رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستورية» بين الشد والجذب


بدأ عمل الجمعية التأسيسية للدستور منذ أكثر من شهرين، والجمعية تتكون من مائة عضو بالإضافة إلى خمسين احتياطيًا فيما إذا تغيب أحد الأعضاء لأكثر من خمسة اجتماعات.

واللجنة تجمع بين شخصيات ذات انتماء دينى من الإخوان والسلفيين وممثلى الكنائس الثلاث وعدد من الشخصيات العامة.

وقد شكلت هذه الجمعية بالانتخاب الذى قام به مجلسا الشعب والشورى معاً وقد أثير الجدل القانونى حول قانونية هذه الجمعية لكونها منتخبة من بين أعضاء المجلسين بالإضافة إلى عدد من الشخصيات العامة.

وللحقيقة فإن جميع أعضاء الجمعية وعددًا ليس بقليل من الاحتياطيين يعملون بانتظام ويقضون الساعات الطويلة التى استمرت فى بعض الأيام إلى منتصف الليل.

وأعضاء الجمعية يعملون فى لجانها المختلفة مثل لجنة مقومات الدولة ولجنة الحقوق والحريات ولجنة نظام الحكم ولجنة الصياغة....

ولما كانت الجمعية تجمع بين الاتجاهات الدينية والسياسية ويغلب عليها عددياً التيارات الدينية الذين يدفعون باتجاه الحكم الدينى بتطبيق الشريعة الإسلامية وأحكامها وعلى الجانب الآخر يحاول أصحاب الفكر المدنى أن ينحوا فى اتجاه الدولة المدنية.

والمتابع للتطورات فى هذا الاتجاه لاشك استمع أو قرأ خطاب السيد الرئيس الذى يمثل السلطتين التنفيذية والتشريعية بصدور الحكم ببطلان مجلس الشعب، كما أن مجلس الشورى لايملك سلطة التشريع فقد أعلن الرئيس فى خطابه الأول بعد انتخابه أنه رئيس دولة مدنية ديمقراطية حديثة دستورية، وهذا الإعلان فى ذاته يعطى ضماناً بأن مصر لن تحكم إلا مدنياً.

كما أن الرئيس فى الأمم المتحدة يعلن أن مصر لن تكون إلا دولة مدنية، كما أن الأزهر يؤكد فى أكثر من بيان أن مصر دولة حديثة يحكمها الدستور والقانون. ومع كل هذه التأكيدات فإن التيار الدينى يحاول أن يقود مسيرة الاتجاه نحو الحكم الدينى، فقد جعل دور الجمعية التأسيسية صعباً حتى إن البعض يضغط فى اتجاه الانسحاب أو الاستقالة حتى لا يكون مشاركاً فى اتجاه الدولة الدينية.

ولما كان موقفنا الثابت والواضح بأن الهروب ليس هو الحل حتى وإن كان البعض يرى فى الانسحاب ضغطاً فى مواجهة محاولة اختطاف الدولة، إلا أننا مع المشاركة حتى النهاية مع التصميم للدفع نحو الدولة المدنية الحديثة.

إننا ندعو كل المصريين إلى أن يولوا مزيداً من الاهتمام والمتابعة مع الصلاة والدعاء ليخرج دستور كل المصريين دون استثناء وذلك بالمتابعة والرأى والإيجابية الحقيقية، أما الخائفون والداعون إلى السلبية أو الهروب العقلى أو المعنوى أو بالمغادرة أو بالانسحاب، فإننا ندعوهم للثقة فى الله أولاً وفى المخلصين لهذا البلد الذين يبذلون ويضحون بالوقت والجهد وإلى أبعد من ذلك إذا لزم الأمر حتى نحقق حلم أبنائنا ومنهم من دفع حياتهم من أجل الكرامة والحرية والدولة الحديثة.

إن مصر ليست ملكاً لفصيل من المواطنين دون غيرهم وليست وطناً للأغلبية العددية بل هى وطن كل المصريين، فعلى أراضيها عشنا وعاش آباؤنا وأجدادنا لآلاف السنين وأصبحت مصر وطناً للمسلم والمسيحى (عددياً) بلد المسيحيين والمسلمين (تاريخياً) ومعاً خضنا معارك ضد الغزوات فى الحروب المتعددة ولن يتخلى أى منا عن هذا البلد بل ونحلم بغد أفضل من اليوم وما قبله والله معنا طالما كانت قلوبنا متجهة اليه فى سلام ووئام وتقدم حضارى وثقافى لخير الجميع، وليدرك كل وطنى غيور على وطنه أن الدول التى تقدمت وحققت أمانى وطموحات شعوبها قدرت للدين مكانته وأعلته فوق السياسة فلم تخلط بينهما، فالسياسة متغيرة والدساتير متغيرة والقوانين تتغير بتغيير الدساتير، أما المبادئ الدينية والقيم الروحية فهى أعلى من الأنظمة وأرقى من القوانين، ولسان حال الأنبياء مخاطبًا الشعوب والأجيال يقول «أنتم أدرى بشئون دنياكم»، واتركوا الطمع واطلبوا ما هو أسمى وأبقى من الأرضيات الزائلة والمتغيرة، تلك هى المبادئ التى كانت عليها الدول الحديثة وهى ليست أفضل من