رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السيسي حصن مصر.. وأتمنى أن يلبي طلبي الشهيد تنبأ بموته قبل 15 يومًا من استشهاده

فيديو ـ زوجة شهيد "كرداسة" في حوارها لـ"الدستور": أعيش بجسد ميت.. وبقيت أحب إشارة "رابعة"

جريدة الدستور

"المرأة الحديدية".. لقبت استحقته زوجة الشهيد العقيد عامر عبدالمقصود، الذي راح ضحية أحداث قسم كرداسة في أغسطس من عام 2013، عقب فض اعتصامي "رابعة والنهضة"..

 نجلاء سامي.. تحملت ما لا يتحمله بشر.. تلك المرأة التي كانت تعيش في كنف زوج.. رأته بين ليلة وضحاها يُقتل أمام أعينها، ويمثل بجثته في مشهد مؤلم، سرق منها الفرح .. وحول حياتها إلى الجحيم..

"زوجة الشهيد".. عبرت عن فرحتها بنتائج المؤتمر الاقتصادي الذي عقد مؤخرا، مشيرة إلى أنه وضع البلاد على الطريق الصحيح، وشعرت بأن دماء زوجها لم تذهب هدرًا.. مضيفة "ساخرة": "المؤتمر على المستوى الشخصي جعلها تعشق إشارة "رابعة" والتي تحولت لرمز للمليارات الأربعة التي تبرعت بها كل من الكويت والسعودية والإمارات".

"الدستور" التقى نجلاء بمناسبة عيد الأم.. لتروي قصة النجاح التي عاشتها مع زوجها ولحظات السعادة، التي حولها الإرهابيون إلى جحيم بعد قتله والتنكيل به..

مصر لسه بخير "طول ما فيها .. السيسي" وبقيت أحب إشارة "رابعة"

برباطة جأش وصوت ثابت يعكس شخصية قوية، بدأت حديثها معنا حول الوضع السياسي الحالي، الذي رأته مبشرا بالخير عقب النجاح في التخلص من المعزول مرسي، الذي ألقى بمصر في نفق مظلم، على حد قولها، وتولي الرئيس السيسي المسؤولية، داعية الله أن يوفقه في مكافحة الإرهاب وتخليص مصر منه نهائيا.

نجلاء، رأت أن الله أنقذ مصر من بين براثن الإخوان، وقيد لها بطلا شجاعًا أعادها إلينا بعدما اختطفها الإخوان.

الشهيد كان "القرآن رفيقه"

تحدثت عن جانب من حياة زوجها، فأكدت إنه كان رجلا مؤمنا ومتدينا، وأنه اعتمر 8 مرات، لافتة إلى أن القرآن كان رفيقًا له، فكان يحفظ كثيرًا من آياته وكان دائم التلاوة له، مؤكدة أنه كان يملك صوتًا عذبًا، وكان يسجل قراءته للقرآن، ويسمعها لنا لاحقا.

 

وتؤكد أنه كان محبوبا من قبل الأهالي وفي مكان خدمته، فكان يلقبونه بـ"شيخ العرب" حيث تولى على عاتقه حل مشاكل أهالي كرداسة وتخليص مواضيع الثأر العالقة بين أفراد العائلات، مشيرة إلى أنه كان يحب عمله، ففي اليوم الذي تم فيه عزل مرسي، لم يكد يصل المنزل في المغرب حتى تلقى اتصالاً من مركزه بكرداسة ليخبروه باستهداف الضباط من قبل البلطجية، فما كان منه إلا أن عاد مسرعا للمركز دون أن تعرف الراحة طريقها إليه.

تنبأ بموته قبل 15 يومًا من استشهاده

"جاتله رؤيا بأنه هيموت شهيد قبل وفاته بـ15 يوما".. بهذا فاجأتنا نجلاء، والتي أوضحت أن الشهيد كان يراوده إحساس باقتراب أجله، فقص لها عن رؤيا راودته إنه دخل الجنة وكلما فتح له باب جنة فوجئ بباب آخر أفضل يفتح له حتى وصل لباب الجنة السابع، فكلمه ربه وقال له أيرضيك يا عبدي، فرد قائلا يرضيني كل الرضا، فكلمه الله ثانية وقال له تمنى عليا يا عبدي.

وأكدت لنا إنها دوما ما راودها شعور باقتراب وفاته، والذي لاحظه عليها أصدقاؤها المقربون، ففي عينيها سكنت نظرة حزن لا تتغير، وإحساسها دوما كان يخبرها أنه ستحمل لقب أرملة في سن صغيرة، وأن زوجها لن يطول عمره ليفرح بولديه أحمد وعلاء.

هذا الإحساس الغريب الذي تحول لأحلام غريبة وكوابيس مزعجة تتكرر كل ليلة وتؤرق منامها، ترى فيها نفسها وهي تفقد شخصا عزيزا عليها ليدرك قلبها اقتراب المحتوم وأن القدر أصدر قرارًا نهائيا بحرمانها من رفيق دربها وتوأم روحها، القلق الذي استمر يعصف بقلبها وعقلها، ويدفعها لتفقده نائما لتتأكد من سلامة تنفسه وإنه لا يزال على قيد الحياة.

الوداع الأخير لعامر عبد المقصود قبل وفاته

استرجعت معنا ذكريات ما قبل الاستشهاد بعيون جامدة، تتذكر آخر ما دار بينها من حديث مع زوجها والذي توجه لزيارة عائلته في الدقي مع ابنه الصغير علاء، حيث حرص على أن يسلم على كل الشارع والمعارف والأقارب وكأنه يودعهم للمرة الأخيرة.

تحدثت معه في الهاتف بعد أن شعرت برغبة تلح عليها في أن تراه، بعد أن تلقى اتصالا هاتفيا من اللواء محمد عبد المنعم جبر برفع حالة الطوارئ بكرداسة ليتوجه مسرعا إلى مكانه.

وأوضحت نجلاء أن حديثا طويلا دار بينها وبين زوجها، قبل استشهاده حدثها فيه عن رغبته في ترك مكانه في الأمن العام وشعوره بأن حياته مهددة بالقتل، مؤكدة غرابة الحوار الذي دار بينهما ليلة استشهاده، تفاجأت نجلاء بنشره على الفيس بوك عبارات غريبة تحمل اشتياق لوالده الراحل ودعوة نشرت بذور الخوف في قلبها ألا وهي "يا رب و إن نامت أجزائي تحت التراب وكنت نسياً منسياً هب لي من يدعو لي دائماً دون ملل".

وأشارت نجلاء إنها خلال الهجوم على القسم كانت تحدث زوجها، وسمعته وهو يقوم بتهريب الجنود من الباب الخلفي مشيرة لرفضه التام أن يترك موقعه حتى وإن كانت النتيجة استشهاده.

وأضافت في أسى أن زوجها غُدر به، فمن قام باستدراج زوجها وعذبه هو مجرم ساعده زوجها خلال فترة عمله؛ فبنى له "كشك" وأحضر له بضاعة ليبيعها وعربة كبدة لتكون مصدر رزق له ليتخلى عن حياة الإجرام، وأن عملية قتله كانت انتقاما سياسيا لضحايا رابعة بالرغم من عدم مشاركته في فض الاعتصام أو جهره بآرائه السياسية كونها من المواضيع التي كان يرفض دوما الخوض بها.

بعد وفاته.. حياتي فارغة

تكلمت نجلاء عن حياتها بعد وفاة زوجها، فهي تعرضت لشلل كامل بشكل مؤقت بعد معرفتها نبأ وفاته وقضت فترة في العناية المركزة، تلك الحالة التي تزورها من فترة لأخرى، بالإضافة لإصابتها بمرض السكر حديثا.

وأشارت بأسى إنها تعيش ولكنها ميتة من داخلها بعد أن حملت لقب أرملة في سن صغيرة، فهي تعيش بين صور زوجها التي تملأ منزلها، تعود من عملها مسرعة لتحدثها، وتحولت صالة منزلها لمكان نوم لها بعد هجرها غرفة نومها للأبد عقب استشهاد زوجها.

وأوضحت أنها تعمل حاليا في العلاقات الإنسانية بالداخلية للاهتمام بأسر الشهداء، فهي أكثر من يشعر بمعاناتهم، مشيرة لرفض وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم عملها في هذا المكان خوفا على مشاعرها إلا أنها صممت على موقفها وحاليا تشعر بالسعادة معتبرة كل أم شهيد والدتها.

أولادي نفسهم يكونوا "ظباط"

أكدت نجلاء أنها الأب والأم، ومستعدة لتلبية كل طلبات ولديها، مشيرة لتشديدها عليهم دوما بالعمل على الحفاظ على سمعة والدهم بتصرفاتهما وأفعالهما.

وأوضحت أن ابنها علاء يعشق لعب كرة القدم كوالده، وأنه أصر على الحصول على "تي شيرت والده"، الذي كان يرتديها خلال لعبه لنادي الترسانة والمميز برقم أربعة.

وفاجأتنا نجلاء بأن ولديها يأملان استكمال مسيرة والدهما في العمل كضباط، موضحة تشجيعها ودعمها الكامل لقرارهما وحثها لهما بالرغم من كل شيء على استكمال حلمهما، قائلة "كل نفس ذائقة الموت والمكتوب هيشوفوه".

ابحث عن حكم سريع من "القضاء الشامخ" بدون طعن

لم تخف نجلاء شكواها من بطء المحاكمات وخوفها من ضياع حق زوجها، فبالرغم من إيمانها الكامل بالعدالة إلا أن سنة وسبعة أشهر والتي مرت منذ استشهاد زوجها تقتلها بصمت، فهي كانت تنتظر إصدار حكم إعدام نهائي عقابا لمرتكبي المجزرة التي هزت كيان العالم وآذت مشاعر الجميع عقب عرض فيديو تعذيب الجنود خاصة فيديو زوجها.

وأوضحت أنها تمتلك أمنية واحدة ألا وهي مشاهدة إعدام "سامية شنن" والتي "سقت زوجها" ماء نار وهو صائم بنفسها.

اللواء محمد إبراهيم "أب حنون"

تطرقت نجلاء للحديث عن وزارة الداخلية ودورها في مساندتها عقب وفاة زوجها، واصفة اللواء محمد إبراهيم بالأب الحنون والداعم لها، داعية الله أن يوفقه في منصبه الجديد، ووجهت رسالة للوزير الجديد مجدي عبد الغفار أن يضرب بيد من حديد الإرهاب ويقضي على جذوره ليعيد حق الشهداء داعية الله أن يوفقه في المهمة الكبيرة الملقاة على كاهله.

"تخليد ذكراهم".. أمنية أهالي الشهداء

وعن أهالي الشهداء، أكدت نجلاء أنهم جميعا يراودهم خوف بأن تنساهم الدولة وتنسى أولادهم بعد أن دفعوا أرواحهم ثمنا لاستقرارها، مشيرة إلا أن أمنيتهم تتلخص في كتابة أسماء أولادهم وأزواجهم على شوارع أو مدارس.

ووجهت نجلاء نداء لمحافظ القاهرة بأن يستجيب لدموع الزوجات والأمهات بعد أن رفض مقابلتهم وطلبهم بأن يرحم دموعهم ويلبي أمنيتهم، كما ناشدت محافظ الجيزة الجديد بأن يأخذ بعين الاعتبار شارع داير الناحية بالدقي، والذي من المفترض تغيير اسمه ليحمل اسم الشهيد عامر عبدالمقصود.

كلمة أخيرة

كلمة أخيرة، وجهتها نجلاء في نهاية حوارنا للرئيس عبدالفتاح السيسي، داعية إياه لسرعة محاكمة الجناة في مذبحة كرداسة، موجهة رجاء خاص للقضاء الشامخ بعدم انتظار نقض للمتهمين الـ183 والإسراع في تنفيذ حكم الإعدام