رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البداية مع “الأجنحة المتكسرة”.. كواليس علاقة مي زيادة بـ جبران خليل جبران

جبران ومي زيادة
جبران ومي زيادة

تحل اليوم، ذكرى رحيل الكاتبة والمترجمة الفلسطينية مي زيادة ، التى رحلت عن عالمنا في 17 اكتوبر 1941 بالقاهرة، تاركة وراءها أثرا لا يمحي عن علاقة المرأة العربية بالثقافة والفن والأدب.

ويكشف لنا الكاتب الروائي  على حسن، صاحب رواية “أنا مي زيادة ” التفاصيل الكاملة لعلاقة مي بـ جبران خليل جبران  في السطور التالية..

قال الكاتب الروائي علي حسن: أستطيع بإيجاز القول إن علاقة مي بـ جبران بدأت منذ 1912 ، عندما قرأت "الأجنحة المتكسرة" ثم قامت بقراءة كلمته "الشاعر البعلبكي" في حفل تكريم الشاعر "خليل مطران" في الجامعة المصرية القديمة في ٢٤/٤/١٩١٣، بعدها كان التواصل عن طريق الرسائل، التي انقطعت تمامًا أثناء الحرب العالمية الأولى
وتابع صاحب رواية" أنا مي زيادة "ثم عادت المراسلات والمناقشات الأدبية، وتبادلا الأفكار وقراءة أعمالهما الإبداعية ونقدها، ثم خلاف فكري وتوضيح وجهة النظر، ثم انقطاع لشهور، ثم عودة واعتذار!.

جبران؛ يسبح في عالمٍ أثيري مُلغز غير مرئي، وطلاسم وأحجية يتعذر على أولى البصيرة فك شفراتها، يرفرف دائمًا فوق الغيام وبين الكواكب والنجوم والمجرات!


وأوضح حسن " والآنسة "مَيّ" تحاول أن تحلق معه، فتقع، ثم تنهض فتهوي، ثم تدعوه إلى عالمها النوراني الراسخ على الأرض كالجبال، لكنه عالم ممزوج بالورد والرياحين والطُهر كأنه الفردوس، وثقافتها الموسوعية تمنح عقلها مساحة شاسعة من تلك الأرض، لتنبت الأفكار، وتزهر المبادئ والقيم رؤى جديدة وتطلعات وتضحيات ونجاحات، وجبران يسايرها حينًا ويسحرها أحيانًا، لكنه فشل في أن يدخلها جرابه السحري!

 


أشار حسن الى ان مي زيادة سألته في رسائلها أن يحضر إلى مصر، فقال إنه يخشى ألا يعود، أخبرته: "سوف أسافر إلى أوروبا فتعال.." اختلق ألف عذر. ثم قال لها: "تعالي إلى أمريكا!"، "هذه دعوة إلى وليمة فنية فهلا تكرمتِ وشرفتينا!" كان يحثها على الهجرة وهو العليم بجواب فتاة هي وحيدة أبواها!


قال لها: "أحب صغيرتي غير أنني لا أدري بعقلي لماذا أحبها، ولا أريد أن أدري بعقلي. يكفي أنني أحبها، يكفي أنني أحبها بروحي وعقلي..." 


وواصل حسن حديثة قائلا: قالت له: "يا مصطفى.."، " لما كنت أجلس للكتابة كنت أنسى مَن أنت، وأين أنت، فأكلمك كما أكلم نفسي، وأحيانًا كأنك رفيقة لي في المدرسة"، "ومرت أسابيع ستة أو سبعة دون أن أكتب لأني كنت أقول لنفسي: "يجب أن نقف هنا". 

ثم تبوح بسرها الدفين: "جبران: كتبت كل هذه الصفحات ضاحكة لأتحايد قول "أنك محبوبي" لأتحايد كلمة الحب.... “ما معنى هذا الذي أكتبه؟ إني لا أعرف ماذا أعني به، ولكني أعرف أنك محبوبي، وإني أخاف الحب. إني انتظر من الحب كثيرًا فأخاف ألا يأتيني بكل ما انتظر!”.

فيجيبها "جبران خليل جبران" الذي عرفناه آنفًا - بتناقضاته، عقده، ألغازه، أسئلته العبثية- بقوله:
" تقولين لي إنك تخافين الحب. لماذا تخافينه يا صغيرتي؟ أتخافين الشمس؟ أتخافين مد البحر؟ أتخافين طلوع الفجر؟ أتخافين مجيء الربيع؟ لماذا يا ترى تخافين الحب؟...... لا تخافي الحب يا مي، لا تخافي الحب يا رفيقة قلبي، علينا أن نستسلم إليه رغم ما فيه من الألم والحنين والوحشة، ورغم ما فيه من الالتباس والحيرة"


وختم حسن لذلك كتبت "مَيّ" بخطها إلى جانب صورة جبران في بيتها "وهذه مصيبتي منذ أعوامٍ!


ويحكِ يا "مَيّ".. وَا أَسَفَاهُ على قلبكِ "هل مِن الرحيقِ يَمنحُ الذبابُ عسلًا؟!".