رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيد درويش.. 101 عام على رحيل فنان الشعب

سيد درويش
سيد درويش

تحل اليوم الذكرى 101 لرحيل "فنان الشعب" سيد درويش، الذي غيّر بوصلة الموسيقى المصرية والعربية إلى الأبد. على الرغم من رحيله المبكر عن عمر 31 عامًا فقط، إلا أن إرثه الفني لا يزال ينبض بالحياة في كل زاوية من الثقافة الموسيقية المصرية. ترك وراءه إرثًا من الألحان والأغاني التي تلامس وجدان الشعب، وتحتفي بروح الثورة والتغيير.

لم يكن سيد درويش موسيقيًا بارعًا فقط، بل ولد رائدًا للتجديد في عالم الموسيقى. فبفضل جرأته وابتكاره، أدخل الآلات الغربية مثل الكمان والبيانو إلى الموسيقى العربية التقليدية، ليخلق نوعًا جديدًا من المزج بين الشرق والغرب. كانت ألحانه بسيطة في ظاهرها، لكنها حملت أكثر من ذلك في معناها، إذ عبرت عن هموم الناس وآمالهم.

بدأ درويش مسيرته الفنية في سن مبكرة في حي كوم الدكة بالإسكندرية، حيث تعلم العزف على العود وبدأ بتأليف الأغاني والمسرحيات الموسيقية. كانت أعماله الأولى، مثل "زوروني كل سنة مرة" و"البحر بيضحك ليه؟"، بداية لانطلاقة قوية جعلته سريعًا يحتل مكانة كبيرة في قلوب المصريين.

في بدايات القرن العشرين كان المسرح المصري يشهد نهضة جديدة، وكان سيد درويش في قلب تلك النهضة، إذ قدم العديد من الأوبريتات والمسرحيات الغنائية، مثل "الست هدى" و"العذراء"، التي لاقت نجاحًا كبيرًا. لكنه لم يتوقف عند المسرح فقط، بل استخدم موسيقاه كأداة للتعبير عن مشاعر الشعب، خاصة خلال فترة ثورة 1919. فقد أصبحت ألحانه تعبيرًا عن نبض الجماهير، وملهمة لحركات التحرر.

ولا يمكن الحديث عن سيد درويش دون التطرق إلى تأثيره الثقافي العميق. ألحانه الخالدة لا تزال تُردد في الأفراح والمناسبات الوطنية، وكلماته تحيا في الذاكرة الجماعية للمصريين. حتى اليوم، يُعتبر سيد درويش أيقونة للمقاومة والإبداع، ليس فقط عبر ما قدمه من أعمال فنية، بل في قدرته على إحياء وجدان الشعب وإحداث نهضة موسيقية كاملة.

ورغم مرور أكثر من قرن على وفاته، يبقى سيد درويش حاضرًا في وجدان المصريين. أغانيه مثل "زوروني كل سنة مرة" تعكس رغبة أبدية في البقاء والاتصال، ليبقى فنان الشعب رمزًا للتراث الموسيقي الذي لا يموت، متجددًا في كل مرة يعاد غناء ألحانه. وتكريمًا لإرثه، تم إطلاق اسمه على العديد من المؤسسات الثقافية في مصر، من بينها مسرح سيد درويش في الإسكندرية، المكان الذي شهد بزوغ نجمه الأول.