جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

رجيم دوكان واستعادة الزمن المفقود «1-2»


«استعادة الزمن المفقود» لهذه العبارة وقع وتلقٍ خاص فى أذهان كل من يقرؤها.. فهى عند أهل الأدب والثقافة عنوان العمل الروائى المعجز للكاتب الفرنسى «مارسيل بروست»، والتى لا أعتقد أن كثيرين من أهل الحرفة قد نجحوا فى تكملة قراءتها. و«استعادة الزمن المفقود» فى العموم هى كل المحاولات الناجحة أو الفاشلة لاسترجاع لحظات، أيام، شهور، سنين من حياتنا كنا متوافقين فيها مع ذواتنا، وفى أسعد اللحظات كنا راضين ومبتهجين، إما عن شكلنا الخارجى أو عن جوهر روحنا وتفاعلنا مع العالم.
وحلم الرشاقة أو استعادة الرشاقة هو الكنز الذى تنشده معظم النساء والرجال.. أن تتخلص من الطبقات الزائدة، أن تتحرر اليرقة المكتنزة وتنطلق الفراشة.. وبسبب المؤثرات البيولوجية وقوانين الطبيعة تعانى معظم النساء بدرجة أو أخرى من الحنين على مدى أيام العمر لزمن الرشاقة، ويجربن كل الطرائق التى يحاولن بها استعادة زمنهن المفقود.. تبقى الصورة الحقيقية لأنفسنا فى داخلنا مختزنة مهما تغيرت الصورة الخارجية وزادت الطبقات عامًا خلف عام، وتبقى النساء رغم المشاغل والتفاصيل اليومية يبحثن عن مساعدة.. عن خلاص.
وفى طريق متابعتى لاستعادة زمنى أو وزنى القديم.. لفت انتباهى وجود جروب عربى: رجيم دوكان «للبنات فقط».
كنت قد قرأت من قبل عن رجيم العالم الفرنسى «بيير دوكان» كأحد الأنظمة الغذائية التى تعتمد على زيادة البروتينات وخفض الكربوهيدرات الداخلة للجسم.
بدأ «دوكان» نظامه الغذائى فى السبعينيات بإلهام من أحد مرضاه الذى كان يعانى السمنة، وأعرب عن استعداده- فى سبيل أن يفقد وزنه الزائد- للامتناع عن تناول أى نوع من المواد الغذائية عدا اللحوم.
بدأ دوكان فى تطبيق برنامجه الغذائى الذى ينقسم إلى أربع مراحل، تعتمد بشكل أساسى على تناول البروتين والألبان الخالية من الدسم، ثم إدخال الخضروات والفاكهة بنسبة معينة حسب كل مرحلة.
وبعد تجربة نظامه الغذائى لسنوات أصدر دوكان كتابه الشهير «رجيم دوكان» عام ٢٠٠٠ الذى وُزع فى أكثر من ثلاثين دولة، وألهم العشرات وقادهم فى طريق التخلص من السمنة أو الوزن الزائد والعيش حياة أفضل.
حفزتنى معلوماتى السابقة، فأرسلت طلبًا لجروب «دوكان دايت للبنات فقط» وبدأت متابعتى لما تنشره المشتركات على الجروب، وعرفت أن الجروب تأسس منذ تسعة أشهر على يد «نورهان عبدالقادر»، وبدأ بحوالى ٢٠٠ فتاة، وبمرور الوقت زاد حجم الجروب وانتشرت الفكرة حتى وصل إلى ٥٠ ألف عضوة، وصل عدد العضوات، اللاتى وصلن للوزن المثالى وخسرن أرقامًا كبيرة من أوزانهن، إلى ٣٠ عضوة، وتدير الجروب حاليًا الناشطات: شيماء مصطفى، رنا سعود، رشا عبدالقادر، وفاء عبدالهادى، وهن مجموعة من السيدات المتحمسات لفكرة الرجيم، واللاتى يحاولن نشر ثقافة الرشاقة والتمتع بالصحة والاستمتاع بالطيب فى الحياة، من خلال التفاعل النشط مع العضوات، تفاعل يصل إلى حد المتابعة الدقيقة، سواء بالرد أو تصحيح المعلومات أو دعم العضوات ومساندتهن فيما يتعرضن له من إحباط فى رحلة الرشاقة الشاقة. كما تحرص «الأدمنز» على تقديم وترجمة كل ما هو جديد ومفيد عن موقع الدكتور دوكان، وقد فوجئ الطبيب الفرنسى عندما وافق على دخول الجروب بحصوله على ٢٠٠ تعليق خلال دقائق من تواجده على الجروب، فتم تنظيم تجربة البث المباشر للقاء معه يوم الجمعة منتصف أبريل، من خلاله تلقى تساؤلات المشاركات العربيات، وأجاب عنها، خاصة التساؤلات المتعلقة باتباع الرجيم والصيام فى شهر رمضان، حتى إنه لم يستطع خلال ساعة مدة البث أن يجيب عن كل التساؤلات، وهذا لا يحدث حتى فى البث المباشر الفرنسى، فوعد بتنظيم لقاءات حية على الهواء أكثر لتغطية اهتمام الدوكانيات العربيات والإجابة عن أسئلتهن، خاصة قبل رمضان المبارك.
وأعتقد أن هؤلاء السيدات قدمن صورة جيدة للمرأة العربية التى تحرص على رشاقتها وصحتها.. وما يميز الدوكانيات، كما يطلقن على أنفسهن، قدرتهن وبراعتهن فى تقديم وصفات دوكانية بنكهة وروح مصرية وعربية، وهى وصفات يستحيل أن تقرأ عنها فى أى نظام غذائى آخر، مثل: الكوسا بالباشميل، المسقعة باللحمة المفرومة، محشى الكوسا أو ورق العنب بالفراخ أو اللحمة المفرومة، النوتيلا الدوكانى، المهلبية والبسبوسة والكيكة، طاجن القرع العسلى بالباشميل.
لقد وصل اقتدار البنات الدوكانيات أن صنعن السينابون ومربى البنجر، والآيس كريم.. وهناك محاولات تتم على قدم وساق لصنع الكنافة الدوكانية قبل هلال شهر رمضان، وأنا أنصحهن كنوع من المشاركة المتواضعة بأن يجربن مربى الكركديه.
وهذه الوصفات المبتكرة تعتمد على إبداع العضوات لتشجيعهن على مواصلة الرجيم للوصول للوزن المثالى دون الشعور بالحرمان.. وتستبدل الدوكانيات الدقيق فى كل وصفة بنخالة الردة أو الشوفان، كما تتم الاستفادة من المسموح به فى الرجيم من استخدام مقنن لبعض المواد الغذائية مثل السكر الدايت، والكاكاو، وجنين القمح، ودقيق الترمس، وهذه الوصفات لا تخضع لأى براءة اختراع أو الحق فى تسجيلها، حتى إن بعد طهاة برامج الطبخ فى القنوات الفضائية يأخذون هذه الوصفات ويقدمونها للمشاهدين على أنها من ابتكارهم.. وأرى أنه يمكن للصديقات عضوات الجروب أن يجمعن هذه الوصفات فى كتاب يُطبع ويُنشر فى المكتبات، ويمكننى مساعدتهن بتذوق الوصفات والحكم على جودتها وتحرير محتوى الكتاب.. وأعتقد أنها ستكون تجربة ثرية.
وفى المقال المقبل تطلعون على تجارب حقيقية لدوكانيات نجحن فى تحقيق الصعب والوصول للوزن المثالى.