رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نازحون لـ«الدستور»: نفر من القصف إلى الشمال.. وأبناء بيروت: الأهالى ناموا على الأرصفة وفى المدارس

جريدة الدستور

يعيش أهالى جنوب لبنان أيامًا عصيبة بسبب القصف الإسرائيلى المستمر منذ أيام، مع استهداف المدنيين العزل داخل منازلهم، ما دفع العديد من الأهالى للنزوح نحو الشمال والمناطق البعيدة عن القصف.

وقال رامى ذيب، من سكان منطقة شبعا والنازح إلى حاصبيا، بسبب القصف، إن الأوضاع حاليًا متوترة، وهناك غارات متواصلة ليل نهار، مضيفًا «نحيا وسط إحساس صعب وحزن عميق لمفارقة منازلنا وقرانا وضياعنا».

وأوضح، فى حديث لـ«الدستور»، أنه نزح منذ بدء التصعيد، أى مذ نحو عام، لكنه كان يتردد على منزله وباقى أسرته من وقت إلى آخر، منوهًا إلى أنه مع تطور الأوضاع فى الفترة الأخيرة أصبحت العودة للمنزل صعبة للغاية، خاصة مع دمار كثير من المنازل والأبنية، ووقوع المئات من الشهداء والمصابين.

وأضاف «زوجتى تعمل معلمة بإحدى مدارس شبعا، وبقيت هناك مع طفلين من أطفالنا، وأنا فى حاصبيا مع طفلنا الثالث، وأخشى حاليًا من التنقل مرة أخرى على الطرقات، ولا أعرف كيف أعود إليهم، خاصة أن التكاليف المادية لكل شىء تزداد، واللجوء يعنى إنفاق مصاريف إضافية كثيرة».

فيما قال عبدالله نعمة، من سكان مدينة صور، والذى نزح مع عائلته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، إن الوضع بالجنوب خطير، ولا يستطيع أحد أن يتحمل القصف المستمر والاستهداف الإسرائيلى.

وأضاف لـ«الدستور»: أكثر من نصف مليون لبنانى من صور والحوش وبرج الشمالى والنبطية والبقاع وإقليم التفاح وغيرها نزحوا إلى بيروت والشمال، وخرجنا من منازلنا فى أكثر من ٦٦ بلدة ونحن نحمل الأمتعة المهمة فقط، وكل ما يمكننا حمله، وتركنا خلفنا منازلنا وذكرياتنا ولا نعلم إن كنا سنرجع إليها أم لا».

وأوضح، أنه كان يملك شقة فى العاصمة بيروت لجأ إليها، ومعه عدد من الأسر من منطقة صيدا، مشيرًا إلى أن باقى النازحين لجأوا إلى أقارب آخرين، خاصة فى منطقة الجبل.

واستطرد: «هناك أشخاص تعرضوا لصدمة عصبية بسبب القصف القريب من منازلهم، وأحد جيرانى، ويدعى محمد سروجى، ويبلغ من العمر ٥٣ عامًا، تعرض لأزمة عصبية ونفسية، بسبب ضرب الطيران الإسرائيلى بجوار منزله بالحوش فى مدينة صور، ما أثر على حالته الصحية».

فى الوقت نفسه، قالت إيمان شامى، من سكان بيروت، إن المدينة أصبحت تعج بأهالى الجنوب النازحين، فى كل مكان، بعد أن افترشوا الأرصفة خوفًا من القصف وناموا بالطرقات، وناشدوا كل الأجهزة فقط تأمين مياه الشرب، خاصة أنهم علقوا بسياراتهم فى الشوارع المزدحمة طوال يوم كامل.

وأضافت لـ«الدستور»: «الوضع مأساوى، وهناك المئات من الأسر النازحة التى لجأت إلى مدارس الحى، لعدم توافر أقارب لها فى بيروت، أو عدم توافر الإمكانات لاستئجار شقق سكنية».

وتابعت: «تواصلت مع جميع الجمعيات الموجودة فى بيروت، وأكدت أننى على كامل الاستعداد لاستقبال أى عائلة نازحة فى منزلى، فنحن شعب واحد، وعلينا أن نقف جنبًا إلى جنب فى ظل هذه الظروف الصعبة، فنحن شعب نحب الحياة، بكل معنى الكلمة، ونقول لجميع الأحزاب والخلافات السياسية كفى، دعونا نعيش بسلام فى لبنان».

من جانبها نقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية شهادات من النازحين، مشيرة إلى أن العدوان الإسرائيلى عل جنوب لبنان أسفر عن استشهاد أكثر من ٦٠٠ لبنانى، من بينهم ٥٠ طفلًا و٩٤ امرأة و٩ مسعفين، مع فرار آلاف المدنيين من المناطق الجنوبية اللبنانية القريبة من الحدود.

وتابعت «فى الجنوب، كانت الطرق المتعرجة فى القرى، والطرق السريعة متعددة الحارات، مكتظة بحركة المرور لعدة أيام، حيث كان السكان، بمن فيهم الأطفال وكبار السن والحيوانات الأليفة للعائلة، مكدسين جميعًا فى السيارات وسيارات الأجرة والشاحنات الصغيرة والشاحنات التى كانت تتحرك ببطء إلى الأمام فى البداية، قبل التوقف أثناء توجههم شمالًا خارج صيدا منذ الثلاثاء الماضى».

وذكرت «واشنطن بوست» أن جنوب لبنان شهد نزوح أكثر من ١١٠ آلاف شخص، قبل تصاعد التوترات يوم الإثنين الماضى.

وقال نعيم خشيش، ٦٣ عامًا، للصحيفة الأمريكية، إنه كان فى حديقته عندما ضربت الصواريخ الإسرائيلية المبنى المجاور، وأسفرت الغارة عن مقتل ٨ أفراد من عائلة جاره، مع كسر ضلوعه وساقيه وتمزيق جلده.

فيما قالت سيدة أخرى، رفضت نشر اسمها: «كانت بنت شقيقتى تقود السيارة قبل أن تصيبها الشظايا التى شقت وجهها، وقتلت والدتها وشقيقتها».

وقالت حنان حمد، ٤٥ عامًا، إنها قادت سيارتها يوم الإثنين الماضى، من جنوب شرق صيدا، مع زوجها وأطفالها ووالدة زوجها، لمدة ٩ ساعات، مضيفة «كانت الضربات فى كل مكان، وإحداها جاءت بالقرب من الطريق الذى كنا عليه، لدرجة أنها حطمت نوافذ السيارة».

وأشارت إلى أن المكان الوحيد الذى تمكنوا من العثور عليه للمبيت كان مدرسة فارغة فى وسط صيدا، تم تحويلها على عجل إلى مأوى للنازحين.