رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المصريون.. والمواصلات


من يرقب المصريين فى حالات السفر، واستخدام وسائل المواصلات، سيدرك أننا يمكن أن نكون شعباً متحضراً، إذا ما وجدنا من يعتنى بنا. ويرشد شعبنا إلى الاهتمام بوسائل المواصلات وتقاليدها ... ولنبدأ بالمواصلات بين المدن فى الصعيد، فعندما تذهب إلى موقف السيارت، فى الصباح ستجد الركاب فى الانتظار، وما أن يظهر الميكروباص حتى يتكالبوا عليه، ويتدافعون، وفى دقائق تكون السيارة قد امتلأت والسائق يرقبهم بهدوء، ثم يركب سيارته وينطلق، وتأتى سيارة جديدة وهكذا، يتكرر الموقف. الميكروباص وسيلة مواصلات وحيدة بين مدينتنا وعاصمة المحافظة، وفيها كل أنواع المعاناة، من زحام وروائح كريهة، ودخان وسجائر، ومن لا يعجبه ينزل، والسائق نفسه لا يترك السيجارة من فمه طوال الرحلة، إلى سوء الأخلاق إلى غير ذلك.

ولا مانع لدى السائق من إضافة ركاب زيادة فى الحر والضيق، او إجبار الركاب على دفع زيادة عن الأجرة. سيارات الميكروباص، حالتها سيئة، وبعضها انتهى عمرها الافتراضى، والسائقون حالتهم أسوأ، وبعضهم لا يحمل ترخيص قيادة والطريق آمن أمامهم فلا رقابة ولا أكمنة، فينطلقون بسرعات جنونية دون مبرر. أما فى محطة القطار، القطارات الذاهبة إلى عاصمة المحافظة، وسيلة آمنة للموظفين والطلاب ومن اعتادوا السفر اليوم، فتجد المحطة مزدحمة بكل ألوان البشر، سيدات ونساء وشباب وكهول وناس بملابس عسكرية، وملابس عمال، وعندما يقترب القطار يحدث الاندفاع الرهيب، للحصول على مكان، وهو قطار وحيد، ومن يفوته هذا القطار فعليه أن يذهب إلى موقف التاكسى، وهو بعيد عن محطة القطار، والغريب أن تلك القطارات فى منتهى القذارة، ولا يعتنى بها أحد.

أما فى القطارات المكيفة، فإن الركاب يجلسون فى مقاعدهم المخصصة لهم، وإن كان البعض يجلس فى مقعد آخر شاغر، ولكن عندما يظهر صاحب المقعد يقوم له بأدب واحترام،، ولا يدخن الركاب فى العربات، ولكنهم يتكلمون فى التليفونات بصوت عال، ويكشفون أوراقهم لمن لا يعرفهم، وكأنهم يتعمدون أن يعرفهم الناس. صحيح أن القطارات المكيفة نظيفة نوعاً ما، ولكن لا يمكن أن تدخل دورة المياه فيها وتخرج سالماً فلابد أن يبتل حذاؤك وسروالك من المياه، ولا يوجد شطافات فى المراحيض أو حتى أوراق تواليت، ولكن مع كل هذا يظل القطار وسيلة مواصلات مريحة للمسافات الطويلة. المترو، وسيلة مواصلات حضارية فى المدن الكبرى فى كل دول العالم، ولها طرق خاصة فى التعامل مع الجمهور، فهى مواصلة نظيفة وسريعة، ورخيصة، وتعامل المصريون معها بنوع من الرقى والتحضر، فهم يلتزمون بشراء التذاكر، ولا يحاولون تجاوز الحواجز الموضوعة، ويركبون بنظام، ويقفون ساكنين فى حالة عدم وجود مكان، وأيضاً داخل المحطات نجد الركاب ملتزمين فلا يحدثون ضوضاء ولا يتشاجرون، ولا يدخنون، ولا يلقون مخلفات على الأرضيات، ولكنهم يتعاملون بنظام ورقى.

كل هذا لأن الحكومة فرضت قوانين المترو، فرضاً، فاحترمها الركاب، مع أن الركاب, هم أنفسهم، الركاب الذين يتزاحمون على ركوب الأتوبيس فى الشارع، يقفزون بداخله، من باب النزول، كما يتزاحمون فى ركوب المواصلات الأخرى.