رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عيد الفلاح.. مناسبة للتأكيد على دوره في الاقتصاد الوطني

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تحتفل مصر "الأربعاء" بالعيد الثالث والستين للفلاح المصري الذي يوافق التاسع من شهر سبتمبر من كل عام، وهو المناسبة السنوية التي تؤكد على دوره الكبير والمتعاظم في الاقتصاد الوطني وتتوج مسيرة جهاد طويلة بذل فيها الفلاح المصري الدم قبل العرق في كفاحه ضد الطغاة والظالمين، كما أنها مناسبة تؤكد فيها الدولة أهمية دوره في عملية التنمية باعتباره الداعم الأول لها في مجال توفير الغذاء خاصة في تلك الفترة من مراحل العمل الوطني في مصر.
ويأتي احتفال الفلاح المصري هذا العام في ظل استعادة اهتمام الدولة به وبدوره، فكان بدء إجراءات تفعيل قانون التأمين الصحي على الفلاحين هو البداية المبشرة لهذا الاهتمام، حيث سيتم حصر أعداد الفلاحين المستفيدين بمظلة التأمين الصحي، وتسجيل بياناتهم شاملة الرقم القومي، وتحصيل الاشتراكات المستحقة للراغبين في الاشتراك بنظام التأمين الصحي على الفلاحين، ثم توريدها للهيئة العامة لتأمين الصحي، بينما ستتولى وزارة المالية سداد حصة الحكومة عن الاشتراكات للذين تم حصرهم وإصدار بطاقات ذكية "إلكترونية" لهم لتلقي الخدمة.
وتم اختيار يوم 9 سبتمبر للاحتفال بعيد الفلاح، ولإصدار قانون الإصلاح الزراعي إحياء لذكرى وقوف ابن محافظة الشرقية الزعيم أحمد عرابي في مواجهه ظلم الخديوي توفيق عام 1881، ورده عليه بعبارته الشهيرة "لقد خلقنا الله أحرارا، ولم يخلقنا تراثا أو عقارا أو عبيدا".
والفلاح المصري هو أحد رموز الشخصية المصرية، ومعروف عنه ارتباطه بأرضه و دفاعه عن حقه باستماتة، وامتد هذا الدور عبر التاريخ ليؤكد أنه كان أيضا محركا للثورات الاجتماعية، والنيل ضخ في دمه جينات الحكمة، فقد قام الفلاحون بالإضراب عن العمل بنظام السخرة أثناء حفر قناة السويس في عام 1862، وعدم إعطائهم أجورا لعملهم مع سوء الأحوال المعيشية، واضطر المسئولون عن حفر القناة إلى تحديد أجر للفلاحين، وتحسين معيشتهم نسبيا، وتوفير مياه الشرب لهم ، وحتى أثناء ثورة 1919 تكاتف فلاحو زفتي في تكوين ما سمي بجمهورية زفتى، حيث أعلن الجميع الاستقلال عن السلطة وشكلوا مجلسا وطنيا.
وجاء الحزب الوطني بقيادة محمد فريد ليتبنى قضايا الفلاح، حيث اهتم بتشكيل الجمعيات التعاونية والنقابات الزراعية والمدارس الأهلية، واستطاع حزب الوفد أن يقدم عددا من الإنجازات خاصة الائتمان الزراعي، وقام بالدعوة لاستصلاح الأراضي وتوزيعها علي الفلاحين عام 1935، حتى جاءت ثورة يوليو لترفع القيود والأغلال عن أعناق الفلاحين بإصدار أول قانون للإصلاح الزراعي الذي أصدره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في يوم 9 سبتمبر 1953 وبموجبه تم إعادة هيكلة الملكية الزراعية بتفتيت الطبقات بين الملاك والمزارعين، حيث أصبح الفلاح الأجير مالكا لجزء من أملاك سيده، وأصبح للفلاحين حقوق كفلتها لهم الثورة.
وكما كانت ثورة يوليو الناصرية ترجمة أمينة لطموحات الملايين من الفلاحين المصريين، بدأت الدولة بعد ثورة 30 يونيو في التأكيد على الاهتمام الراسخ به وبقضايا الفلاح وهمومه، الأمر الذي كان متراجعا من قبل في ظل تعاقب الحكومات التي تخلى معظمها عن مسئوليته تجاه الفلاح والمشكلات التي يواجهها، فبات ما يزيد على 15 مليون فلاح في مصر لا توليهم الدولة الاهتمام المستحق مما زاد من معاناتهم، وأدى إلى هجرة بعضهم إلى الحضر، وعزوف أبنائهم عن الاستمرار في مهنة الفلاحة.
ولا يمكن إغفال ضرورة الاهتمام بهذه الفئة في ظل الأحداث الجارية حاليا، حيث تستلزم المرحلة الحالية ضرورة تفعيل هذا القطاع والتغلب على مشكلاته والعمل على ضمان حصول الفلاح على أعلى عائد من زراعاته وتوفير مستلزمات الإنتاج له ووضع خطة عاجلة لإعادة التعاونيات لدورها الطبيعي ، بالإضافة الى أهمية تطبيق الدورة الزراعية للحفاظ على الأرض الزراعية والعمل على تدوير المخلفات على مستوى الجمهورية خاصة قش الأرز لتلافى مشكلة السحابة السوداء السنوية المزمنة.
كما تستلزم ضرورة تفعيل دور الاتحاد التعاوني بشكل كامل من أجل الارتقاء بمستوى الزراعة وتحسين الخدمات المقدمة مما ينعكس إيجابيا على مستوى أدائهم خاصة أصحاب الحيازات الصغيرة ، ومنحهم معاشا بعد سن الستين ، واستمرار دعم مستلزمات الإنتاج الزراعي لمزارعي المحاصيل الإستراتيجية، وتخصيص الأراضي الصحراوية لصغار المزارعين وخريجي كليات الزراعة والطب البيطري، وتعديل قانون التعاونيات الزراعية بما يضمن النهوض بها وأداء دورها كاملا في مساندة المزارعين وتسويق محاصيلهم بأعلى الأسعار.‎