رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لبنان يستقبل "البابا" وسط قلق متزايد من الجيران


وصل البابا بنديكتوس السادس عشر إلى مطار رفيق الحريري الدولي ظهر الجمعة، ليبدأ زيارة رسمية وراعوية إلى بيروت تستمر ثلاثة أيام، حيث يتوقع أن يوجه رسالة تدعو إلى التعايش بين المسيحيين والمسلمين، ويرافق البابا وفد كبير من الكرادلة.

ومن المرتقب أن يوجه البابا دعوة إلى التعايش السلمي بين مسيحيي الشرق الأوسط البالغ عددهم حوالى 15 مليون نسمة والمسلمين في ظل النزاع في سوريا واشتداد التشدد الإسلامي وفي وقت تشهد المنطقة تظاهرات عنيفة احتجاجًا على فيلم مسيء للإسلام والنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أنتج في الولايات المتحدة.

وهي زيارة دولة تأتي تلبية للدعوة الرسمية التي وجهها إليه الرئيس اللبناني ميشال سليمان وزيارة راعوية تلبية لدعوتي مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك ومجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان على اثر انعقاد السينودوس حول الشرق الاوسط في أكتوبر 2010.

واستكمل لبنان التحضيرات لاستقبال البابا في زيارته "التاريخية" إلى لبنان التي تنطوي على تسع محطات أساسية: ثلاث منها خاصة بزيارة الدولة، وأربع خاصة بالزيارة الراعوية واثنتان مشتركتان.

وقد وضعت السلطات اللبنانية كل أجهزتها الأمنية في حالة استنفار تمهيدًا لزيارة البابا التي تأتي في ظل مخاوف من تداعيات الأزمة السورية على هذا البلد.

وأكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان الخميس خلال تفقده التحضيرات لزيارة البابا الى القصر الجمهوري "مواكبة جميع اللبنانيين لزيارة قداسة البابا وأن كل لبناني هو بمثابة حارس لعدم حصول أي خلل أمني".

ولم يشأ البابا إلغاء هذه الزيارة التي قد تكون الأصعب خلال فترة ترؤسه الكنيسة الكاثوليكية، بسبب تصاعد الصراعات الحالية.

وتنظم للبابا استقبالات حاشدة في مختلف محطات زيارته التي تلاقي ترحيبًا كبيرًا.واهتمت الصحف اللبنانية بالزيارة وخصصت لها عناوين بارزة على صدر صفحاتها الأولى.

واختارت صحيفة "النهار" اللبنانية الجمعة عنوانا " البابا عندنا" فيما كتبت صحيفة "السفير" في افتتاحيتها "اهلا وسهلا بالبابا المستنيرالذي توجه الى المنطقة بتحية /سلامي اعطيكم/" وعنونت "لبنان يرحب بالبابا بالقلق على سوريا ومنها".

من جهتها اختارت صحيفة "الانوار" عنوان "ترحيب مسيحي-اسلامي بزيارة البابا" فيما عنونت البلد "بركة السلام في لبنان"، وجاء عنوان صحيفة المستقبل "كل لبنان يستقبل البابا اليوم" وعنوان "الجمهورية" "لبنان ينتظر زيارة السلام".

وفي جونيه، المنطقة المسيحية الواقعة على بعد عشرين كيلومترًا شمال بيروت، يقول ايلي مخيبر (23 عاما) الذي تطوع للمساعدة في التحضيرات ان زيارة "البابا تشعرني بأننا لا نزال مهمين في هذا الشرق. انا سعيد لأنني اشارك في حدث تاريخي" مضيفا "هذه الزيارة تحيي فينا الأمل".

من جانبها تقول ليليان خليفة (50 عاما) "اكثر ما يسعدني في الزيارة انها اسكتت السياسيين على شاشات التلفزة المشغولة بالحديث عن الزيارة، وانصرف السياسيون والمواطنون اجمعون للتحضير للزيارة والترحيب بالحبر الاقدس، انها نعمة وزيارة عظيمة".

وعلى طريق المطار الذي سيسلكه البابا رفعت يافطات صفراء كتب عليها "اهلا بكم في وطن المقاومة" مع توقيع حزب الله الشيعي اللبناني.

ويقول محمد (40 عامًا) الذي يعمل في محل على طريق المطار: إن البابا رجل دين ويأتي برسالة سلام ومفروض انه يأتي لحمل المحبة ورسالة تعايش، مضيفًا ما لا يعرفه الغرب عن الإسلام، أنه يوجد تقارب بين المسيحية والإسلام في الشرق.

وتأتي الزيارة في وقت تشهد سوريا المجاورة نزاعًا داميًا قتل فيه اكثر من 27 الف شخص بحسب ارقام المرصد السوري لحقوق الانسان منذ انطلاق حركة احتجاجية فيها منتصف مارس 2011 تعرضت للقمع على ايدي السلطات.

واعلن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الخميس ان البابا سيدعو خلال زيارته الى لبنان الى وقف دوامة العنف في سوريا والى وقف الدعم "بالمال والسلاح" لأي طرف.

وينظم للبابا لدى وصوله اليوم الجمعة حفل استقبال في مطار رفيق الحريري الدولي يتوجه بعده الحبر الاعظم الى حريصًا (29 كلم شمال شرق بيروت) حيث مقر السفارة البابوية. وسيوقع في بازيليك القديس بولس الملاصقة للسفارة الارشاد الرسولي للسينودوس الخاص لمجمع الاساقفة من اجل الشرق الاوسط، وهو بعنوان "الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الاوسط: شركة وشهادة".

و"الارشاد الرسولي" ياتي بعد 15 عامًا على إطلاق البابا الراحل يوحنا بولس الثاني الارشاد الخاص بلبنان خلال زيارته لهذا البلد في العام 1997.

ويلتقي البابا السبت الرئيس اللبناني ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ثم رؤساء الطوائف الإسلامية، واعضاء الحكومة ومؤسسات الدولة والهيئات الدبلوماسية ومنظمات شبابية.

وسيكون على لقاء مع شبيبة لبنان السبت في باحة مقر البطريركية المارونية في بكركي القريبة من حريصا. ويتخلل هذا اللقاء اناشيد وتراتيل وهو تحت عنوان "سلامي أعطيكم"، وهو الشعار الذي اختاره البابا لزيارته، ويتوج البابا زيارته بقداس يترأسه عند الواجهة البحرية لبيروت حيث جهز المكان ليتسع لأكثر من مئة الف شخص.

وكان البابا وجه الأربعاء من الفاتيكان نداءً من أجل "السلام المرغوب فيه جدًا" في الشرق الأوسط في نطاق "احترام الاختلافات المشروعة"، وأكد البابا الأحد أن زيارته "الرسولية إلى لبنان وعبره إلى الشرق الأوسط بأكمله توضع تحت علامة السلام"، وسيلقي البابا سبعة خطابات على الأقل خلال هذه الرحلة الـ24 إلى الخارج منذ انتخابه على رأس الكنيسة الكاثوليكية عام 2005.