مفتى كاليفورنيا: الصوفية أهل ذكر وعبادة والتصوف برىء من المنفلتين
قال الدكتور بلال الحلاق، مفتى كاليفورنيا وأحد مقدمى الطريقة القادرية الصوفية: لقد حزنا كثيرًا للهجوم الذى لحق التصوف والصوفية فى مصر والعالم، بسبب ما فعله أحد الأشخاص المحسوبين على أهل التصوف مع أنه مفصول، ولذلك فنحن نؤكد أنت التصوف برىء من هذه الأفعال غير المنضبطة وغير السوية، فالتصوف برىء من المنفلتين.
وأوضح "الحلاق" أن العمل المرضي عند الله اجتماع السادة الصوفية فى حلق الذكر وعمل الموالد التى فيها ذكر الرحمن ومدح خير الأنام، وينبغي على الصوفي الصادق أن يقدم بالعمل ليتبع الناس على هدى وعلم وصفاء، فالإنسان الصوفى مسئول عن العهد الذى أخذه من شيخه، ومخالفة المريد لهذا العهد يعرضه لغضب المولى سبحانه وتعالى.
وواصل: فالعمل الصلاح ينبغي أن يكون خالصًا لا يراد به إلا وجه الله -عز وجل- وثوابه الذي أعدّه لعباده في الدار الآخرة، فلا ينبغي إتيان صورة الأعمال الصالحة ابتغاء غرض دنيوي أو مقاصد آنية من شهرةٍ أو سمعةٍ أو غير ذلك من خوارم النية المبطلة لها المحبطة للثواب. فالقصد الأعظم عبادة الله. فإن عبدت الله وكان عملك مقبولًا عنده لا يضرك مدحك الناس أو ذموك. يقول الله تعالى {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}. فطوبى لمن أرضَى اللهَ بِسَخَطِ الناسَ وبئس من أَرْضَى النَّاسَ بسخَطِ اللهِ، وفى الحديث القدسي يقول الله -جل وعلا-: "أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ مَعِي فِيهِ غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ" وفي لفظ: "وأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ".
وأوضح: الصوفي يعمل متخفيًا عن عيون الخلق مريدًا وجه الله ويكفيه أن الله يعلم به، يحكي عن فقير صوفي له دكان يعتاش منه وكانت زوجته ترسل معه طعام الغداء بوعاء ليأكله في الدكان فكان ينوي الصيام ويتصدق بالطعام واذا ما رجع بعد المغرب إلى داره أكل العشاء مع أهله ورد الوعاء لزوجته فرغًا بقى على هذا الحال عشرين سنة يصوم النفل وزوجته معه في البيت تحت سقف واحد لا تعلم به أنه صائم، هكذا سلوك أهل الله، لا يريدون إلا رضا الله وهذا أمر يحتاج إلى مجاهدةٍ تامة، ولهذا قال الأوزاعي رحمه الله: "ما عالجتُ شيئًا أشد عليَّ من نيتي"، فالنية تتفلت وهي تحتاج من العبد إلى معالجة دائمة مستمرة ليصفو العمل وليكون خالصًا لا يبتغى به إلا الله تبارك وتعالى، والدار الآخرة التي هي دار الثواب والجزاء على الأعمال، اسمع معي كيف قال الرسول صلى الله عليه وسلم لرجل قال له يا رسول الله رجلٌ يريد الجهاد وهو يَبْتَغِى عرضًا من الدنيا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا أجرَ له» فأعظمَ ذلك الناسُ فقالوا للرجل عُدْ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فلعلك لم تفهمْهُ فقال الرجلُ يارسول الله رجلٌ يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغِى من عرض الدنيا فقال «لا أجر له» رواه الثقات وصَحَّحُوهُ.