رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الإفتاء" تدق ناقوس الخطر في تقرير حول دور الإرهاب في انتشار الإلحاد

المفتي شوقي علام
المفتي شوقي علام

أصدر مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية، تقريرًا جديدًا يرصد فيه أسباب تزايد ظاهرة الإلحاد بين الشباب في الدول الإسلامية، لاسيما دول المنطقة التي تمر بمتغيرات سياسية واجتماعية كبيرة، لافتًا إلى أن تشويه الجماعات الإرهابية التكفيرية لصورة الإسلام من خلال تطبيق مفهوم خاطئ للإسلام، وتقديم العنف والقتل وانتهاك حقوق الإنسان على أنها من تعاليم الإسلام.

وأشار تقرير دار الإفتاء إلى أن ظاهرة الإلحاد من الظواهر المعقدة التي تتداخل فيها العوامل الفكرية والنفسية والاجتماعية؛ ولذا فإن تحليلها والبحث في أسبابها يحتاج إلى جهد كبير وبحث دقيق من مختصين في الفكر والدين والفلسفة وعلم النفس والاجتماع.

وكشف التقرير أن مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة وفرت لهؤلاء الشباب المغرر بهم مساحات كبيرة من الحرية أكثر أمانا لهم للتعبير عن آرائهم ووجهة نظرهم في رفض الدين، بعيدًا عن التابوهات التي تخلقها الأعراف الدينية والاجتماعية؛ حيث رصد التقرير تصريحات لعدد من الملحدين الشباب، الذين جاهروا بإلحادهم مؤكدين أنهم لا يعارضون الدين ولكنهم يرفضون استخدامه كنظام سياسي، داعين إلى فصل الدين عن الدولة، في حين رفض فريق آخر منهم الدين ككل، فيما ترك فريق ثالث الإسلام إلى ديانات أخرى.

رصد التقرير، أبرز الأسباب التي تدفع هؤلاء الشباب إلى الإلحاد، كان من أهمها أن الجماعات الإرهابية التكفيرية التي تنتهج الوحشية والترهيب والذبح باسم الإسلام صدرت مفهوماً مشوهاً لتعاليم الإسلام، ورسخت صورة وحشية قاتمة للدين، مما نفَّر عددا من الشباب من الإسلام ودفعهم للإلحاد.

كما لفت التقرير إلى أن من أسباب انتشار ظاهرة الإلحاد الخطاب الديني المتشدد الذي تصدره التيارات الإسلامية المتزمتة التي تؤصل لأهم مشكلات التدين في العصر الحاضر وهي إشكالية الصراع بين الجوهر الروحي والخلقي الذي يمثل حقيقة الإسلام وبين القشرة الشكلية الخارجية التي تصلح أمارة وعلامة فقط على أن هذا الإنسان ينتمي إلى ذلك الدين ويمارس تلك الشعائر مشيرًا إلى أن هذه التيارات لا تعرف سوى التشبث بالأمور الشكلية التي قد تبعد الناس عن الدين.

أشار التقرير إلى دعوة الجماعات التكفيرية من خلال فهم مختل للولاء والبراء إلى كراهية الآخر لمجرد المخالفة في الديانة، فيكون من الطبيعي أن ينفر من هذا الكثير من أصحاب القلوب الطيبة والمحبة للآخرين، لأنهم يجدون هذا الأمر صعبا على النفس ومناقضًا لما فطره الله في قلوبهم من حب للآخرين، الذين أحسنوا إليهم.

أوضح التقرير أن مرصد دار الإفتاء للفتاوى التكفيرية، رصد حلقة نقاشية أجرتها "هيئة الإذاعة البريطانية" على موقع التواصل الاجتماعي " تويتر" تحمل عنوان "لماذا نرفض تطبيق الشريعة الإسلامية" وقد تجاوب معها خمسة آلاف تغريدة في يوم واحد، حيث تركز النقاش حول ما إذا كانت الشريعة الإسلامية مناسبة لاحتياجات الدول العربية والنظم القانونية الحديثة. واستطرد تقرير دار الإفتاء – أن أغلبية المشاركين جاءوا من مصر والمملكة السعودية، حيث عبر الشباب المشارك عن أسباب رفضهم للشريعة الإسلامية، وأشار أكثرهم إلى ما ترتكبه الجماعات المتشددة والمتطرفة من انتهاكات باسم الإسلام من قتل، وسبي ، وانتهاك لحقوق الإنسان، وامتهان المرأة كبيرة وصغيرة، وأن هذه الجماعات تصدر نسخة إسلامية تقمع الحرية وتمتهن الكرامة.

ولمواجهة انتشار ظاهرة الإلحاد، قدم تقرير دار الإفتاء عدداً من الاقتراحات من أهمها أن نجعل المنهج الوسطي الذي يدعو إليه الأزهر الشريف ثقافة عامة تشيع في مناهج التعليم والإعلام.

وشدد التقرير على أهمية عمل برامج متخصصة تقوم على مناقشة الأفكار التي تطرأ على عقول الشباب مع احترام تلك الأفكار ومناقشتها بهدوء ورفق وطرحها أيضا للمناقشة والرد من قبل متخصصين من علماء الدين والاجتماع والنفس والفيزياء.

أشار التقرير أيضاً إلى ضرورة التنسيق بين المؤسسات الدينية المعنية ببيان صحيح الدين – وهي الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف – لتطوير وسائلها للوصول إلى قطاعات الشباب والتواصل معهم واحتوائهم وعدم تركهم فريسة لتلك الجماعات المتطرفة التي تخالف الشريعة الإسلامية في أهدافها ومعتقداتها.

تابع التقرير أنه لابد من بذل مزيد من الجهود لحماية الشباب وتحصينهم ضد تلك الأفكار المتطرفة والآراء المتشددة التي تبتعد كل البعد عن وسطية الإسلام وسماحته.

لفت التقرير إلي ضرورة العناية بالرسوخ العلمي والخطاب العقلي الذي يناقش تفاصيل القضايا العقدية والفكرية القديمة والمعاصرة.

واقترح التقرير أيضاً تجديد الخطاب الديني ليتفاعل مع الواقع المعاصر بعيدًا عن نقل قصص وروايات مكذوبة لم تثبت ونشرها بين الناس مظنة أنها ستزيد في إيمانهم على حين قد تكون النتيجة هي العكس.

واختتم التقرير توصياته أن على عالم الدين أن يضع عينًا على الشريعة وعينًا أخرى على الواقع، ذلك أن البعد عن الواقع والتمسك بالقشور التي لا تعد من جوهر الدين كان سببا في نفور الشباب وابتعادهم عن صحيح الدين.