الإعفاء وحده لا يكفى
وبصفة عامة إن المدلول الإدارى للإصلاح له أبعاد أوسع وأشمل من مجرد حصره فى نطاق الجهاز الإدارى المحدود، حيث إن أى نظام يعتبر جزءاً لا يتجزأ من مجموعة نظم أخرى ذات طبيعة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تؤثر وتتأثر بالنظام الإدارى السائد، وهذا يعنى أن أى تغيير إدارى غير كاف ما لم يكن جزءاً من تغيير شامل لجميع نواحى الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وهو ما يعنى تغييراً فى فلسفة الدولة ورؤيتها.
فلا يمكن الفصل بين الإصلاح الإدارى والإصلاح السياسى لدرجة أن بعض الإداريين يؤكدون أن الإصلاح الإدارى يقوم أساساً على الإصلاح السياسى ودون هذا الأخير لا معنى للأول، وهذا يستتبع أن مشاكل الجهاز الإدارى هى بالأصل سياسية وبالتالى فإن معالجتها يجب أن تأتى من قمة الهرم السياسى، ولابد أن يكون هناك توافق فى برنامجى الإصلاح الإدارى والسياسى معاً، ولا يمكن أيضاً الفصل بين الإصلاح الإدارى والإصلاح الاجتماعى، فالمنظمات الإدارية ما هى إلا أنظمة اجتماعية فرعية تتكامل فى نظام أكبر هو النظام الاجتماعى للدولة.
وإجمالاً يجب أن يدرك سيادة رئيس الوزراء أن إصلاح الجهاز الإدارى للدولة هو عملية معقدة ذات أبعاد تنموية وسياسية واجتماعية وقانونية، وأنها ترتبط بعملية تحول من وضع لآخر ولا يمكن التحدث عنها بمعزل عن التغير أو التطور السياسى والاجتماعى فكلاهما يساند الآخر ويتداخل معه، وأن الزيارات الميدانية التى يقوم بها سيادته وما ينتج عنها من إعفاء لبعض المسئولين وإن كانت إيجابية إلا أنها لا تكفى أبداً لتحقيق الإصلاح وأنه لابد من وجود خطة شاملة تضم جميع الأبعاد اللازمة لتحقيق الإصلاح الإدارى المنشود.