مجال المشروعات المائية بدول المنابع، حيث قدمت لكل من الكونغو الديمقراطية ورواندا دراسات تفصيلية لبناء ثلاثة سدود كجزء من برنامج إسرائيلى متكامل لبناء مشروعات مائية فى دول المنابع، أيضًا تتواجد إسرائيل فى أوغندا وبقوة وهناك اتفاقية تم توقيعها بين أوغندا وإسرائيل فى عام 2000 تهدف إلى تنفيذ عدة مشروعات مائية فى عشر مقاطعات أوغندية، مما سيؤدى إلى نقص كميات المياه الواردة إلى النيل الأبيض الذى يمد مصر بنحو 15% من حصته السنوية من مياه النيل.
وفى الجزء المقبل من مقالنا يوم السبت القادم سنستعرض تأثير سد «النهضة» الجزء الأبرز فى الأزمة بين مصر وإثيوبيا وأهمية النيل بالنسبة لمصر ورؤية للخروج من الأزمة.