رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد 10 سنوات من رحيله.. نجيب محفوظ في قفص الاتهام.. نائب يتهم أيقونة الأدب بخدش الحياء ويطالب بمحاكمته بسبب "الثلاثية".. انتفاضة الأدباء تُحرِج البرلمان.. وكَّتاب: جرس إنذار لتراجع الوطن

جريدة الدستور

"قصر الشوق" و"السكرية".. أيقونتين أدبيتين طرقتا أبواب العالمية للرواية العربية، إلا أن الكاتب الذي حفر بقلمه مكانة مرموقة لمصر والعالم العربي ضمن قائمة "نوبل" للآداب، لم يطرأ في ذهنه قط أن يأتي اليوم الذي يُزَج بسيرته خلف قضبان الاتهام في وطنه الأم، ولو بعد عِقدٍ من رحيله.

وتسبب الأديب العالمي نجيب محفوظ في إثارة الجدل داخل أروقة البرلمان، وذلك خلال مناقشة اللجنة التشريعية تعديل بعض أحكام القانون المتعلقة بقضايا النشر، حيث قدم كل من؛ النائب أحمد سعيد، والنائبة نادية هنري، مشروعي قانونين بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧، المتعلقة بالعقوبات في قضايا النشر الخاصة بخدش الحياء العام.

"مشادات النواب"

وفي خضم أعمال الجلسة البرلمانية أمس الاثنين، احتدم النقاش بين عدد من النواب، ونشب على إثره مشادة كلامية انتهت بتوجيه الاتهام للأديب العالمي نجيب محفوظ بأن أعماله الأدبية خادشة للحياء، وسط مطالبة أحد أعضاء مجلس النواب بضرورة محاكمته.

وبدأ السجال حينما رفض النائب سمير رمضان عضو اللجنة التشريعية، مشروعي القانون، مؤكدًا إن الإبداع الفني ليس له علاقه بخدش الحياء، قائلًا: "القانونان سيعطيان الحق لإمرأة عارية أن تنشر صورها عارية"، وهو الأمر الذي استفز النائبين علاء عبد المنعم والدكتور أحمد سعيد، وطالب علاء عبد المنعم زميله بتعريف الفعل الفاضح.

وتابع سمير رمضان، قائلًا: "إباحه خدش الحياء يتيح الفرصه لتصوير أي عمل فني بزعم أنه إبداع"، فعلق عليه الدكتور أحمد سعيد قائلًا: "كلامك يعني أن أعمال نجيب محفوظ كلها خادشة للحياء".

من جانبه، قال النائب أبو المعاطي مصطفى، أن هذا القانون يخدش الحياء متسائلًا: "هل يعنى الإبداع إنني أقوم بتصوير حالة جماع كامل على الشاشه، فقاطعه أحمد سعيد قائلًا: "يعنى قصر الشوق والسكرية خدش حياء؟"، فرد المعاطي: "أيوة السكرية وقصر الشوق فيهم خدش حياء، ونجيب محفوط يستحق العقاب بس محدش وقتها حرك الدعوى الجنائية ".

"غضب الأدباء"

وأثارت تصريحات أبو المعاطي، موجة عارمة من الاستياء البالغ والتعليقات النارية في أوساط الفن والثقافة والإعلام، حيث علق النائب والكاتب يوسف القعيد، خلال مداخلة ‏هاتفية لبرنامج "على هوى مصر"، أن ما قاله النائب أبو المعاطي فى حق الأديب العالمي ‏نجيب محفوظ تحت قبة البرلمان، دليلًا على أن الوطن يتراجع إلى الخلف بطريقة مخيفة وهذا ‏جرس إنذار.

فيما قال الكاتب سعيد الكفرواي: "إنه من الواضح أن هذا النائب لم يقرأ كلمة لنجيب محفوظ، مؤكدًا أن نجيب محفوظ الذي ‏هاجمه نائب يستهدف قمع الحريات، قد وضع حياته كلها في الدفاع عن حرية الرأى، وطالب ‏بأن تنتقل مصر من حالة الضرورة إلى حالة الحرية‎.‎

وفي مداخلة هاتفية مع الإعلامية لميس الحديدي في برنامجها "هنا العاصمة"، قال المخرج مجدي أحمد علي: إن مطالبة هذا النائب تطلب ضرورة إنشاء محاكم تفتيش تقوم بتتبع الفنانين والأدباء والحكم عليهم بالقتل رميًا بالرصاص.

وأشار مجدي أحمد علي، إلى أنه يجب على هذا النائب ضرورة التفرقة بين ما يكتبه الأديب وبين العبارات التي يستخدمها الشخص العادي، مطالبًا بحماية الأعمال الأدبية مثلما يتم تحصين النواب.

وأضاف، أن ما يخدش الحياء بالفعل، هو وجود حكم قضائي بات ونهائي ولم ينفذ، وأيضاً أن يعمل أكثر من نائب العديد من المهن الأخرى وهم داخل المجلس.

من جانبه أعرب الكاتب الصحفي والإعلامي خالد صلاح، عن استياءه الشديد من تصريحات النائب البرلماني أبو المعاطي مصطفى، قائلًا: "واضح إن السلفية في الراس مش في الكراس".

وقال خالد صلاح ببرنامج "على هوى مصر" الذى يذاع على فضائية النهار one: " أنا موافق إنك تيجي تكلمني عن رقاصة بتطلع فيديو، وموافق إنك مضايق من رواية حديثة فيها كلام قلة أدب، لكن أنت ملقتش غير نجيب محفوظ اللي تعوره، وواضح إن السلفية مش بس عند حزب النور".

فيما عقبت النائبة لميس جابر، عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، على تصريح النائب أبو المعاطى مصطفى، قائلة: "أقطع دراعى لو يعرف الفرق بين الأدب والجرنال، ولا ليه فى الأدب ولا القراءة".

وأضافت النائبة، فى تصريحات صحفية: "نجيب محفوظ لن يُهز من هذه التصريحات، فهو أديب" فلتة" فى الأدب المصرى لن يتكرر على مدى العصور وعايزين 200 سنة ليخرج أحد مثله، وهل من حاول اغتياله قرأ له شيئا، بالتأكيد لا".

وفي إطار المواجهة الإلكترونية، تصدَّر هاشتاج "الحرية لنجيب محفوظ" موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وشهد رواجًا كبيرًا من جانب الكُتاب والمثقفين، وعلق الكاتب سامح فايز: "نجيب محفوظ على الأسفلت.. عاش كفاحكم يا رجال السوشيال ميديا" ناشرًا صورة لنجيب محفوظ حاملًا جريدة ومرتديًا قبعة يقف على الأسفلت ويدير وجهه للكاميرا.