رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حرية الإبداع ومجلس النواب «٢»


منذ أن تم نشر مقالى عن حرية الإبداع وتفعيل الدستور الاثنين الماضى بصحيفة «الدستور»، تلقيت سيلاً من تعليقات وإيميلات حول وجهة نظرى، كثير منها يتفق مع رأيى، وبعضها يطرح تساؤلات، وبعضها ينم عن حب استطلاع، وبعضها يخلط الأوراق بين حرية الإبداع وحرية التعبير وحرية الفكر، وبين الفن الهابط أو الإبداع الهابط السوقى، وبعضها الآخر يربط حرية الفكر أو التجديد بقضية الدين.

لهذا أستكمل كتابة وجهة نظرى فى هذه القضية الحساسة والخطيرة والملحة، ولمصلحة التقدم بالوطن ولمصلحة الحفاظ على الحريات الأساسية وليس لمصلحة أشخاص بعينهم أو أسماء بعينها.

وإنما هى قضية وطن أتمنى أن يتخذ التنوير طريقاً ومنهجاً وسياسة وثقافة، لأن التنوير هو سبيلنا الوحيد لبناء دولة ديمقراطية متقدمة تحترم الحريات الأساسية، وتحترم الدستور الجديد، وتستكمل أهداف ثورة ٣٠ يونيو التى قامت ضد الظلام والعودة للوراء، وفى مقالى السابق طالبت الرئيس السيسى بأن يتدخل شخصياً، وأن يدعو لتفعيل الدستور.

وهناك كثير من الآراء المؤيدة لحرية الإبداع والفكر والتعبير وضد السجن لأصحابها، وأنشر بعض الآراء والاقتراحات التى أرسلت لأنها أيضاً تعبر عن آراء تعكس وجهات نظر متعددة، تناقش وتهتم وتطرح أفكاراً ممكن أن تضيف إلى قضية حرية الإبداع والفكر التى تحدثت فيها قبل ذلك، والتى تدعو الرئيس السيسى لاتخاذ موقف مناصر لحرية الفكر والتعبير، وهذا الأمر أؤيده تماماً مع احترامى الكامل لأحكام القضاء، ومنها مثلاً السينارست سامية جمال، التى تقول إنه لابد أن يتدخل الرئيس السيسى فى النظر فى حبس من هم دون ١٨ عاماً، وأن هذا يعنى ضياع مستقبلهم، وسيكونون قنابل موقوتة إذا لم تأخذنا بهم رحمة، خاصة أنهم فى سن حرجة ويحتاجون التقويم، وأن حبس الصحفيين والمبدعين مقصودة بالفعل، بينما يقول أحمد عاصم إنه تم تأييد حبس فاطمة ناعوت ٣ سنوات بتهمة ازدراء الأديان، ورفض استئنافها فى الوقت الذى تسمح فيه الأوقاف لياسر برهامى بالخطابة مرة أخرى وكأنه لم يرتكب أى خطأ.

وتُبدى السيدة سحر جاد الله رأيها قائلة : «لا يصح الحبس، والله لا يصح، يجب أن نبنى ولا نهدم، نحن ننادى بالديمقراطية، ونحن أبعد بكثير من هذه الكلمة»، وتضيف نانو الحكيم قائلة: «ما يخص الوطن له القضاء، وما يخص الدين فله ربه، يعنى بين الشخص وربه»، وتقول صباح همام: « إحنا مع رأيك يا أستاذة منى»، وتقول راوية رشاد: «لكل مقام مقال»، أما الخبير السياحى باهر ملك فيقول: «إن حزنى شديد لموضوع ازدراء الأديان، إن حبى للسيسى يتطلب منه أن يقود ثورة ضد التخلف الفكرى الذى سيطر على البلد، إن السيسى حبنا والذى لا يختلف اثنان على إخلاصه وحبه لمصرنا لابد أن يتدخل ويغير المفاهيم الخاطئة».إن قراءة سريعة للتعليقات العديدة التى جاءتنى وخاصة بعد أن نشرت مقالى على «فيس بوك»، هى مؤشر واضح فى الحقيقة لمن يرون ضرورة محاولة تجديد الخطاب الدينى التى طالب بها الرئيس، وغالبية من شاركوا فى ثورة ٣٠ يونيو، أى غالبية الشعب يرون ضرورة أن تتجه الدولة وبأقصى قوة إلى التطور والتنوير والوسطية، وأن تكون للدولة يد أقوى وأكثر حزماً فى مواجهة التشدد والتطرف والعنف، وفى مواجهة من يريدون إعادتنا إلى ممارسات العصور الوسطى أو إلى الوراء أو إلى الانغلاق.إن الشعب المصرى الذى وافق على دستور ٢٠١٤ يريد بلا شك أن يتحمل مجلس النواب الدور المنوط به، والذى انتخبه من أجله الشعب، وهذا الدور يعنى أنه من الضرورى تنفيذ مواد الدستور على أرض الواقع، وتطوير القوانين التى تتناقض معه فى بعض المواضع، إننا نطالب الرئيس السيسى بالتدخل مع تنفيذ الدستور فى مواده «٦٥ و٦٦ و٦٧» الخاصة بالحريات، ونطالب أيضاً مجلس النواب بأن يأخذ بعض النواب موقفاً فى شأن حرية التعبير والإبداع والفكر والرأى، إننى أقف ضد الهبوط والفجاجة والسوقية فى التعبير، لكننى أيضاً لا أوافق على إتاحة الفرصة للظلاميين أن يغلقوا أمامنا كل محاولات التعبير والتجديد والتطوير، إننى أؤمن بأنه لا مساس بالقرآن الكريم وبالأحاديث النبوية الشريفة.