مستوطنات جديدة للأشباح.. "فراغ كبير" يتسع فى شمال إسرائيل
تعيش المناطق الشمالية من إسرائيل حالة من التوتر الشديد نتيجة التصعيد الأخير والمستمر بين القوات الإسرائيلية وحزب الله اللبناني، فقد أسفرت المناوشات العسكرية عن نزوح جماعي لأكثر من 60 ألف شخص، مما حول العديد من المناطق إلى مدن أشباح.
تسلط التقارير الإعلامية، من بينها ما نشرته مؤخرًا صحيفة "فاينانشيال تايمز"، الضوء على الدمار الذي لحق بالبنية التحتية وتدمير الممتلكات في شمال إسرائيل، إضافة إلى فقدان الأرواح، ومع استمرار العمليات العسكرية، تتزايد المخاوف المستوطنين واضطرابهم وقلقهم بخصوص مستقبلهم في هذه المنطقة الذي استوطنوها سنوات.
الأوضاع في كفار جلعادي وكفار يوفال
تُظهر الصور والأخبار القادمة من منطقة كفار جلعادي، وهي "كيبوتس" يقع على بُعد أقل من كيلومترين من الحدود اللبنانية، آثار الدمار الذي لحق بأماكن المستوطنات، إذ تعرضت المنازل إلى طلقات نارية من الجانب اللبناني.
كما أنه وفي منطقة كفار يوفال، تحولت الحقول إلى أراضٍ سوداء بسبب النيران الناجمة عن القذائف المتكررة.
الدمار الناجم عن القتال
تشير التقارير إلى أن الأضرار التي لحقت بهذه المناطق هي نتيجة لعدة أشهر من الصراع المستمر، فقد تسببت هجمات حزب الله على جيش العدو، في تدمير المباني وإغلاق الشركات، مما أدى إلى فقدان الأرواح من المستوطنين والجنود على حد سواء.
هذه الأوضاع أدت إلى أكبر عملية إخلاء يشهدها الشمال الإسرائيلي منذ ادعاء هذا الكيان قبل أكثر من 70 عامًا.
ردود الفعل الإسرائيلية على التصعيد
كانت قد ردت إسرائيل بشكل حاد على الهجمات، إذ قامت بقتل حسن نصر الله الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية، وهذا التصعيد العسكري أثار مخاوف من احتمال اندلاع حرب شاملة، حيث بدأ السكان يتساءلون عن إمكانية العودة إلى حياتهم الطبيعية، فالمناطق التي استوطنوها وعاشوا بها على مدى العقدين الماضيين دون أن يؤرقهم أحد، أصبحت الآن بؤر توتر وقلق.
تأثير الحرب على المستوطنين
تشير التجارب الشخصية للسكان حسب ما نشرت بعض التقارير العالمية عن إحباطهم إذ أدركوا بعد بدء الهجمات أن الواقع قد تغيّر بشكل جذري.
يقدر إلى أن حتى شهر 8 الماضي تم إغلاق حوالي 30% من الشركات الناشئة في الجليل الشرقي بسبب هجمات حزب الله.
كان بدأ حزب الله هجماته على شمال إسرائيل بعد الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر، واعتبرت هذه الأعمال "تضامنًا" مع الحركة، ومنذ ذلك الحين، تتواصل المناوشات بشكل شبه يومي، مما أسفر عن نزوح 60 ألف شخص في شمال إسرائيل و95 ألف شخص في جنوب لبنان حتى شهر أغسطس الماضي، ووفقًا للتقارير، قُتل أكثر من 40 شخصًا في إسرائيل، بينما بلغ عدد القتلى في لبنان نحو 470.
الأضرار الناجمة عن الهجمات
ووفقًا لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، فقد أشعلت صواريخ حزب الله أكثر من 710 حرائق غابات، مما أدى إلى احتراق حوالي 105 كيلومترات مربعة من الأراضي.
وفي المدن مثل كريات شمونة، التي كانت تعد موطنًا لحوالي 24 ألف نسمة، أصبحت الآن شبه خالية، فمعظم الشركات أغلقت، والطرق المؤدية إلى الحدود مُغلقة بنقاط تفتيش، حيث يُشير السكان إلى أن ما بين 2000 إلى 3000 شخص فقط بقوا، وهم مجموعة من العمال الأساسيين وبعض السكان الذين رفضوا مغادرة منازلهم.
الأثر الدائم على البنية التحتية
وحسب أحد ضباط الأمن في كريات شمونة في حديث صحفي قال أنه قد تعرضت المدينة لأكثر من 700 قذيفة منذ 8 أكتوبر، بما في ذلك استخدام أسلحة جديدة لم تُستخدم من قبل، وفقًا للتقارير، وتعرض 66 مبنى لإصابات مباشرة، بينما تأثرت 1100 مبنى بأضرار جانبية نتيجة الشظايا.
ا
نظرًا لصعوبة الوصول إلى بعض المناطق، تم استخدام تكنولوجيا الصور الفضائية لتقدير حجم الأضرار، تحليل الصور بالأشعة تحت الحمراء والرادار ساعد في تحديد المناطق المحترقة والهياكل التي تعرضت لأضرار واسعة النطاق، وتظهر الصور أن الأضرار تتجاوز ما يمكن أن يُسجل بواسطة الفرق الأرضية، مما يعكس حجم الدمار الذي لحق بالمناطق المستهدفة.
ويظهر الواقع في الشمال الإسرائيلي الفوضى والخراب الذي وصل إليه، كما يظهر مدى تحديات جيش الاحتلال لإعادة الوضع كما يأمل.