لوفيجارو: روسلان وأسباب فتور العلاقات الفرنسية الروسية
تحدث الكاتب بيير روسلان عن الفتور الذى يشوب العلاقات الفرنسية الروسية بسبب الخلافات القائمة بين البلدين حول الأزمة السورية ومن قبلها الأزمة الليبية ... مشيرا فى الوقت نفسه إلى ان العلاقات بين البلدين كانت قد شهدت دفعة خلال فترة رئاسة نيكولا ساركوزي.
ونقل روسلان فى مدونته بصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية اليومية نشرتها على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت مقتطفات من أول مذكرة تحليلية أعدها ارنو دوبيان مدير المرصد الفرنسي ـ الروسي بعنوان فرنسا ـ روسيا : التحديات وتجديد الشراكة الاستراتيجية..
جاء فى المذكرة التحليلية أن التعنت الذي يبديه الكرملين إزاء الملف السوري لايرجع إلى السمات الشخصية لفلاديمير بوتين أو إلى المصالح المفترضة للمجمع العسكري الصناعي الروسي فى دمشق ... ولكنه يعود فى المقام الأول إلى التشدد الايديولوجى إزاء ماتعتبره روسيا نزعة تدخل جديدة للغرب ..
ويضيف كاتب المذكرة التحليلية قائلا :" إن كون باريس فى طليعة هذه العملية - قبل وبعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية - أمر لايمكن ان يتم تجاهله في الكرملين وسواء كان الأمر يتعلق بملف الدفاع المضاد للصورايخ أو بارساء الأمن في القارة فإن موسكو ترى ان التحفظات أو التصريحات المتناقضة لإدارة ساركوزي مع الموقف الأمريكي فيما يتعلق بالأزمة الليبية لم تكن كافية لمواجهة التصميم الأمريكي ... مشيرا إلى أن عودة فرنسا إلى القيادة العسكرية المتكاملة لحلف شمال الأطلنطي الناتوساهمت ـ فضلا عن ذلك ـ فى عدم اعتداد الزعماء الروس بما تتخذه فرنسا من مواقف.
وإحدى أهم العقبات التى تحول دون تعميق الشراكة الثنائية ـ كما جاء فى المذكرة التحليلية ـ يتمثل فى ضيق الأسس الاجتماعية بين الجانبين فالروس والفرنسيون لايعرفون بعضهم البعض بصورة جيدة كما ان التفاهمات المتبادلة بعيدة عن الواقع المعاصر .
واستطرد ارنو دوبيان مدير المرصد الفرنسي ـ الروسى قائلا فى مذكرته التحليلية إن التيارين اللذين يحملان الأفكار التقليدية فى فرنسا ـ وهما الديجوليون والشيوعيون ـ ويميلان إلى الحفاظ على العلاقات مع موسكو قد اختفيا تقريبًا من المشهد السياسي فى فرنسا .. كما ان هجرة الروس البيض ـ رغم ما لاقته من استحسان من جانب الكرملين فى السنوات الآخيرة ـ لم تساهم بالكثير لأن عدم تحالفهم فى شكل لوبي افقدهم أى ثقل وذلك بخلاف الجالية الأرمينية على سبيل المثال.
ونقل بيير روسلان فى مدونته بصحيفة "لوفيجارو" عن دوبيان قوله: إن صورة روسيا فى فرنسا أصبحت تدعو للرثاء ... فهى صورة نمطية تتعلق بالمافيا والبغاء والتهديد النووي والعودة الأبدية لحقبة ستالين والتى تساهم "الصحف الكبرى" ـ التى تبحث فى كثير من الأحيان عن الأثارة أكثر من التحليلات الدقيقة ـ فى تأصيل جذورها فى الذاكرة الجماعية .
وأشار دوبيان إلى أن كبرى الأحزاب السياسية فى فرنسا لاتهتم كثيرا بالشئون الروسية وليس لديها اية خبرة بعينها خاصة بها ـ بخلاف نظرائهم الألمان أو السويديين حيث شركاتهم ـ مثل ايبريبت وادينوير وبالم ـ لديهم منذ وقت بعيد مكاتب فى موسكو وينظمون هناك برامج أبحاث عديدة .
وأضاف بيير روسلان فى مدونته بصحيفة "لوفيجارو" قائلا: إن المقتطفات من الجانب الروسي عديدة أيضًا ... ونقل عن ارنو دوبيان معد المذكرة التحليلية قوله: إن تحليل روسيا للأنباء الفرنسية يكشف ـ للوهلة الأولى ـ تطابقًا فكريا ولكنه ـ فى الأساس ـ يعكس جهلا بالحقائق ... فصورة الدولة الممنهجة (...) تلعب ـ غالبا ـ دورا فى القرارات الاستثمارية التى تتخذها بعض المجموعات الروسية .
ومثال على ذلك صورة الإسلام الزاحف من فرنسا تعكس القلق والفوبيا من جانب المراسلين الروس والتى لا يشاطرهم فيها نظراؤهم الفرنسيون الذين يلجأون إلى تبسيط الأمور ... ومايثير القلق بصورة أكبر، هو تراجع الخبرة الفرنسية فى كبرى مراكز الأبحاث فى موسكو والتى تضاءلت بشكل ملموس مقارنة بالثمانينيات.
واختتم دوبيان مذكرته التحليلية بالإشارة إلى انه إذا مانحينا الخطب جانبا، فإن الشراكة الثنائية لم يعد لها اولوية فى الوقت الحالي سواء فى موسكو او فى باريس ... فالولايات المتحدة تمثل أفقًا استراتيجيا لروسيا .. وقد تكون الصين غدا ... بينما تعتبر ألمانيا عامل الاستقرار الرئيسي لروسيا اقتصاديا فى أوروبا.