رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحرية


الحرية كما تعرفها الموسوعة الحرة بأنها إمكانية الفرد - دون أى جبر أو ضغط خارجى - على اتخاذ قرار أو تحديد خيار من عدة إمكانيات موجودة، فالحرية هى التحرر من القيود التى تقيد أو تحد من طاقة الفرد على إنتاجه سواء كانت القيود مادية أو معنوية، فهى - أى الحرية - تشمل التخلص من العبودية التى تمارس من شخص أو جماعة بغرض المنع من تنفيذ مقاصد عامة.

والحرية قد تكون بالسلب أو بالإيجاب، ويعرف الفيلسوف «إيمانويل كانت» الحرية السالبة أو الشخصية بأنها إمكانية اتخاذ القرار دون قيد، وهى حق طبيعى، ذلك الحق الذى يتملكه كل إنسان، كحق الكرامة الإنسانية، وحق الحرية، بغض النظر عن جنسه وعمره ومكان سكنه أو لونه وعقيدته فالحقوق الثابتة هذه لصيقة بالإنسان منذ ولادته كإنسان.

أما الحقوق المكتسبة فهى متغيرة مع الزمن، ومع نوع السلطة كحق الملكية التى يمكن لأحد سلبها، أو التخلى عنها أو استبدالها، والحقوق الطبيعية لصيقة بالإسنان فهى أبدية وأساسية وليس لأى سلطة أن تتدخل فيها.

لقد مضى وانتهى مفهوم القرون الوسطى حين اختلط مفهوم الحرية، حيث اعتبرها الحكام منحة منهم، فهى ملك الحكام كفضيلة من صاحب السلطة، فهو مالكها أو المسئول عنها والحرس لها.

أما الحق الطبيعى فى عصرنا الحاضر فقد توضح بالإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر فى عام 1948، ذلك الإعلان الذى تبنته الأمم المتحدة فى العاشر من ديسمبر عام 1948، وفيه يبين المقصود بحقوق الإنسان المكفولة لكل إنسان والذى يتكون من 30 مادة، ثم تلا ذلك الإعلان وثيقتا العهد الدولى بالحقوق المدنية والسياسية عام 1966، والعهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى ذات العام 1966، والوثائق الثلاث تشكل ما يسمى «لائحة الحقوق الدولية».

وفى عام 1976 أخذت هذه اللوائح قوة القانون الدولى، ولقد أجمعت هذه الوثائق التى أصبحت قانوناً دولياً ملزماً على التحرر من التمييز، وتقديس مبدأ المساواة، إذ يولد جميع الناس أحراراً متساوين فى الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.

كما أن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات الواردة فى الإعلان الدولى دون أى تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأى السياسى، أو أى رأى آخر، أو الأصل الوطنى أو الاجتماعى أو الثروة أو الميلاد دون أى تفرقة بين الرجال والنساء.

ولقد اتفقت الدول على التزامها بالمحافظة على ضمان مبادئ حقوق الإنسان دون فرض أى قيود على الحريات المشار إليها بسبب العرق أو الجنس أو الديانة أو الفكر والدين وحق كل إنسان فى أمنه الاجتماعى وظروف عمل عادلة ومستوى معيشة كاف له ولعائلته والتخلص من جميع أشكال التفرقة خاصة التمييز ضد النساء «معاهدة 1979».

ومن يراجع وثائق الحريات يكتشف أن شريعة حمورابى، وهو سادس ملوك مملكة بابل القديمة، هى من أقدم الشرائع المكتوبة فى التاريخ البشرى والتى يعود تاريخها إلى عام 1790 ق.م.

وتأتى وثيقة حمورابى فى مقدمة الوثائق القديمة، فهى وثيقة متكاملة وشاملة لمناحى الحياة، وهى توضح قوانين وتشريعات وعقوبات لمن يخترق القانون، وأبرزت الوثيقة حقوق المرأة والطفل والعبيد.

وجاء دستور حمورابى فى 282 مادة، والجدير بالذكر أن من اكتشف دستور حمورابى عام 1909 فى محافظة خوزستان بإيران هو عالم الآثار المصرية جوستانو جيكور السويسرى الأصل، ثم نقل العامود المسجل عليه قانون حمورابى إلى إيران، وهو معروض الآن فى متحف اللوفر بباريس.

ويقال إن موسى النبى «عليه السلام» أخذ من حمورابى بعضاً من أحكامه، وهى مطابقة تماماً لشريعة حموارابى «ولد موسى بعد حمورابى بنحو أربعمائة عام».

والخلاصة أن القوانين القديمة والحديثة كلها تتطابق فى ضمان الحقوق والحريات، وسوف نشير فى موضع آخر إلى نصوص الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى مواده الثلاثين لمعرفة أين نحن من هذه المواثيق