رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الطريق الثالث.. ومعركة الوعى


هل فى خاطرك أيها الرئيس د. مرسى أرض سيناء لنمحو ما ألم بها من جماعات تخريب وخلايا للإرهاب.. هل ستعمل لتطهيرها ثم تعميرها وانصاف أهاليها الذين أنهكهم الحرمان والظلم؟

اعتقد البعض أن الثورة اكتملت بموقعة الانتخابات الرئاسية الأخيرة وباختيار د. مرسى رئيساً للجمهورية فهل هذا ممكناً عقلياً وواقعياً، بعد كل الأحداث التى مررنا بها فى وطن أصابته الجراح من كل صوب، وأريقت فيه دماء لشهداء سقطوا وتخضبت الأرض الطاهرة بدمائهم الذكية، وحتى الآن لم يحاسب بدقة قتلة الشهداء والذين حصدوا أرواحهم البريئة، ورغم خطورة هذه القضية وأهميتها كأولوية على أجندة د. مرسى إلا أنها تحتاج لجهد عظيم وذكى للوقوف على القتلة الحقيقيين للشباب المصرى الحر لمحاسبة من اغتالوهم، ولقد كانت لفتة جيدة هى التى استقبل فيها مرسى بعض أسر الشهداء فى قصر الرئاسة، وهنا فقط طوقوه ليس بقلادة التهانى بقدر ما حاصروه أن يقدم إجابة شافية لهذه الزيارة!

لا أتحدث عن نجاح الثورة فهذا أمر مازال مشهده معروضاً على الساحة المصرية لكنى أتحدث عن إمكانية تحقيق الرئيس لمهامه ووعوده وعلى الأقل الوعد المبدئى الخاص بالمائة يوم الأولى، ماذا سيحدث لو لم يف بـ70٪ على الأقل رحمة بما يحمله على كاهله من إرث ثقيل، ماذا لو مرت هذه الفترة الابتدائية والأمور محلك سر؟

إن نجاح د. مرسى مرهون بالبدء الفعلى فى تنفيذ خطته الأولية التى بات كل مواطن شغوفاً لمعرفتها فى موعدها المحدد، ثم نأتى بعدها لما هو أهم فى الأجندة المثقلة بهموم وطن ومواطن تضنيه المعاناة وتحزنه ضآلة الأمل، الهم الأول والأكبر تحقيق العدالة فى كل المناحى وإيجاد رغيف الخبز النظيف وتوفيره وإيجاد فرص عمل لكل عاطل إلى آخر جميع المعاناة اليومية التى تكبدتها الجماهير، هل سيبحث الرئيس عن مستشارين خبراء فى كل الشئون من خارج الجماعة لحداثة عهدها بالعمل السياسى أم أنه سيكون أسيراً مطيعاً لجماعة لا ينسى انتماؤه إليها؟ هل سيفرق بين ليبرالى وإخوانى عندما يبحث عن تكوين فصيل يعمل للإنقاذ؟ هل سيتخلى عن جلباب ارتداه ردحاً من الزمن أم أن وطنيته ستكون الغالبة لأجل مصلحة البلاد، وهذا أدنى ما يتمناه المصريون. يجب أن نعترف من خلال هذه التساؤلات فهى مستقبل شعبنا العظيم أن الثورة المصرية لم تكتمل بعد، بل نحن نعيش الآن وقائعها ولا نعلم نحن فى أى زمن من أيام أو سنوات زمانها.. هذه هى الحقيقة التى يجب أن نقر بها طالما نحن نؤمن بها أيضاً، وكم هى كثيرة الأمثلة لشعوب استمرت ثورتها لسنوات حتى نالت ما اشتهته من عدالة وحقوق، فلا خير هنا أن تستمر الثورة حتى موعد الحصاد الحقيقى الذى يسعد الشعب المصرى ويطمئن ويرضيه بتحقيق العدالة والسلام الاجتماعى.

أما عن خطاب الدكتور مرسى فقد احتوى على تصريحات ووعود كثيرة لفئات متعددة إلا أنه للأسف لم يتحدث عن المثقفين والمبدعين والبحث العلمى والفنون والإبداع، فهو بذلك ينفذ أجندة الجماعة التى قال لنا أو سمعنا أنه انسحب منها؟

ليتك يا سيدى الرئيس لا تنسى وقل لنا لماذا تجاهلت هذه الفئات التى تمثل الجماعة الأولى فى كل المجتمعات العالمية التى تأتى بشعوبها نحو التقدم والسلام والرقى؟ قل لنا هل فى رأيك أو فى عقلك تدبير آخر لهم، أم أن ذلك حدث سهواً؟ حتى وإن كان ذلك فالأمر يحتاج إلى تصحيح وتوضيح! نحن نذكرك يا سيدى أن نجاحك أمام المرشح المنافس لك على منصب الرئيس لم يكن بالفارق العظيم الذى هللتم له فى التحرير بطريقة استباقية ذات خلفية فكرية معينة ونسبة النجاح هذه لا تعبر عن نجاح حصاده عالى الأصوات. إذن الأمر هنا يحتاج منك إلى جهد عظيم تثبت به لمن حرموك من أصواتهم بأنك الإنسان الباحث والساعى إلى إسعاد الجماهير جميعاً، فهل ستعمل لتكون رئيساً لكل المصريين، وليس العمل لأجل فصيل بعينه تجرى دماؤه فى جنباتك.

هل ستعمل على منح الأقباط حقوقهم المهضومة، هل ستسعى لأن تشعرهم بأنهم مواطنون من الدرجة الأولى وهذا حقهم المصرى الأصيل الذى أنكره عشرات رجال الدين وجموع كبيرة من الدعاة الذين خانهم معرفة صحيح الإسلام وإدراك ماهية حقوق الإنسان.

هل فى برنامجك هموم أهالى النوبة مملكة الزمان الغابر العريقة وشعبها المظلوم؟

هل فى خاطرك أيها الرئيس د. مرسى أرض سيناء لنمحو ما ألم بها من جماعات تخريب وخلايا للإرهاب.. هل ستعمل لتطهيرها ثم تعميرها وانصاف أهاليها الذين أنهكهم الحرمان والظلم؟ إن كنت قد جئت رئيساً محباً للكل لا تميز فأنت رئيس لكل المصريين أما إذا كنت ناقضاً لعهدك متجاهلاً لوعدك جانحاً عن خطوط تحدثت عنها، إن كنت كذلك يا سيدى، فثق أن المصريين قد أدركوا طريقهم الذى يكفل لهم نضارة حياتهم ولن يتخلوا عن هذا الطريق.

وإلا ماذا يعنى الطريق الثالث الذى يضم صفوة الأحزاب الليبرالية والتقدمية من اليمين إلى اليسار.. إنهم اجتمعوا بإحساس قلقهم على هذا الوطن، ونحن لا ننكر سعادتنا بوجود هذه المجموعات التى ستكون كتلة قوية تعمل على التذكير بالوعى النائم فى فكر كل مستنير وتخلق وعياً جديداً فى أعماق البسطاء الذى قدموا لنا مع أشقائهم الشباب الثورة الينايرية فهم أصحابها الحقيقيون.

السيد رئيس الجمهورية.. الثورة مستمرة ولم تعلن عن عيدها الحقيقى إلا بنجاح الرئيس فى أن يتمم آمال كل المصريين وتحقيق جميع طموحاتهم وأمنياتهم فى وطن يحبونه رغم كل المعاناة.. نعم إن الثورة ستكون اكتملت فى حالة واحدة وهى حينما يتحقق العدل المفقود والحقوق الضائعة ونجاح الاقتصاد وعودة الأمان الذى غاب عن قلوبنا وشوارعنا فأهلاً بكل من يعمل لأجل مصر، والميدان مازال قائماً لمن ينقض عهوده.

أخيراً: سُئل سلمان الفارسى ما الذى يبغض الإمارة إلى نفسك؟ فأجاب: حلاوة رضاعها ومرارة فطامها!

■ عضو اتحاد كتاب مصر

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.