رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تاريخ القضية الفلسطينية.. صراع واحتلال لا تعرفه الأجيال الجديدة

جريدة الدستور


منذ القرن السادس عشر الميلادى ظهرت حركة الإصلاح الدينى "الحركة البروتستانتية" التى ركزت على الإيمان بالعهد القديم "التوراة"، ونظرت لليهود وفق رؤية توراتية بأنهم "أهل فلسطين" المشردون فى الأارض، وأمنت بأن اليهود سيجمعون من جديد فى فلسطين لعودة المسيح المنتظر الذى سيقوم بتنصيرهم، ليبدأ بعد ذلك عهد يمتد ألف سنة من السعادة، وهكذا ظهرت "الصهيونية غير اليهودية" خصوصاً وسط هؤلاء البروتستانت الذين دعموا المشروع الصهيونى بناء على خلفية دينية، ورغم أن حملة "نابليون بونابرت" على فلسطين انتهت بالفشل على أسوار مدينة عكا 1799م، إلا أنه كان أول زعيم سياسى أوربى يصدر دعوة رسمية لليهود لتحقيق آمالهم، وإقامة كيانهم على أرض فلسطين، وقد نشر دعوته هذه فى 20 أبريل 1799 فى أثناء حصاره لعكا.
ومنذ القرن 19، واليهود يلتمسون الوسائل للهجرة إلى فلسطين على اعتبار أنها هى أرض الميعاد التى وعد الله بها شعبه المختار، وأنها الأرض التى ستجمع اليهود المشتتين بين شعوب العالم. وأخذت الهجرة اليهودية تتخذ طابعاً أكثر تنظيماً وكثافة منذ 1882م أثر تصاعد "المشكلة اليهودية" فى روسيا، وقد كان إنشاء المنظمة الصهيونية العالمية، وانعقاد مؤتمرها الأول فى بال بسويسرا 27-29 أغسطس 1897 بزعامة "تيودور هرتزل" فاتحة العمل الصهيونى السياسى لتأسيس الدولة اليهودية على أرض فلسطين، وقد حرص "هرتزل" على تحقيق المشروع الصهيونى من خلال الاتصالات الدبلوماسية، وقد حاول عبثاً إقناع الدولة العثمانية ببيعة فلسطين، وإعطاء اليهود حكماً ذاتياً فيها تحت السيادة العثمانية، وفتح أبواب الهجرة اليهودية إليها مقابل عروض مغرية، كانت الدولة العثمانية فى أمس الحاجة إليها إلا أن السلطان "عبد الحميد الثانى" رفضها رفضاً باتاً، ورد عليهم قائلاً: انصحوا الدكتور "هيرتزل" بألا يتخذ خطوات جدية فى هذا الموضوع، فأننى لا استطيع أن اتخلى عن شبر واحد من هذه الأراضى، فهى ليست ملكى، ولكنها ملك شعبى الذى ضحى فى سبيلها، وروى ترابها بدمائه، فليحتفظ اليهود بملايينهم، فإذا مزقت امبراطوريتى يوماً فأنهم يستطيعون أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن أما وأنا حى، فإن عمل المبضع فى بدنى أهون على من أن أرى فلسطين، وقد بترت من امبراطوريتى، فأننى لا استطيع أن أوافق على تشريح أجسادنا، ونحن لازلنا على قيد الحياة !!!.
وفى 2 نوفمبر 1917م صدر تصريح بلفور أثناء الحرب العالمية الأولى نظراً لارتباط مصالح بريطانيا بمصالح الصهيونية، فأصبحت مستعدة لتأييد اليهود فى إنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين، ومن هنا صدر تصريح بلفور فى صورة خطاب إلى رئيس الطائفة اليهودية فى بريطانيا، ويقول فيه:
"عزيزى اللورد روتشيلد":
إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين، وستبذل أقصى مساعيها لتحقيق هذا الهدف على أن يكون مفهوماً أن شيئاً لن يهمل قد يكون من شأنه المساس بالحقوق المدنية والدينية التى تتمتع بها الطوائف الحالية غير اليهودية فى فلسطين، ولا بالحقوق أو بالوضع السياسى الذى يتمتع به اليهود فى أى بلد آخر.
أكون ممتناً إذا أحطم المنظمات الصهيونية علماً بهذا التصريح.
المخلص
أرثر جيمس بلفور
وأتم البريطانيون احتلال جنـوب فلسطين، ووسـطها فى ديسمبر 1917م، واحتلوا القـدس فى 9 ديسمبر 1917م، وفى سبتمبر 1918م احتل البريطانيون شمال فلسطين، ومنذ ذلك الوقت فتحت بريطانيا بالقوة مشروع التهويد المنظم لأرض فلسطين، واستطاعت إقناع فرنسا بالتخلى فى مشروع تدويل فلسطين كما فى نصوص سايكس بيكو، وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى طالبت مذكرة الصهيونية فى 3/2/1919م بالاعتراف بالحقوق التاريخية لليهود فى فلسطين، وحقهم فى إقامة وطن قومى لهم هناك على النحو التالى:
1- وضع فلسطين تحت الانتداب البريطانى.
2- العمل على تنفيذ تصريح بلفور.
3- إقامة مجلس تمثيلى ليهود فلسطين.
وصدر قرار من عصبة الأمم فى 24 يوليو 1922م بانتدابها على فلسطين، وتم تضمين وعد بلفور فى صك الانتداب، بحيث أصبح التزاماً رسمياً معتمداً دولياً، وقد تضمن صك الانتداب على فلسطين مسئولية الدولة المنتدبة (بريطانيا) فى الارتقاء بمؤسسات الحكم المحلى، وصيانة الحقوق المدنية، والدينية لجميع سكان فلسطين، وهذا يعنى ألا يقف وعد بلفور فى نهاية الأمر عائقاً فى وجه أبناء فلسطين ضد الارتقاء بمؤسساتهم، وإقامة دولتهم، وكان تنفيذ وعد بلفور يعنى عملياً الإضرار بمصالح أهل فلسطين وحقوقهم وتعطيل بناء مؤسساتهم الدستورية باتجاه إقامة دولتهم.
وسارت بريطانيا فى طريق إبادة عرب فلسطين، وتهويدها، وعينت "هربرت صموائيل" الصهيونى مندوباً سامياً بريطانياً، وشكلت إدارة عليا ذات طابع صهيونى. وأصدرت القوانين التى تنقل الأراضى المملوكة للعرب إلى اليهود، وتسهل الانتقال بالشراء أو التنازل من أيد العرب لليهود، وأصدرت الكتاب الأبيض الأول 1922م، ونص على:
1- أن فلسطين ستصبح يهودية، كما أن انجلترا إنجليزية.
2- تصريح بلفور غير قابل للتغيير وأن وطناً قومياً سيؤسس لليهود فى فلسطين.
3- زيادة عدد الطائفة اليهودية بزيادة الهجرة إلى فلسطين.
4- الارتقاء بفلسطين حتى تصبح مركزاً للشباب اليهودي.
وسارت بريطانيا فى تنفيذ كتابها الأبيض الأول بالوسائل الآتية:
1- فتح باب الهجرة أمام اليهود إلى فلسطين، فتضاعف عدد اليهود من 55 ألفاً سنة 1918م إلى 646 ألفاً سنة 1948م "أى من 8% من السكان إلى 31%".
2- استصدار قوانين نزع الملكية لانتقال أراضى العرب إلى اليهود فتزايدت ملكية اليهود للأرض من نحو نصف مليون دونم "2% من الأرض"، إلى نحو مليون، و 800 ألف دونم "6.7% من أرض فلسطين".
3- إلحاق الشباب اليهودى بالأراضى الزراعية.
4- تحميل المواطن العربى بضرائب باهظة، حتى يضطر إلى بيع أرضه.
ورغم أن المؤامرة كانت أكبر بكثير من إمكانات الشعب الفلسطينى، إلا أن شعب فلسطين رفض الاحتلال البريطانى، والمشروع الصهيونى، وطالب بالاستقلال، وقامت التيارات الوطنية والإسلامية بزعامة الحاج "أمين الحسينى" بالتعبئة الشعبية، والتحركات السياسية، والثورات العارمة، فكانت ثورات القدس 1920م، ويافا 1921م، وفى عام 1929م تعدى اليهود على حق العرب فى حائط البراق، وهو جزء من المسجد الأقصى، ويعتبره اليهود مقدساً، ويطلقون عليه حائط المبكى، وقامت ثورة البراق، وتدخلت القوات الإنجليزية ضد العرب وسيطرت على الموقف، وأصدرت الكتاب الأبيض الثانى 1930م، ونص على:
1- التأكيد على تنفيذ تصريح بلفور.
2- رفض إقامة حكومة دستورية ديمقراطية .. لأن ذلك يتنافى مع هدفها فى أن تصبح فلسطين يهودية.
3- تشكيل مجلس تشريعى من العرب واليهود.
4- فرض قيود على الهجرة دون وضع الوسائل التى تحقق ذلك.
5- انتقاد تسلل أعداد من اليهود إلى فلسطين بطريقة غير مشروعة، ولم تضع الإجراءات التى تمنع هذا التسلل.
واعتبر اليهود هذا الكتاب تخلياً من بريطانيا عن التزامها بإنشاء الوطن القومى، وظلوا وراء الحكومة البريطانية، حتى أصدر بياناً ألغى كل ما وجده اليهود ماساً بمخططاتهم بأن تكون فلسطين لليهود فقط، وأخذت جموع اليهود تتدفق على فلسطين بسبب اضطهاد "هتلر"، وحكمه النازى ضدهم، وكانت الحكومة الإنجليزية، والوكالة اليهودية تقدم كافة المساعدات للمهاجرين، لكى يستقروا فى فلسطين بشكل انتاجى، وأكد البرلمان الإنجليزى أن تمليك فلسطين لليهود ما هو إلا سياسة بريطانية راسخة.
وعين "أرثر واكهوب" (1931-1938) مندوباً سامياً على فلسطين، وكان أكثر المندوبين الساميين سوءاً ودهاءاً، ونجاحاً فى تنفيذ المشروع الصهيونى حيث وصل المشروع فى عهده إلى درجات خطيرة، ففى الوقت الذى كانت السلطات البريطانية تسعى حيناً لنزع أسلحة الفلسطينين، وتقبل أحياناً من يحوز سلاحاً نارياً، بل وتسجن لسنوات من يملك رصاصات أو خنجراً أو سكيناً طويلاً، فأنها غضت الطرف، بل وشجعت سراً تسليح اليهود لأنفسهم، وتشكيلهم قوات عسكرية، وتدريبها، بلغ عددها مع اندلاع حرب 1948م أكثر من سبعين ألف مقاتل (64 ألف مقاتل من الهاغاناه، خمسة ألاف من الأرغون، وألفين من شتيرن ... وغيرها)، وهو عدد يبلغ أكثر من ثلاثة أضعاف الجيوش العربية السبعة التى شاركت فى حرب 1948م!!.
ونتيجة لذلك قامت ثورة أكتوبر 1933م، ففى يوم 13 أكتوبر أضربت فلسطينوخرجت مظاهرة كبيرة من المسجد الأقصى بقيادة اللجنة التنفيذية، وقامت الشرطة بتفريق المتظاهرين بالقوة مما أدى إلى وقوع 11 جريحاً بينهم خمسة من الشرطة، وفى يوم 27 أكتوبر عم الإضراب فلسطين، وخرجت مظاهرة كبيرة فى يافا بعد صلاة الجمعة بقيادة اللجنة التنفيذية، وحاولت الشرطة تفريق المتظاهرين، إلا أن الأمر تحول إلى مواجهات عنيفة، أدت حسب المصادر البريطانية إلى مقتل 14 عربياً بالرصاص، وجرح العشرات بينما ذكر بيان اللجنة التنفيذية أن ثلاثين قد قتلوا وجرح مائتان واعتقلت السلطات 12 من القادة الفلسطينين، بينهم ثلاث أعضاء فى اللجنة التنفيذية، وأصيب "موسى كاظم الحسينى" رئيس اللجنة بكدمات، وذكر أنه توفى متأثراً بهذه الإصابة فى مارس 1934م، وشكل العرب اللجنة العربية العليا عام 1935م للدفاع عن حقوق عرب فلسطين، وقدمت الزعامات العربية فى 25 نوفمبر 1935م مذكرة طالبت فيها بـالآتي:-
1- تشكيل حكومة نيابية.
2- وقف الهجرة اليهودية الشرعية، وغير الشرعية.
3- إصدار بطاقة شخصية لكل مواطن فلسطينى، حتى لا يدعيها من ليس له حق فيها.
4- منع انتقال الأراضى من العرب إلى اليهود بإصدار قانون الأفدنة الخمسة يبقيها بعيداً عن النزع والمصادرة.
ونتيجة لرفض الحكومة البريطانية مطالب العرب اندلعت الثورة عام1936م، واستمرت حتى 1939م، وتمكنت هذه الثورة فى بعض مراحلها من السيطرة على كل الريف الفلسطينى، بل والسيطرة على عدد من المدن، بينما انكفات السلطات البريطانية فى بعض المدن الهامة، وقدمت هذه الثورة نموذجاً عالمياً هو أطول إضراب يقوم به شعب كامل عبر التاريخ حيث استمر 178 يوماً، واستخدمت ضدها بريطانيا أشد أنواع البطش من قصف بالطائرات وهدم بيوت المجاهدين، وتطبيق العقاب الجماعى على القرى، ومع ذلك استمرت الثورة، وعندما اقتربت بوادر الحرب العالمية الثانية لجأت بريطانيا إلى ملوك العراق، والسعودية، والأردن، لكى ينصحوا الثوار بالتوقف عن الثورة والتباحث مع لجنة بيل التى سوف ترسلها بريطانيا إلى فلسطين.
وقد وصلت اللجنة إلى فلسطين فى 12 نوفمبر 1936م، واستمرت تحقيقاتها ستة أشهر، وقدمت تقريرها وتوصياتها فى 7 يوليو 1937م فى مجلد من أكثر من 400 صفحة، وأوصت بتقسيم فلسطين إلى دولتين: دولة يهودية تتضمن جميع مناطق الجليل، ومرج "ابن عامر" فى شمال فلسطين (بما فيها صفد، وطبريا، وبيسان، وحيفا، وعكا ..)، والسهل الساحلى الممتد من شمال فلسطين إلى نحو 25 كيلو متراً جنوبى تل أبيب، أما مناطق القدس، وبيت لحم، والناصرة مع ممر يصل القدس بيافا، فتبقى تحت الانتداب، ويتم توحيد باقى أرض فلسطين مع شرق الأردن.
وقد رفض الفلسطينيون بشكل مطلق هذا المشروع، واستأنفوا بشكل أشد، وأعنف المرحلة الثانية من الثورة الكبرى، أما اليهود فقد رفضوا الحدود المقترحة لكنهم فوضوا اللجنة التنفيذية للحركة الصهيونية للدخول فى مفاوضات مع بريطانيا، للتحقق من خطة التقسيم، ثم إحالتها إلى مؤتمر صهيونى جديد، لإصدار قرار بشأنها.
فأضطرت بريطانيا لإصدار الكتاب الأبيض الثالث مايو 1939م الذى تعهدت بتنفيذه بغض النظر عن قبول العرب واليهود أو رفضهم:
1- أكد أن بريطانيا غير عازمة على إقامة دولة يهودية فى فلسطين.
2- سوف تقام بعد عشر سنوات دولة فلسطينية يتقاسم فيها العرب واليهود المسئولية والسلطة بما يحقق مصالح الطرفين.
3- تحديد الهجرة اليهودية خلال الخمس سنوات التالية بعشرة آلاف مهاجر سنوياً بالإضافة إلى 25 ألفاً يسمح لهم فوراً بالهجرة وبعد هجرة هؤلاء (الـ75 ألفاً) تتوقف الهجرة اليهودية، ولا تتم إلا بموافقة العرب، وبشرط ألا يزيد اليهود عن ثلث السكان.
4- وقف بيع الأرض نهائياً لليهود فى فلسطين إلا فى مناطق محددة، وضمن شروط لا تضر بالفسطينيين حسب رأى المندوب السامى البريطانى.
ولكنها تنكرت لالتزامهاتها فى أخر 1945م، وعادت الحياة للمشروع الصهيونى من جديد برعاية أمريكية، وفى 29 نوفمبر 1947م أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار رقم 181 بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية، ويهودية (نحو 54% للدولة اليهودية، و45% للدولة العربية، 1% منطقة دولية "منطقة القدس") وكان ظلماً فادحاً بإعطاء الأقلية اليهودية الدخيلة المهاجرة الجزء الأكبر والأفضل من الأرض. وأعلن الصهاينة دولتهم "اسرائيل" فى مساء 14 مايو 1948م، بعد أن تمكنوا تحت حماية الحراب البريطانية من بناء مؤسساتهم الاقتصادية والسياسية والتعليمية والعسكرية والاجتماعية وتأسيس 292 مستعمرة وكونوا قوات عسكرية يزيد عددها عن سبعين ألف مقاتل، واستولوا على نحو 77% من أرض فلسطين، وشردوا بالقوة 800 ألف فلسطينى خارج المنطقة التى أقاموا عليها كيانهم من أصل 925 ألفاً كانوا يسكنون فى هذه المنطقة، ودمروا 478 قرية فلسطينية من أصل 585 قرية كانت قائمة فى المنطقة المحتلة وارتكبوا 34 مجزرة.
وواصل الكيان الصهيونى تهويد أرض فلسطين بشكل حثيث، وسعى لاجتثاث هويتها الإسلامية، ومعالمها الحضارية، فقد صادر حوالى 97% من الأرض التى احتلها سنة 1948م بما فى ذلك أراضى، وأملاك الفلسطينيين الذين قام بتشريدهم ومعظم الأوقاف الإسلامية، والكثير من أراضى من بقى من العرب هناك، وبنى الصهاينة 756 مدينة وقرية استيطانية فى الأرض المحتلة عام 1948م، وبعد حرب 1967م صادر الصهاينة 60% وأكثر من مساحة الضفة الغربية وبنى فوقها 192 مستعمرة، كما صادر 30% من مساحة قطاع غزة، وبنى فوقه 14 مستوطنة، وفتح أبواب الهجرة إلى فلسطين، فهاجر إليها أكثر من مليونين، و800 ألف يهودى فى الفترة من 1949م – 2000م، ليبلغ العدد الكلى لليهود حوالى خمسة ملايين.
وركز الصهاينة على تهويد مدينة القدس، فسيطروا على 86% منها، وملؤوها بالمهاجرين اليهود (450 ألف يهودى مقابل 200 ألف فلسطينى حسب إحصائيات سنة 2000م"، وفى منطقة القدس الشرقية حيث المسجد الأقصى أسكنوا 200 ألف يهودى بعد أن أحاطوها بسوار من المستوطنات اليهودية يعزلها عن محيطها الإسلامى العربى، وأعلنوا أن القدس عاصمة أبدية الكيان الصهيونى، واهتموا بالسيطرة على المسجد الأقصى، فصادورا الحائط الغربى للمسجد الأقصى "حائط البراق"، ودمروا المغاربة المجاور له، وصادروا أرضه، وحفروا أربعة أنفاق بشكل يهدد بانهيار المسجد فى أى لحظة، وتشكل نحو 25 تنظيم إرهابى يهودى يهدف إلى تدمير المسجد الأقصى، وإقامة الهيكل اليهودى مكانه، وكان أشهر الاعتداءات حرق المسجد الأقصى فى 21 أغسطس 1969م.
وفى سبتمبر/ أيلول عام 1996م، أفتتح "ايهود أولمرت" رئيس بلدية القدس الغربية نفق البراق، ودفع الفلسطينيون ثمن التصدى لمحاولة إعادة فتح النفق 65000 مقدساً منهم سقطوا قتلى، ولم تنقضى ستة أشهر بعدها إلا واندلعت مصادمات عنيفة أخرى، فى منطقة جبل أبى غنيم بالقدس، حيث ظهرت الجرافات الإسرائيلية إيذاناً بالعمل لبناء مستوطنة جديدة، فكانت أحداث جبل أبى غنيم التى أفضت مع التراكمات، وعوامل أخرى إلى تعثر عملية السلام ولا زال الكيان الصهيوني إلى يومنا هذا يحتل الأراضي الفلسطينة ويجرفها من أهلها وتراثها مستخدماً ضدهم كل الأسلحة المحرمة خارقاً جميع المواثيق الدولية والإنسانية بدون حسيب أو رقيب والمجتمع الدولي يغض الطرف عن فظائعهم بل ويجد مناصراً له من بين العرب.