قطر تغزو مصر لإحكام قبضتها على الاقتصاد الوطني
قطر تغزو مصر بخطة انقلاباً في خريطة البيزنس لصالح الإخوان المسلمين هكذا بات المشهد في السوق المحلي وعلى الساحة الاقتصادية.. تلميحات خيرت الشاطر حينما ترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية السابقة قبل أن يتم استبعاده بأن قطر سوف تضخ قرابة 50 مليار دولار في السوق المحلي كانت البداية الحقيقية لتحرك الحكومة القطرية بسرعة الصاروخ لتعزز استثماراتها في السوق.
لتصبح قطر من أوائل الدول التي توسعت في مصر وضخت استثمارات جديدة بعد ثورة 25 يناي،ر و ذلك للحصول على الفرص الاستثمارية المتاحة والتي يصعب تواجدها في الفترة المقبلة.
المراقب لحركة الاستثمارات القطرية في السوق المحلي يتبين أنها محدودة للغاية سواء في الاستثمارات المباشرة أو غير المباشرة المتمثل في سوق الأوراق المالية .
عقب تصريحات أسامة صالح وزير الاستثمار أن الاستثمارات القطرية فى مصر بلغت 570 مليون دولار منذ دخول الشركات القطرية العمل في السوق المحلي في سبعينيات القرن الماضي فإن حركة الاستثمار القطري في السوق المصري تشير إلي أن عدد الشركات الاستثمارية المؤسسة نحو 156 شركة في العديد من المجالات المختلفة بإجمالي استثمارات يبلغ نحو 568 مليون دولار، بواقع 10 شركات في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا، برأسمال يبلغ 7 ملايين دولار، والمقاولات والتنمية العمرانية 25 شركة، والقطاع التمويلي 10 شركات، والخدمي بواقع 51 شركة برأسمال 78 مليون دولار، والمجال الزراعي 10 شركات، والسياحي 21 شركة برأسمال، والصناعي 29 شركة وتتنوع هذه الاستثمارات في اكثر من محافظة تتصدرها القاهرة 61 شركة والجيزة 50 شركة والإسكندرية 10 شركات، ومحافظات وجه بحري 18 شركة ومحافظات القناة 3 شركات ومدينة 6 اكتوبر 3 شركات.
فى حين كشف تقرير للبنك المركزي المصري أن الاستثمارات القطرية المباشرة لمصر فى عهد النظام السابق و عقب ثورة 25 يناير وصلت في الربع الأول من عام 2011/2012 وهي الفترة من (يوليو/ سبتمبر) حوالي 17,3 مليون دولار مقارنة بـ 15,6 مليون دولا في نفس الفترة من العام السابق فيما بلغت في الربع الأخير من عام 2010/2011 حوالي 9,8 مليون دولار وكانت قد بلغت الاستثمارات القطرية في العام المالي 2010/2011 حوالي 191,5 مليون دولار مقارنة بـ 70,4 مليون دولار في عام 2009/2010 و53 مليون دولار في عام 2008/2009 , فضلاً عن الويعة لدى البنك المركزى 2مليار دولار لتؤكد هذه الأرقام زحف هذه الاستثمارات لمصر.
بدأت الشركات القطرية في غزو مصر خلال فترة ما بعد الثورة و التوسع فى العديد من المجالات المختلفة ، حيث أعلنت شركة الديار القطرية، الشركة الرائدة في مجال الاستثمار العقاري والتنمية المستدامة، عن توقيع عقد بقيمة إجمالية تقدر بنحو 543,8 مليون دولار أمريكي مع "مجموعة اتحاد المقاولين" لتنفيذ كل من مشروع الديار القطرية في القاهرة "نايل كورنيش"– بقيمة 464.3 مليون دولار- ومشروع منتجع سياحي في شرم الشيخ – بقيمة 79,5 مليون دولار أمريكي، كما أفصحت الديار عن توقيع اتفاقية ثلاثية الأطراف تجمع بين كل من الديار القطرية و"مجموعة اتحاد المقاولين" ومؤسسة صلتك لتوفر هذه المشروعات ما يزيد على الـ 6000 فرصة عمل مختلفة منها 90% من مجموع عمال ومهندسي مشاريع الديار القطرية في مصر.
كما قام وفد من كبار قيادات شركة بروة العقارية القطرية في أكتوبر الماضي بزيارة لمشروع مدينة بروة القاهرة الجديدة السكنية المتكاملة والإعلان عن استمرار الشركة في ضخ 50 مليار جنيه في السوق المصري للمشروع الذي يقام على مساحة 2020 فدانا أي ما يعادل 8 ملايين و500 ألف متر مربع، كما تتفاوض مجموعة بروة حاليا لشراء شركة عقارية مساهمة مصرية كبرى تمتلك محفظة عقارية من الأراضي المميزة بمصر تصل لمليون متر مربع.
ودشنت قطر أيضا مصنع الشركة القطرية المصرية لتصنيع الأخشاب، الذي يقام على مساحة 20000 متر بالمنطقة الصناعية الثالثة في مدينة 6 أكتوبر، وبرأسمال يتجاوز 50 مليون دولار، 95% منه قطري، و5% مصري.
وأعلن رجل الأعمال القطري الشيخ محمد بن سحيم آل ثاني , ممثل شركة "أي أي سي" القطرية, والشريك الاستراتيجي لرجل الأعمال المصري أحمد أبوهشيمة عزم الشركة على ضخ استثمارات بقيمة 3 مليارات جنيه في غضون السنوات الثلاث القادمة وذلك في القطاعات الاستثمارية المختلفة في مصر مع إيلاء أهمية لسوق الحديد وتم الإعلان عن تدشين مصنع حديد المصريين بمحافظة بني سويف بتمويل قطري مصري برأسمال 1,3 مليار جنيه وبطاقة إنتاجية مليون طن سنويا ويقدم إنتاجه في الربع الأول من عام 2014 بطاقة إنتاجية تصل إلى نحو مليون طن ويقام المصنع على مساحة تبلغ 500 ألف متر مربع , فضلا عن شراء مصنع بورسعيد للحديد والصلب بعد شرائه وتطويره بمبلغ 500 مليون جنيه، وبطاقة إنتاجية تصل إلى 500 ألف طن حديد تسليح كما تم الاستحواذ على شركة الإسكندرية للحديد والصلب إحدى شركات القطاع الخاص من محكمة الإسكندرية للإفلاس بقيمة 200 مليون جنيه وبطاقة إنتاجية تقدر بـ 250 ألف طن من لفائف الحديد يعد تطويره يصل حجم استثماراته إلى 400 مليون.
كما أعلنت شركة قطر للبتروكيماويات "قابكو" والتي تعمل في مصر منذ عام 2002 عن تدشين منشأة خدمات لوجستية جديدة لتخزين ودعم منتجات الشركة في مصر بالمنطقة الحرة بعتاقة بمحافظة السويس.
كما تقدم بنك قطر الوطني تقدم بطلب لمجموعة سوسيتيه جنرال العالمية للاستحواذ على حصتها "٧١%" في البنك الأهلي سوسيتيه جنرال، كما أعلنت عدة بنوك قطرية عن اهتمامها بالاستحواذ على فرع بنك بي. إن. بي باريبا الفرنسي في مصر، وكذا انتهت مجموعة كيو إنفست القطرية مؤخرًا من توقيع شراكة مع المجموعة المالية هيرميس تسمح باستحواذها على نحو ٦٠% من وحدة هيرميس في قطر.
قطر بدأت في إحكام قبضتها علي الاقتصاد الوطني لتدعيم نظام " مرسي" اقتصادياً، لكن هل سيستمر هذا الدعم أم سيتم سحبه مع رحيل " مرسي" بعد اربع سنوات؟
اعتبر الدكتور رمضان معروف الخبير الاقتصادى أن الإعلان القطري عن التوجه لاستثمار 18 مليار دولار في مصر لا ينفصل عن نية الإمارة الخليجية الاستظلال بحليف استراتيجي قوي على غرار بلاد الفراعنة, الأمر الذي يثير تساؤلات عن مدى علاقة هذه الاستثمارات بالقرار المصري بالنسبة للقضايا الكبيرة في المنطقة وعلى رأسها الأزمة في سورية ودور مصر في دعم المسلحين وما إذا كان الهدف منها ضم مصر إلى الفريق الداعم للمسلحين في سورية.
وقال " معروف " أن الرئيس محمد مرسي حسم أمره فعلاً في اتجاه مساندة المجموعات المسلحة في سورية, متسائلاً عن العلاقة بين تلك الوجهة وبين الاستثمارات القطرية الجديدة في مصر, إذ إنه من البدهي أن الاستثمارات القطرية الجديدة في مصر سيكون لها أثر كبير عند اتخاذ القرار المصري.
ولفت إلى أنه إضافة إلى المعونة القطرية التي تبلغ قيمتها ملياري دولار وهي وديعة لدى البنك المركزي المصري تبرز الاستثمارات الجديدة وهي عبارة عن استثمارات منها 8 مليارات دولار في مشروعات ضخمة في منطقة شرق التفريعة ببورسعيد و10 مليارات أخرى في مشروع سياحي عملاق في الساحل الشمالي يتضمن ميناء يخوت بمارينا, حيث من المفترض أن توفر فرص عمل لآلاف العمال الذين قد يتحولون إلى أداة ضغط في يد النظام القطري في حال اختلاف وجهات النظر مستقبلاً
و قال إن قطر تريد مصر مؤيدة لها في ملفاتها الخليجية لأن هناك صراعاً أحياناً خفياً وأحياناً أخرى ظاهراً بينها وبين البحرين من ناحية وبينها وبين السعودية من جهة أخرى, ولذلك تريد قطر دعماً مصرياً في علاقاتها العربية إذا احتاجت إلى هذا الأمر وكذلك تريد فرصاً للاستثمار في مصر.
وأضاف إن قطر تعرف حجمها وتعرف إمكاناتها ولأنها صغيرة جداً فهي تحتاج إلى حلفاء أقوياء وكلما كان هؤلاء الحلفاء الأقوياء ليسوا جيراناً مباشرين مثل إيران والسعودية والعراق كان أفضل, بمعنى أن حليفاً كمصر لن يطمع في أرض قطرية ولن يطمع في موارد قطرية ولذلك فإن مصر بالنسبة لقطر حليف استراتيجي مثالي.
فيما أوضح الدكتور حمدي عبدالعظيم عميد أكاديمية السادات للعلوم الإدارية الأسبق أن الاستثمارات الأجنبية التي يتم ضخها في السوق المصرية في هذه المرحلة الحرجة ستحقق فوائد للاقتصاد المصري. وإذا كانت الحكومة القطرية قد قررت ضخ 18 مليار دولار في غضون خمس سنوات أي بحوالي 3,5 مليار دولار سنويا فإن هذا سيساهم بشكل ما في دعم ميزان المدفوعات المصري.
وأشار أن الوديعة القطرية التي تبلغ 2 مليار دولار وسيتم إيداعها البنك المركزي المصري بفائدة %1,5 وفقاً لمعايير البنك الدولي.
وشدد على أن الاستفادة الحقيقية للاقتصاد المصري ستكون من خلال استثمارات صناعية كبرى تساهم في تشغيل أيدي عاملة كثيفة من أجل حل مشكلة البطالة فضلا عن زيادة الصادرات ودعم الاحتياطي النقدي والجنيه المصري وعلاج العجز في ميزان المدفوعات.
ويرفض عبدالعظيم فكرة وجود شروط سياسية مقرونة بهذه الاستثمارات لأن معظم المستثمرين ورجال الأعمال كل ما يهمهم هو الجدوى الاقتصادية من هذه الاستثمارات أما ما يتعلق بالجانب السياسي فمن الممكن أن يساهم في تسهيل الإجراءات والتراخيص والإعفاءات الجمركية وتخفيف حدة الروتين والتعقيدات الإجرائية.
وتوقع أن يستثمر رجال الأعمال القطريون في مختلف المجالات الاستثمارية في مصر من سياحة وعقارات وطاقة وصناعة حديد وصولا إلى القطاع المالي والمصرفي الذي بدأت بالفعل الاستثمارات القطرية تتجه إليه من خلال مباحثات استحواذ بنك قطر الوطني على %77 من بنك «سوسيتيه جنرال-مصر» واستثمارات شركة «كيوإنفست» القطرية بالمجموعة المالية هيرمس بضخ 250 مليون دولار.
ومن المقرر أن تضخ الاستثمارات القطرية البالغ قيمتها 18 مليار دولار في غضون خمس سنوات من بينها 8 مليارات في مشروعات ضخمة في شرق التفريعة بمدينة بورسعيد تتضمن محطات لتوليد الكهرباء والغاز الطبيعي المسال ومصانع في مختلف الأنشطة، إلى جانب ضخ 10 مليارات دولار في مشروع سياحي عملاق بالساحل الشمالي، وإقامة مشروعات عمرانية وإسكانية في مناطق مختلفة. كما تلقت مصر 500 مليون دولار من أصل وديعة ملياري دولار، على أن يتم تجزئة بقيتها على 3 دفعات متساوية في نهاية كل من أشهر سبتمبر الحالي وأكتوبر ونوفمبر المقبلين.
يذكر أن مصر وقطر ترتبطان بعدد من الاتفاقيات التي تنظم التعاون الاقتصادي والتجاري والفني بينهما من أبرزها اتفاقية التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي، واتفاقية إنشاء مجلس رجال الأعمال المصري القطري، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي الموقعة في أكتوبر 2005.