جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

«أبوالغيط» يدعو للتكامل والتضامن في مواجهة «التنمر الإقليمي»

أبو الغيط
أبو الغيط

أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن الدول العربية تجد نفسها، وهي تواجه جائحة فيروس كورونا المستجد، في وضع لا تُحسد عليه، إذ تمر هذه الدول بلحظة بالغة الدقة من تاريخها المعاصر، وبعد عقدٍ من المعاناة والاضطراب أنهك المنطقة ودولها، واستنزاف موارد وطاقاتٍ ليست قليلة.

جاء ذلك في مقالٍ نشرته صحيفة الشرق الأوسط اليوم الجمعة، تحت عنوان "العالم العربي في مواجهة الجائحة والتنمر الإقليمي التريكي-الإيراني"، حسب بيان صادر عن الأمانة العامة للجامعة، مساء اليوم الجمعة.

وقال مصدر مسئول بالجامعة، إن مقال أبوالغيط تناول تأثيرات أزمة كورونا الممتدة على الوضعين الدولي والإقليمي وانعكاساتها المحتملة على العالم العربي.

وتابع أبو الغيط إنه في حين تواجه بعض الدول العربية حروبًا أهلية تُهدد وجودها ذاته ككيانات سياسية موحدة ذات سيادة، فإن دولًا أخرى تُعاني أزمات سياسية واقتصادية مركبة، تضعها تحت ضغوط شديدة قد تصل إلى حد الانفجار.

وأضاف: تُعاني المنطقة في مجملها من "تنمر إقليمي" من الجيران المباشرين الذين يعملون على استغلال هذه الأوضاع لتثبيت مواطئ أقدام لهم، وترسيخ وجودهم ومصالحهم على حساب شعوب المنطقة من العرب.

وأكد الأمين العام بمقاله أن حالة "التنمر الإقليمي"، التي يتعرض لها العالم العربي من جيرانه، تنسحب على كل من إسرائيل وتركيا وإيران واثيوبيا، مشيرًا إلى أن الشهور الأخيرة شهدت "تصاعدًا ملحوظًا في الاجتراء على مصالح دول المنطقة والتغول عليها من جانب هذه الدول التي تقع في الجوار العربي المباشر، حيث تُمارس كلٌ من إيران وتركيا اعتداءاتٍ صريحةً -لم يكن ممكنًا تصورها منذ سنواتٍ قليلة- على عددٍ من الدول العربية".

وتابع أبوالغيط أن خطة الضم التي تسعى الحكومة الإسرائيلية لتطبيقها "تُهدد بإشعالٍ أكبر للمشاعر القومية والدينية ليس في فلسطين وحدها، وإنما عبر المنطقة، وقد يتضافر هذا الاشتعال مع الأزمات الناتجة عن الوباء لإنتاج "عاصفة مثالية" لا يبدو أن إسرائيل تُدرك أبعادها".

وجاء بمقال الأمين العام للجامعة أن تضافر التحديات العالمية والإقليمية قد يخلق قوس أزماتٍ ممتد يضم دول المنقطة من مشرقها إلى مغربها، وأمام هذه الأزمات الخطيرة، فليس أمام العرب سوى تفعيل العمل المشترك بأسرع وقتٍ ممكن، ذلك أنه لن يكون في استطاعة أي دولة -مهما كان حجم مواردها وقدراتها- التصدي للأزمات منفردة، فضلًا عن أن الأزمات ذاتها لن تقف عند حدود هذه الدولة أو تلك، وسيقتضي التعامل معها مقاربة عربية جماعية.

وجدد أبوالغيط الدعوة إلى تسريع خطط التكامل الاقتصادي في المنطقة العربية التي ما زالت تعاني من معدلات متواضعة للتجارة البينية لا تتجاوز 10%، مؤكدًا "أن الأزمات الاقتصادية التي خلقتها الجائحة ستُعيد ترتيب أوراق كثيرة، حيث ستكتسب التجارة البينية وبرامج التعاون الاقتصادي والمشروعات الإقليمية المشتركة لتوطين الصناعات الاستراتيجية أهمية متزايدة".

وأردف: أن ثمة أفقًا مفتوحًا أمام تفعيل ما هو قائم بالفعل، واستكمال ما قُطع من أشواط، نحو إنشاء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وما يستلزمه ذلك من إنهاء سريع وناجز لكافة القضايا المتعلقة بقواعد المنشأ وغيرها.

وشدد أبو الغيط أن الخطوة الأولى نحو إصلاح الأوضاع الإقليمية تتمثل في تسوية النزاعات والحروب الأهلية التي تتمدد كالأورام الخبيثة في الجسد العربي، إذ وفرت هذه النزاعات ثغراتٍ نفذت منها القوى الإقليمية لتبسُط نفوذَها وتُحقق أجنداتها الخاصة، مشيرًا إلى أن "مفاتيح الحل" في هذه النزاعات سُلمت للأسف لقوى أجنبية من خارج المنطقة، وأنه آن الأوان لكي يقوم النظام العربي بدور فاعل في إنهائها عبر منح الجامعة العربية تفويضًا واضحًا للتدخل في هذه النزاعات ولعبِ دورٍا جوهريا في تسويتها، حيث بدون ذلك تظل يد الجامعة مغلولةً ويبقى دورها محدودًا في مواجهة أطراف من خارج المنطقة تصير هي الممسكة بالزمام والقابضة على مفاتيح الحل في نزاعاتٍ تدور رحاها في المنطقة وأطرافها من العرب.