الدول الأوربية تضيق الخناق على اللاجئين والمسلمين.. وإغلاق الحدود وترحيلهم أبرز المشاهد.. وتصاعد دعوات بوقف هجرة المسلمون لأوروبا
على خلفية هجمات باريس، بدأت المخاوف تدب بالعديد من الدول الأوربية، التي بدأت تعيد نظرتها إلى اللاجئين والجاليات الإسلامية الموجودة بأراضيها، خاصة بعدما تعرف على هوية أحد منفذي الهجوم، الذي تبين أنه دخل الاتحاد الأوروبي ضمن اللاجئين.
وبدأت معاناة المسلمين تزداد في أوربا منذ عام 1993، على خلفية الهجمات الإرهابية، مع أول قنبلة عام 1993 في مركز التجارة العالمي في الولايات المتحدة، وبعدها بـ8 سنوات في أحداث 11 سبتمبر 2001 المروعة.
وفي عام 2004 حدثت انفجارات قطار مدريد، ثم انفجارات لندن في عام 2005، وكلها أحداث عانى المسلمون من تبعاتها بشدة.
وعقب أحداث باريس، اتسعت دائرة الاتهامات خلال الأيام القليلة الماضية للاجئين، وسط تحذيرات من أن استقبالهم يهدد الأمن والسلم الاجتماعي، وعلى أثر ذلك اتخذت عدة دول أوربية، عدة إجراءات من شأنها تضييق الخناق على العرب والمسلمين، الضحية الأولى للعمليات الإرهابية.
وتصاعدت الدعوات اليمينية في أوربا، وبعض السياسيين الأمريكيين لإعادة النظر في سياسة الهجرة، وإيقاف تدفق المهاجرين واللاجئين من مناطق الشرق الأوسط وأفريقيا، وكذلك إغلاق الحدود الأوروبية، بعد التفجيرات التي شهدتها باريس.
وطالب بعض أعضاء الاتحاد الأوربي، بتغيير الخطة التي تم الاتفاق عليها في أكتوبر الماضي، بين دول شرق أوروبا، بشأن توزيع اللاجئين، ودعوا إلى إلغائها.
ففي فرنسا، شدد رئيس الوزراء، مانيول فالس، على ضرورة إغلاق المساجد والجمعيات التي لا تحترم المبادئ الفرنسية، مؤكدا على ضرورة طرد كل الأجانب الذين يتبنون خطابا متطرفا.
وطالبت زعيمة الجبهة القومية اليمنية، ماريان لوبان، بأن تستعيد باريس السيطرة على حدودها بشكل نهائي من الاتحاد الأوروبي، وأن تقضي على التطرف الإسلامي".
كما طالبت بتجريم المنظمات الإسلامية وإغلاق المساجد المتطرفة وإبعاد الأجانب الذين يروجون للكراهية والمهاجرين غير الشرعيين، وتجريد الإسلاميين مزدوجي الجنسية من جنسيتهم الفرنسية وترحيلهم.
كما أوقفت السلطات الفرنسية العمل بتأشيرة "شنجن" التى تسمح لجميع حامليها بالتنقل بين الدول الأوروبية، والسماح لمواطني الدول الأوروبية فقط بالسفر إلى باريس، إضافة إلى فرض حالة من الطوارئ بالبلاد.
وأعلنت وزارة الداخلية الألمانية، عزمها إعادة العمل بـ"اتفاقية دبلن" عقب تجميدها لأشهر، مما يعني إعادة اللاجئين إلى الدول التي عبروا منها باستثناء من تم تسجيله.
وفي الولايات المتحدة، دعا اثنان من مرشحي الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية، إلى أن تعيد إدارة الرئيس باراك أوباما خططها بشأن جلب آلاف اللاجئين السوريين إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
ووصف تيد كروز، المرشح الجمهوري، فكرة الرئيس أوباما وهيلاري كلينتون بجلب عشرات الآلاف من اللاجئين المسلمين إلى أمريكا، بالجنون.
وقال حاكم ولاية أركنساس، مايك هاكابي، إنه ينبغي توفير ملاذ آمن للاجئين السوريين، ولكن ليس بالضرورة أن يكون في الولايات المتحدة، مضيفا أنهم في حاجة الى عملية أفضل، وليس مجرد فتح الأبواب كما يفعلون في أوروبا.
وعبر رئيس الوزراء السلوفاكي، روبرت فيكو، عن هذه المخاوف بقوله:"هناك مخاطر أمنية هائلة مرتبطة بالهجرة، وكلنا أمل في أن يفتح بعض الناس أعينهم الآن".
وحذر من إمكانية تسلل مسلحين من تنظيم الدولة الإسلامية وسط موجات المهاجرين التي تصل أوروبا، مشيرا إلى أنه هناك نسختين للهجوم هما، تطرف السكان المسلمين في فرنسا كرد انتقامي على مشاركة فرنسا في الضربات الجوية ضد تنظيم داعش، واختراق عناصر التنظيم لموجات الهجرة الحالية.
وأعلن وزير الشئون الأوروبية البولندي، كونراد زيمانسكي، توقف بلاده عن استقبال لاجئين بموجب البرنامج الأوروبي المختلف عليه لتوزيع اللاجئين بين الدول الأعضاء في الاتحاد.
وقال إن حكومته المقبلة لا توافق على التزام الحكومة السابقة بقبول حصة من اللاجئين الذين يعاد توطينهم في الاتحاد الأوروبي.
واتهم رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، المستشارة الألمانية، انجيلا ميركل، بتشجيع تدفق المهاجرين عبر فتح أبواب ألمانيا أمام المهاجرين السوريين.
وفي هولندا، دعا الزعيم اليمني المتطرف المعادي للإسلام، خيرت فيلدرز، الحكومة الهولندية إلى إغلاق
الحدود فورا، متهما السلطات بتجاهل الصلة بين الإرهاب والهجرة.
وأعلن رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، تشديد التفتيش والتدقيق على الحدود الهولندية، قائلا إن الهولنديين "في حرب" أيضا ضد تنظيم داعش.
وفي إيطاليا، أشار زعيم رابطة الوطنيين الشماليين، ماتيو سيلفاني، إلى التطرف الديني للمهاجرين وأطفالهم بوصفه خطرا أمنيا، داعيا إلى إغلاق الحدود الأوروبية.
ووسط هذه الاصوات المحرضة، تعالت بعض الأصوات تدافع عن اللاجئين والمسلمين، وتدعو لعدم تحميلهم المسئولية، حيث قال رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، إن المسؤول عن الهجمات في باريس عنصر مجرم وليس لاجئا أو ساعيا إلى اللجوء، وعلينا ألا نخلط بين الفئات التي تتوافد على أوروبا.
وطالب وزير الداخلية الألماني، توماس دي ميزيير، المجتمع الألماني بتوخي الحذر وعدم ربط النقاش حول أزمة اللاجئين في أوروبا مع الهجمات الدموية على باريس.
وحذر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ، من الربط بين الهجمات الأخيرة التي شهدتها باريس وأزمة توافد اللاجئين على أوروبا.
وأضاف أن "الأشخاص الذين نظموا وارتكبوا تلك الهجمات هم الأشخاص أنفسهم الذين يفر منهم اللاجئون وليس العكس، لذلك لا داعي لإجراء مراجعة كلية للسياسة الأوروبية بشأن اللاجئين".