قصة اختراق كبرى محطات قطارات لندن بعبارة "مسيئة للإسلام"
شهدت بريطانيا حادثة خطيرة في الأيام القليلة الماضية تمثلت في اختراق إلكتروني واسع استهدف منظومة الإنترنت اللاسلكي “الواي فاي” التابعة لمحطات القطارات الكبرى، حيث ظهرت رسائل معادية للإسلام أثارت الذعر بين الركاب وأعادت إشعال التوترات القائمة حول العنف الموجه ضد المسلمين في البلاد.
وجاء هذا الحادث في وقت حساس، خاصة بعد أعمال الشغب الأخيرة التي اجتاحت عدة مناطق في المملكة المتحدة، عقب انتشار شائعات كاذبة تتهم مهاجرًا مسلمًا بتنفيذ هجوم أودى بحياة ثلاث فتيات.
وتلقت شرطة النقل الإنجليزية بلاغات من عدة ركاب حول ظهور رسالة معادية للإسلام على شبكات الواي فاي الخاصة بمحطات القطارات الكبرى في لندن ومدن أخرى.
وأوضحت الشرطة، أن الرسالة احتوت على تهديدات تشير إلى هجمات إرهابية، مما أثار حالة من القلق بين مستخدمي شبكة الإنترنت في تلك المناطق.
سرعان ما بادرت شركة "نت ورك رايل"، المشغلة للسكك الحديدية في بريطانيا، إلى إيقاف الخدمة بشكل مؤقت كإجراء احترازي، في محاولة للحد من انتشار الرسالة وتخفيف الأضرار.
وفي بيان صدر عن الشركة، أكدت أن الاختراق لم يمس البيانات الشخصية للمستخدمين، موضحة أن الهجوم استهدف الصفحة الترحيبية الخاصة بالخدمة التي تديرها شركة "غلوبال ريتش"، أحد مزودي خدمات الإنترنت.
وحسب ما ورد، فإن الهجوم نُفذ عبر وصول غير مصرح به إلى حسابات إدارة الموقع الخاص بخدمات الإنترنت اللاسلكية، ومنذ وقوع الحادث، تعمل الشرطة البريطانية بالتعاون مع "نت ورك رايل" و"غلوبال ريتش" لتحديد هوية المهاجمين، والحد من انتشار الرسائل المعادية التي تهدد أمن واستقرار البلاد.
وفي تصريح لشرطة النقل البريطانية، أكد المتحدث الرسمي أن التحقيقات جارية بوتيرة سريعة، وأن الشرطة تحرص على متابعة كل الأدلة المتاحة للوصول إلى الفاعلين، وأضاف أن الحادث يأتي في إطار سلسلة من الحوادث التي تسعى إلى زعزعة الأمان الاجتماعي، عبر التلاعب بالخدمات العامة الحيوية مثل شبكات النقل.
تصاعد التوترات المعادية للإسلام
وتزامنت هذه الواقعة مع موجة من أعمال العنف والاضطرابات التي شهدتها بريطانيا خلال الأشهر الأخيرة، حيث تصاعدت الاعتداءات المعادية للمسلمين بعد مقتل ثلاث فتيات في حادثة بشعة نُسبت خطأً في البداية إلى مهاجر مسلم، وهو ما أثار موجة من الكراهية والتحريض ضد الجالية المسلمة.
ولم يكن هذا الاختراق أول حادثة تُستغل فيها التكنولوجيا الحديثة لبث رسائل معادية للإسلام، ففي السنوات الأخيرة، استُخدمت وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية بشكل متزايد كأدوات للتحريض ونشر خطابات الكراهية ضد الأقليات، لا سيما المسلمين، مما يثير تساؤلات حول ضرورة تعزيز التدابير الأمنية الإلكترونية وفرض رقابة أكثر صرامة على محتوى الإنترنت.
كما تشير هذه الحادثة إلى وجود تصعيد متزايد في استهداف المسلمين داخل المملكة المتحدة، وتبرز ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة للتعامل مع هذه الظاهرة، إذ أن اختراق منظومات خدمات الإنترنت العامة ليس مجرد عمل تخريبي عادي، بل هو استهداف مباشر لفئة معينة داخل المجتمع، باستخدام التكنولوجيا لنشر رسائل تحريضية وكراهية.
وقد أثارت حادثة الاختراق تعاطفًا كبيرًا من قبل العديد من المنظمات الحقوقية والمجتمعية في بريطانيا، التي دعت إلى ضرورة تعزيز روح الوحدة والتسامح بين مختلف مكونات المجتمع، فمثل هذه الأحداث تعكس الحاجة الملحة إلى مكافحة خطابات الكراهية التي تنتشر عبر الإنترنت، والتي غالبًا ما تكون وراء تصاعد العنف والتوترات في المجتمعات.
كما طالبت هذه المنظمات بضرورة العمل على نشر الوعي حول خطورة المعلومات المضللة التي تُستخدم لإثارة الفتن، داعية الحكومة إلى فرض رقابة أكثر صرامة على منصات التواصل الاجتماعي والمواقع التي تُستخدم لنشر خطاب الكراهية. وأكدت هذه الجهات أن الاستجابة السريعة والفعالة من قبل السلطات والشركات المعنية تعكس جدية التعامل مع هذه الحوادث، لكنها شددت على ضرورة تبني سياسات طويلة الأمد تضمن الحد من تكرار مثل هذه الهجمات.